اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعد انقطاع الطمث المبكر من القضايا الصحية التي أثارت اهتمام الباحثين في السنوات الأخيرة، نظرًا الى تأثيراته العميقة في صحة المرأة الجسدية والنفسية، وأبرزها تدهور صحة الدماغ. بينما يُعد انقطاع الطمث عملية بيولوجية طبيعية تمر بها جميع النساء عادةً في سن تتراوح بين 45 و55 عامًا، إلا أن بعض النساء قد يواجهن هذه المرحلة في وقت أبكر بكثير، وهو ما يُعرف بانقطاع الطمث المبكر، الذي يحدث قبل سن الأربعين. وقد ربطت دراسات حديثة هذا الانقطاع المبكر بزيادة مخاطر الإصابة بتدهور القدرات الإدراكية، والضعف المعرفي، وحتى أمراض الخرف والزهايمر.

ترتبط العلاقة بين انقطاع الطمث المبكر وصحة الدماغ بشكل أساسي بتراجع مستوى هرمون الإستروجين في الجسم، وهو الهرمون الذي يؤدي دورًا محوريًا في حماية الدماغ. فالإستروجين لا يقتصر تأثيره على الوظائف التناسلية فقط، بل يمتد ليشمل الحفاظ على صحة الأوعية الدموية، وتنظيم عملية التمثيل الغذائي في الدماغ، وتعزيز الاتصال بين الخلايا العصبية. وعندما ينخفض هذا الهرمون بشكل مفاجئ أو مبكر، يصبح الدماغ أكثر عرضة للالتهابات والإجهاد التأكسدي، وهي عوامل تسهم بشكل كبير في ضعف الذاكرة، وتراجع التركيز، وصعوبة التعلم.

وقد أظهرت الأبحاث أن النساء اللاتي مررن بانقطاع الطمث المبكر، بخاصة اللواتي لم يتلقين علاجًا تعويضيًا بالهرمونات، أكثر عرضة بنسبة تصل إلى 30% للإصابة بأمراض الذاكرة، مقارنة بنظيراتهن اللاتي مررن بسن اليأس في الوقت الطبيعي. إضافة إلى ذلك، كشفت دراسات تصوير الدماغ عن وجود انخفاض في حجم بعض المناطق الدماغية المرتبطة بالذاكرة والإدراك لدى هؤلاء النساء، لا سيما منطقة الحُصين (Hippocampus)، التي تُعد مركز الذاكرة في الدماغ.

من ناحية أخرى، لا يمكن إغفال العوامل النفسية المصاحبة لانقطاع الطمث المبكر، والتي تساهم بدورها في تدهور صحة الدماغ. فالتقلبات المزاجية، والقلق، والاكتئاب، والتي تعتبر شائعة في هذه المرحلة، تُعد من العوامل المسببة لضعف الذاكرة والإدراك على المدى الطويل. كذلك، قد يؤدي التغير المفاجئ في نمط الحياة والاضطرابات الهرمونية إلى اضطرابات النوم المزمنة، التي تُضعف من قدرات الدماغ وتعيق عملية الترميم العصبي التي تحدث خلال النوم.

وبالرغم من التحديات التي يفرضها انقطاع الطمث المبكر، فإن هناك سُبلًا للحد من تداعياته السلبية على صحة الدماغ. من بين هذه السُبل العلاج بالهرمونات التعويضية، الذي يهدف إلى تعويض نقص الإستروجين في الجسم، ما يساعد في حماية الخلايا العصبية من التلف، وتحسين تدفق الدم إلى الدماغ. كما أن الحفاظ على نمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة الغنية بمضادات الأكسدة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، والمشاركة في الأنشطة الذهنية والاجتماعية، يساهم في تعزيز صحة الدماغ والوقاية من التدهور المعرفي.

في الختام، يُعد انقطاع الطمث المبكر مؤشرًا هامًا يستدعي اهتمامًا طبيًا خاصًا، لما له من آثار محتملة في صحة الدماغ. ومن المهم أن تكون النساء على دراية بهذه العلاقة، وأن يتلقين الدعم والرعاية اللازمة لمواجهة هذه المرحلة بوعي واطمئنان، حفاظًا على جودة حياتهن وسلامتهن الذهنية.

الأكثر قراءة

العدو يتذرع بصواريخ مجهولة لتوسيع اعتداءاته ووضع لبنان تحت النار الرئيس عون يحذّر من ضرب مشروع انقاذ لبنان وحزب الله ينفي علاقته ويقف خلف الدولة تعيين حاكم مصرف لبنان ينتظر الحسم الداخلي والخارجي... ووزير الدفاع الى دمشق قريبا؟