من «صفر ــ صفر» الى «العين بالعين»!
هل تجد أوروبا حلولاً «عقلانية» لما تعتبره «جنون» الضرائب الجمركية الأميركية ضدها؟! وهل هذه الحلول موجودة بأي شكل من الأشكال؟! على الأرجح لا!
تدرك بلدان الاتحاد الأوروبي أن أي إعلان لحرب تجارية على حرب الولايات المتحدة المعلنة ضدها سيكون عالي التكلفة عليها وعلى اقتصاداتها وعلى مواطنيها وعلى شركاتها وعلى مستهلكيها، بمعزل عن تأثيرها الهائل أيضاً في الاقتصاد الأميركي.
وهي تدرك أنها في كل الأحوال لا يمكنها المواجهة «بالمفرق»! بل تحتاج الى قرارات «أوروبية» موحدة باعتماد «دفاع المنطقة» في وجه الهجمات الأميركية التي تضربها في قلب «منطقة الجزاء»، وليست بعيدة عن ترجمة هجماتها الى سلسلة أهداف في الشباك الاقتصادية!
هذا مع العلم أن حجم التصدير الأوروبي الى الولايات المتحدة هو 606 مليار دولار سنوياً. وهو يفوق حجم الاستيراد الأوروبي منها بكثير، والبالغ 370 مليار دولار فقط. والرئيس ترامب يريد ردم هذه الهوة وهذا العجز في الميزان التجاري بينهما!
ولهذا السبب ما تزال أوروبا تتريث في مواجهة عمالقة التكنولوجيا الأميركية. لأنها تدرك أنها ستبلغ حينئذ نقطة اللاعودة في المواجهة!
ومع ذلك، فقد تعلن أوروبا الحرب التجارية على الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وبالتالي على الولايات المتحدة رغماً عنها! أي «مرغم أخوك لا بطل»!
وإعلان الحرب الأوروبي، سيكون رداً على الحرب العالمية التجارية «الترامبية»، التي تهرب الى الأمام بدلاً من أن تعترف بقساوة فاتورتها «الوول ستريتية» الموجعة، والتي قد تعرِّض الشركات الأميركية (كما الأوروبية)، أو قسماً كبيراً منها لمخاطر الإفلاس!
شركتا تسلا وأبل خسرتا 6% في «وول ستريت»! وشركات النفط والغاز الغربية تفقد الكثير من قيمتها السوقية. في حين تستمر كل المؤشرات من داو جونز وناسداك وغيرها في «الغرق» وخسارة النقاط!
وفي محاولة لتجنب الحرب التجارية، وفي محاولة للوصول الى تسوية «سلمية» تحفظ لأوروبا «عزتها» الاقتصادية، عرضت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على الرئيس ترامب عرضاً «عادلاً» بعنوان: «صفر - صفر»!
ويتلخص العرض بإسقاط أوروبا ضرائبها على السيارات الأميركية وعلى عدد من المنتجات الصناعية الى الصفر مقابل صفر من الضرائب الأميركية على المنتجات الأوروبية المشابهة!
لم يقبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعرض فون دير لاين. وقد عبّر ترامب صراحةً أن العرض الأوروبي غير كافٍ. وأنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يشتري من منتجات الطاقة الأميركية بقيمة 350 مليار دولار.
أي يقترح الرئيس ترامب، مقابل «الصفر - صفر» أن ترفع أوروبا مشترياتها من النفط والغاز الأميركيين بزيادة سنوية يمكن أن تصل الى حوالى 70 مليار دولار!
ويعتبر المسؤولون الأوروبيون أن شراء هذه الكمية «مستحيل» لأنها تفوق حاجة الأسواق الأوروبية، مؤكدين أنه لا يمكن أن يُفرض عليها قرار سياسي يتعارض مع حاجاتها الاقتصادية!
والأخطر من ذلك بالنسبة للأوروبيين، هو نقل أوروبا من «تحت دلفة» الغاز الروسي الى «تحت مزراب» الغاز الأميركي، في حين أنها تحاول الخروج من تحت المظلتين معاً، بالانتقال الى انتاج للطاقة على الطاقات المتجددة تدريجياً!
وتفتقد أوروبا، ويفتقد الاتحاد الأوروبي تحديداً الجرأة من أجل المواجهة من جهة، والوحدة الداخلية من جهة أخرى. في حين أنه لا يفتقد القدرات على الرد الاقتصادي على الاطلاق!
فالاقتصاد الأميركي يتصدر العالم مع ناتج محلي يصل الى أكثر من 30 تريليون دولار، إلا أنه يتراجع الى المركز الثاني خلف الصين مع إدخال عنصر القدرة الشرائية.
ويأتي اقتصاد الاتحاد الأوروبي في المركز الثالث (أو الثاني بحسب بعض الحسابات) بناتج محلي يتخطى 20 تريليون دولار.
ما يزال الرئيس ترامب على موقفه من فرض 20% من الضرائب الجمركية على الاتحاد الأوروبي. وهي قد ترتفع الى أكثر من ذلك على السيارات والألومينيوم والفولاذ. لا بل إنها قد تصل الى 200% على الكحول الأوروبية، أو على بعض أنواعه!
الرئيس ترامب يصعِّد ضد الصين أيضاً. وهو يتوعد برفع الضرائب ضدها من 34% الى 104% بسبب ردها على ضرائبه ضدها! وهو ما قد يشعل أكثر حركة «وول ستريت» والبورصات العالمية المختلفة.
حرب أو استسلام من دون حرب! أوروبا بين خيارات أحلاها علقم! وهي ما تزال تأمل بإقناع الرئيس ترامب بالتفاوض الهادئ تجنباً للأسوأ! ولكن الرئيس الأميركي يبدي إصرارا في وجه التردد الأوروبي. تردد أوروبي من أجل...
*كاتب وخبير في الشؤون الدولية
يتم قراءة الآن
-
قبل المخيمات: العيون العربية على سلاح حزب الله هل يُشعل نتنياهو المنطقة لعرقلة الاتفاق الأميركي ــ الإيراني و«الدولة الفلسطينية»؟
-
سلام "يكسر الجرّة" مع "الثنائي"... ويُطلق النار على بعبدا؟ التصعيد يُهدّد الاستقرار الحكومي... والردّ بحجم التجاوزات
-
"كليلة ودمنة" بدل الكتب المقدّسة
-
ثنائي التهدئة وثنائي التصعيد: عون وبري لترسيخ الحوار... وسلام وجعجع لتغليب التشدّد
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:59
ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا لـ الجديد: التسعيرة الجديدة للمحروقات شهدت إرتفاعاً بسبب الضرائب التي فرضتها الدولة ونحن علينا أن ننفذّ القرار بدءاً من الليلة
-
23:41
الطائرات الإسرائيلية تجدد استهداف بلدة بنعفول في قضاء صيدا للمرة الرابعة
-
23:19
الطيران الحربي الإسرائيلي شنّ غارة جوية على دفعتين مستهدفاً المنطقة الواقعة بين بلدتي حومين التحتا وبنعفول في منطقة إقليم التفاح
-
22:37
فوز هوبس على ميروبا بنتيجة 96-74 ضمن المرحلة الـ ٢٠ من "ديكاتلون" بطولة لبنان لكرة السلة
-
22:32
محكمة استئناف أميركية تعيد فرض رسوم ترامب الجمركية خلال طعن الإدارة على قرار وقفها
-
21:49
الخارجية الأميركية: المفاوضات مع إيران حققت تقدماً وفق شروط ترامب بعدم إمتلاك سلاح نووي أو تخصيب لليورانيوم
