اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يُعدّ سرطان القولون والمستقيم من أكثر أنواع السرطان شيوعًا وخطورةً على مستوى العالم، مما يدفع العلماء والباحثين إلى تكثيف الدراسات الهادفة الى اكتشاف وسائل الوقاية الفعّالة منه. وفي هذا الإطار، برز فيتامين "د" كأحد العناصر الغذائية الحيوية، التي تؤدي دورًا هامًا في تقليل خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان بشكل كبير، وفقًا لما أثبتته العديد من الأبحاث العلمية الحديثة.

يُعرف فيتامين د بكونه عاملًا رئيسيًا في تنظيم امتصاص الكالسيوم والفوسفور في الجسم، ودعم صحة العظام. ومع ذلك، فقد كشفت الدراسات خلال السنوات الأخيرة عن أدوار أوسع لهذا الفيتامين، لاسيما في ما يتعلق بتعزيز وظائف الجهاز المناعي والحد من الالتهابات المزمنة، وهما عاملان يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بتطور السرطان.

هذا وتشير الأبحاث العلمية إلى أن الحفاظ على مستويات كافية من فيتامين د في الدم قد يسهم بشكل فعّال في تقليل فرص تشكّل الأورام الخبيثة في القولون بنسبة قد تصل إلى 50% مقارنة بالأشخاص الذين يعانون من نقص هذا الفيتامين الحيوي. وتفسر هذه العلاقة بعدة آليات بيولوجية معقدة، إذ يعمل فيتامين د على تعزيز تجدد الخلايا الطبيعية، وضمان بقائها ضمن دورة حياة صحية ومنظمة. كما يساهم في تثبيط نمو الخلايا السرطانية ومنع انتشارها، بالإضافة إلى تحفيز موت الخلايا غير الطبيعية عبر عملية تعرف بالاستماتة، مما يحول دون تطور هذه الخلايا إلى أورام خبيثة.

وفي المقابل، أظهرت دراسات وبائية واسعة أن نقص فيتامين د يُعد عامل خطر مستقل للإصابة بسرطان القولون، بغض النظر عن العوامل الوراثية أو أسلوب الحياة. فقد لوحظ أن الأفراد الذين يعيشون في مناطق جغرافية تقل فيها مستويات أشعة الشمس - المصدر الطبيعي الأساسي لإنتاج فيتامين د في الجسم - يكونون أكثر عرضة للإصابة بهذا النوع من السرطان. كما أن النظام الغذائي الفقير بالأطعمة الغنية بفيتامين د، مثل الأسماك الدهنية (كالسلمون والتونة)، وصفار البيض، ومنتجات الألبان المدعمة، يُفاقم من خطر التعرض لنقص هذا العنصر الأساسي.

وعلى الرغم من أن التعرض المعتدل لأشعة الشمس يُعتبر الطريقة الأبسط والأكثر فاعلية لتحفيز إنتاج فيتامين د، إلا أن المختصين يحذرون من الإفراط في التعرض لتفادي الأضرار الناتجة من الأشعة فوق البنفسجية، مثل شيخوخة الجلد المبكرة وزيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد. لذا، يُوصى بالاعتماد على مزيج متوازن بين التعرض الآمن للشمس وتناول مكملات فيتامين د عند الحاجة، خاصةً لدى الفئات الأكثر عرضة للنقص، مثل كبار السن، والأشخاص ذوي البشرة الدكناء الذين يقل امتصاص بشرتهم للأشعة، وسكان المناطق الباردة أو الملبدة بالغيوم معظم أيام السنة.

ختاماً، تعتبر الوقاية دائمًا الخيار الأفضل في مواجهة الأمراض المزمنة، ويبرز فيتامين د كأحد العوامل الواعدة التي يمكن أن تسهم بشكل كبير في خفض معدلات الإصابة بسرطان القولون. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة ملحة لإجراء المزيد من الدراسات السريرية الواسعة والطويلة الأمد لتحديد الجرعات المثلى اللازمة لتحقيق التأثير الوقائي المنشود، وفهم العلاقة السببية بشكل أدق. وحتى ظهور نتائج أكثر حسماً، يبقى الحرص على المحافظة على مستويات طبيعية من فيتامين د في الجسم، سواء عبر التعرض المدروس لأشعة الشمس أو عبر النظام الغذائي والمكملات، خطوة استراتيجية ذكية نحو تعزيز الصحة العامة وتقليل مخاطر الإصابة بهذا المرض الخطر الذي يشكل تحديًا صحيًا عالميًا متزايدًا.

الأكثر قراءة

اقبال متوسط وإشكالات أمنية في انتخابات الشمال عون في الكويت: نحن بحاجة لاستثمارات لا لهبات ترامب الى السعودية... سفير اميركا في «اسرائيل»: الرئيس لن يعترف بدولة فلسطينية