اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حين يحل عيد الأم، يتسابق الأبناء ليحيطوا أمهاتهم بالحب، يعبّرون عن امتنانهم، يقدمون الهدايا، وتعلو الضحكات في البيوت. لكنه في بلادنا، وبينكن أنتن، أمهات الشهداء، يأخذ العيد معنى آخر، معنى أعمق من كل احتفالات الدنيا. هنا، عيد الأم ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو ذكرى نضال، حكاية صبر، ومسيرة وجع تحمله القلوب بفخر لا ينكسر.

كيف نهنئكن، وقد قدمتن فلذات أكبادكن قرابين للحرية، ليحيا الوطن ونحيا نحن بعزة؟ كيف نقول "عيد سعيد"، وأي سعادة تكتمل بعد فراق من كانوا نور بيوتكن، وسند أيامكن، وضحكاتكن التي كان لها نغم الشرف والمقاومة؟

في العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان، سالت دماء شبابنا لتكتب فجرًا جديدًا، دماءٌ كانت عنوان الكرامة في وجه الطغيان. لم يكونوا مجرد أبناء، كانوا رجالًا حملوا في صدورهم الإيمان بقضيتهم، ومضوا إلى الميدان لا يهابون الموت، لأنهم كانوا يعلمون أن شهادتهم حياة لنا جميعًا. مضوا، لكنهم لم يرحلوا، فهم في كل زاوية من أرضنا، في هواء بلادنا، في نبض قلوبنا، في حكايات مجدنا، وفي عيونكن التي ما انكسرت يومًا.

يا أمهات الأبطال، يا من صنعتم لنا رجالًا علمونا معنى البطولة والإباء، يا من علمتمونا أن دمعة الحزن يمكن أن تمتزج بالفخر، وأن لوعة الفقد قد تتحول إلى وقود لمواصلة الطريق. ما أعظمكن! كيف احتملتن هذا الوجع؟ كيف حملتن على أكتافكن نعوش أبنائكن، لكن رؤوسكن بقيت مرفوعة لا تنحني إلا لله؟ كيف مسحتم دموعكن بآيات الصبر واليقين، وأقسمتن أن هذه الدماء لن تذهب هدرًا؟

في عيدكن، نقف نحن المخجلون أمام تضحياتكن، نحني رؤوسنا إكرامًا لصبركن، نقبل التراب تحت أقدامكن، لأنكن أنتن الأمهات الحقيقيات للوطن كله. أنتن من ربيتن رجالًا عشقوا الأرض حتى وهبوها أرواحهم. أنتن من صنعتم لنا أبطالًا نقشوا أسماءهم بدمائهم الطاهرة في سجل المجد.

كل عام وأنتن صانعات الفجر، كل عام وأنتن رمز التضحية، كل عام وأنتن من يجعل للأمومة معنى أسمى من كل كلمات الأرض. في عيدكن، لا نملك إلا أن نقول: سلام عليكن، وسلام على من رحلوا ليبقى الوطن.

الأكثر قراءة

ترقب لمزيد من الضغوط الأميركيّة... أورتاغوس تنتقد الجيش؟! القوانين الانتخابيّة الى «مقبرة اللجان»... والبلديّات في أيار خطة أمنيّة لطرابلس وعكار... ووزير الدفاع في دمشق غداً