يعد الإسهال عارضا شائعا يعاني منه العديد من البالغين في مراحل مختلفة من الحياة، وغالبًا ما يكون عابرًا ولا يستدعي القلق. ومع ذلك، هناك حالات تتحول فيها الأعراض إلى مشكلة صحية خطرة تتطلب تدخلاً طبياً سريعًا. لفهم متى يصبح الإسهال لدى البالغين حالة تنذر بالخطر، لا بدّ أولاً من استعراض الأسباب الشائعة، ثم التمييز بين الحالات البسيطة وتلك التي تكتنفها “علامات حمراء” تستوجب الاهتمام الفوري.
في العادة ينتج الإسهال عن عدوى فيروسية أو بكتيرية في الأمعاء، أو بسبب تناول طعام ملوث، أو نتيجة التعرض لدواء جديد يهيّج الجهاز الهضمي. يبدأ المريض بتكرار حركة الأمعاء مع براز مائي أو رخوي، وقد يرافق ذلك شعور عام بالضعف أو انتفاخ البطن وتقلصات مصحوبة أحيانًا بغثيان أو قيء. في هذه الحالات، يعمد الأطباء إلى التوصية بالإكثار من السوائل لتعويض ما يفقده الجسم من ماء وأملاح، والراحة إلى حين زوال الأعراض خلال يومين أو ثلاثة بحد أقصى.
ولكن متى يتحول الإسهال إلى حالة خطرة؟ يُعدّ الجفاف أبرز مخاوف الأطباء في البالغين؛ إذ يؤدي فقدان كميات كبيرة من السوائل والأملاح إلى انخفاض ضغط الدم، وتسارع نبض القلب، وضعف عام قد يصل إلى الإغماء. لذلك، فإن استمرار الإسهال لأكثر من 48 ساعة دون تحسن، أو مع ظهور علامات الجفاف—كجفاف اللسان، وقلة التبول، ودوخة مستمرة—يتطلب مراجعة الطبيب فورًا.
إلى جانب الجفاف، هناك أعراض أخرى تنذر بمضاعفات صحية تستدعي التقييم الفوري. من هذه العلامات وجود دم في البراز أو مخاط مصحوب بالإسهال، ما قد يشير إلى التهاب معوي حاد أو قرحة في الأمعاء. كذلك ما إذا صاحب الإسهال ارتفاع في درجة الحرارة يتجاوز 38.5 درجة مئوية، إذ يدل ذلك على التهاب بكتيري محتمل يحتاج إلى مضاد حيوي. إضافةً إلى ذلك، فإن آلام البطن الشديدة والمستمرة، خصوصًا في المنطقة السفلية اليمنى، قد تكون علامة على التهاب الزائدة الدودية أو مرض التهاب الأمعاء.
يؤدي التاريخ المرضي دورًا مهمًا في تحديد مدى خطورة الإسهال. فالشخص المصاب بأمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض القلب أو اختلال وظائف الكلى، أو المتلقّي للعلاج الكيميائي، يكون عرضة لمضاعفات أسرع وأكثر حدة نتيجة ضعفه المناعي أو تغير قدرته على تعويض السوائل. كذلك، يمكن أن ترتبط بعض الأدوية، كالأدوية المسهلة أو مدرات البول—بزيادة خطر الإصابة بالجفاف خلال نوبات الإسهال.
يتطلب تشخيص الإسهال الخطير إجراء فحوصات طبية شاملة تشمل تحليل عينات البراز للبحث عن المسببات الميكروبية، وفحص مستويات الكهارل في الدم، وتقييم القدرة الكلوية عبر تحاليل وظائف الكلى. وقد يوصي الطبيب بإجراء تصوير بالأشعة أو المنظار المعوي إذا شكّ في وجود التهاب مزمن أو أورام معوية.
من ناحية العلاج، يرتكز التدخل الفوري على إعادة توازن السوائل والأملاح عن طريق المحاليل الوريدية أو الفموية الممزوجة بالأملاح، مع استخدام مضادات الإسهال بحذر وتحت إشراف طبي. وفي حال الكشف عن عدوى بكتيرية، يصف الطبيب المضاد الحيوي المناسب وفق نوع البكتيريا. أما إذا كان الإسهال ناتجًا من اضطرابات مزمنة كمرض كرون أو القولون التقرحي، فيعتمد العلاج على الأدوية المضادة للالتهاب وتعديل النظام الغذائي تحت إشراف أخصائيي التغذية.
في الختام، يظل الإسهال لدى البالغين غالبًا عرضًا بسيطًا يزول مع العناية المنزلية والراحة. لكن الانتباه إلى مدة استمرار الأعراض، ومراقبة علامات الجفاف أو الدم في البراز، بالإضافة إلى تقييم التاريخ المرضي والظروف الصحية المصاحبة، هو ما يميّز بين حالة عابرة وحالة تستدعي عناية طبية عاجلة. بذلك يستطيع المريض والمختص معا اتخاذ القرار المناسب لضمان التعافي السريع والوقاية من المضاعفات الخطرة.
يتم قراءة الآن
-
لماذا آثر نصرالله أن يستشهد ؟
-
تصعيد «اسرائيلي» يسقط ضمانات واشنطن... وخيبة امل في بعبدا لا تعديل للقانون... هل تحصل الانتخابات في بيروت؟ «هواجس» من مفاجآت ترامب... وقلق في «اسرائيل»
-
أردوغان يُقدّم الشرع هديّة لنتنياهو
-
عودة الرعاية الخليجية للبنان وموسم سياحي واعد صناديق الشمال على موعد مع التغيير أو تثبيت التوازنات؟! وساطة عربية بين دمشق و«تل ابيب»: ماذا يُحضَّر؟
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
17:11
السلطات الإسرائيلية: لا إصابات أو أضرار جراء الصاروخ الذي أطلق من اليمن
-
16:59
يديعوت أحرونوت: وقف الرحلات من وإلى مطار بن غوريون
-
16:51
الجبهة الداخلية الإسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في القدس وتل أبيب وعشرات المواقع
-
16:51
الجيش الإسرائيلي: اعترضنا صاروخاً أُطلق من اليمن باتجاه إسرائيل
-
16:25
الخطوط الجوية السويسرية: - تمديد تعليق رحلاتنا إلى تل أبيب حتى 18 من أيار الجاري
-
16:25
الخطوط الجوية السويسرية: - مستمرون في تجنب المجال الجوي الباكستاني نظرا للوضع الحالي بين الهند وباكستان
