اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


في ظل الاستخدام الواسع للمُحلّيات الصناعية في الأنظمة الغذائية الحديثة، كشفت دراسة علمية جديدة عن خطر خفي يُهدد أحد أهم أركان الصحة الإنجابية لدى الرجال: الخصوبة. فقد أظهرت النتائج أن "السكرالوز"، المُحلّي الصناعي واسع الانتشار، لا يمرّ دون أثر في الجسم، بل قد يتسبب بتدهور ملحوظ في جودة السائل المنوي ويؤثر في قدرة الرجل على الإنجاب.

الدراسة التي نُشرت مؤخرًا في مجلة علمية محكّمة، سلّطت الضوء على التأثيرات العميقة التي يمكن أن يُحدثها استهلاك السكرالوز في الوظائف التناسلية الذكرية. وبحسب الباحثين، فإن التعرض المستمر لهذه المادة، حتى بكميات قريبة من تلك الموجودة في المنتجات اليومية مثل المشروبات الغازية "الدايت" والعلكة ومعلبات الدايت، أدى إلى تراجع حاد في عدد الحيوانات المنوية، وانخفاض في حركتها، وتشوهات في بنيتها.

الأخطر من ذلك أن الدراسة رصدت تغيرات دقيقة في أنسجة الخصيتين، لا سيما في الأنابيب المنوية المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية. فقد لاحظ الباحثون وجود علامات على الإجهاد التأكسدي، وهو حالة تؤدي إلى تلف الخلايا بسبب تراكم الجذور الحرة. هذه الحالة تُعد من العوامل الأساسية في ضعف الخصوبة، إذ تُضعف قدرة الخصيتين على إنتاج حيوانات منوية سليمة وفعالة.

ويحذر العلماء من أن السكرالوز لا يقتصر تأثيره على الجانب الكمي للحيوانات المنوية فحسب، بل يمتد إلى نوعيتها أيضًا. فالحيوانات المنوية التي تعرّضت للسكرالوز أظهرت ضعفًا في اختراق البويضة، ما يقلل من احتمالات حدوث الإخصاب حتى في حال وجود عدد كافٍ منها.

ويُشير الباحثون إلى أن التأثيرات المُسجّلة لا تقتصر على الفئران، بل يمكن إسقاطها بشكل مبدئي على الإنسان نظرًا للتشابه الفسيولوجي في آلية عمل الجهاز التناسلي، ما يُثير مخاوف حقيقية حول مدى أمان هذا المُحلّي الذي يُستهلك بشكل يومي من قبل الملايين حول العالم، خصوصًا الشباب والرياضيين والأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية.

ويضيف الخبراء أن المشكلة لا تتعلق فقط بالسكرالوز كمادة منفردة، بل بالمبالغة في التعويل على المُحلّيات الصناعية عمومًا كبدائل "آمنة" للسكر، دون أن تتوافر دراسات كافية طويلة الأمد تُقيّم أثرها الحقيقي على الصحة الإنجابية والهرمونية.

في ضوء هذه النتائج، يُوصي الباحثون بالتعامل بحذر مع السكرالوز وتجنّب استهلاكه بشكل مفرط، خاصة من قِبل الرجال في سنّ الإنجاب أو الذين يواجهون صعوبات في الخصوبة. كما يدعون إلى مراجعة سياسات السلامة الغذائية وإعادة تقييم التصنيفات التنظيمية للمُحلّيات الصناعية، مع ضرورة تمويل أبحاث بشرية أوسع وأكثر دقة لفهم التأثيرات بعيدة المدى.

ختامًا، تطرح هذه الدراسة تساؤلًا جوهريًا: إلى أي مدى نحن مستعدون للمخاطرة بصحتنا الإنجابية في مقابل طعمٍ حلو خالٍ من السعرات؟ ربما حان الوقت لإعادة التفكير في أولوياتنا الغذائية، والعودة إلى اختيارات طبيعية أقل ضررًا وأكثر توافقًا مع توازن أجسامنا.

الأكثر قراءة

لا «كيمياء» بين بري وسلام «وخلاف على الهوية» مع حزب الله ضغوط «اسرائيلية» لسحب الطوارئ واجتماع بين صفا والامم المتحدة