اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

انتهت الجولة الاولى من «الكباش» السياسي في ساحة النجمة بتسجيل «الثنائي» نقطة لمصلحته، بوجه خصومه الذين يواكبون الضغط الاميركي بمحاولة تجريده من نقاط قوته. فالخلاف ليس على حق المغتربين في التصويت للنواب الـ128 من عدمه، وانما استغلال عدم تكافؤ الفرص امام مرشحي «الثنائي» وبقية المرشحين في الخارج، لسلب حزب الله وحركة «امل» عددًا كافيا من النواب الشيعة لقلب موازين القوى في المجلس النيابي المقبل. وما حصل في «ساحة النجمة» يشير الى ان المواجهة مفتوحة وستكون قاسية.

وبالتوازي يخوض «الثنائي» مواجهة لا تقل اهمية عن جبهة ملف السلاح، حيث لا تزال النقاشات في لجنة مستشاري الرئاسات الثلاث مستمرة، دون التوصل الى صيغة نهائية بعد، حول المقترحات اللبنانية التي ستسلم للمبعوث الاميركي توم براك. وستتواصل الاجتماعات على نحو مكثف بعد لقاء استمر صباح امس لنحو خمس ساعات في قصر بعبدا، والحق بلقاء آخر في المساء، وسط اجواء ضاغطة داخليا، في ظل «جوقة» اعلامية وسياسية تزايد على الموقف الاميركي، ومخاوف من تصعيد «اسرائيلي» يواكب هذه الضغوط، خصوصا بعد اجراء غامض تمثل في تأجيل محاكمة رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو اسبوعين، لدواع امنية غير واضحة بطلب من «الموساد» «وامان»، فيما حددت زيارته الى واشنطن الاثنين المقبل.

امنيا، عادت خلايا «داعش» لتطل برأسها مجددا على الساحة اللبنانية، وبعد انجاز مخابرات الجيش بتوقيف ابو «قسرة»، احد اهم مسؤولي التنظيم في لبنان، نجحت القوة الضاربة في الامن العام بالامس، في تفكيك شبكة من خلال توقيف 3 سوريين في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية، وقد افادت التحقيقات الاولية الى وجود علاقة للمشبوهين «بالموساد» الاسرائيلي.

خلية «داعش» و«الموساد»؟

وفي هذا السياق، تؤكد مصادر امنية ان توقيف الخلية، جاء بعد تحركات مريبة لهؤلاء الاشخاص في منطقة الضاحية الجنوبية، وبعد مراقبة دقيقة جرى الاطباق عليهم في مكان سكنهم.

وفي التحقيقات الاولية ثبت علاقة الخلية بتنظيم «داعش»، لكن المفاجأة كانت اكتشاف تطبيقات على هواتفهم يتم من خلالها التواصل مع الاستخبارات «الاسرائيلية»، وهذه التحقيقات لا تزال في بدايتها، وتتركز اولا على معرفة طبيعة التقاطع بين «داعش» «والموساد» ، خصوصا انها المرة الاولى التي يتم خلالها الحصول على دليل ملموس حيال هذه العلاقة.

والمسار الثاني للتحقيقات يركز على المهمة الموكلة لهؤلاء، واحتمال ارتباطهم بخلايا في لبنان وسورية، خصوصا ان حراكهم يتزامن مع احياء مراسم عاشوراء. وستتوسع التحقيقات لمحاولة معرفة نقاط العبور على الحدود الشرقية والداعمين لهم على جانبي الحدود.

«الورقة» اللبنانية

في غضون ذلك، عقد اجتماعان للجنة المستشارين في بعبدا امس، لصياغة رد لبناني موحد على ورقة المبعوث الاميركي توم برّاك، دون التوصل الى صيغة نهائية يمكن عرضها على مجلس الوزراء، لكن مصادر مطلعة تؤكد ان الخطوط العامة باتت واضحة ، وتنطلق من التأكيد على التزام لبنان ببنود اتفاق وقف الحرب، واعتبار البيان الوزاري اقرارا واضحا بحصرية السلاح، واعتبار انتشار الجيش اللبناني في جنوب الليطاني خطوة واضحة تؤكد جدية الجانب اللبناني في تطبيق الاتفاق، والمطلوب الآن من الدولة الضامنة الزام «اسرائيل» بالشق المرتبط بها. كما ستؤكد الورقة اللبنانية على التزام الاصلاحات، والتعاون مع سورية على ترسيم الحدود.

في المقابل، بات موقف حزب الله واضحًا لجهة عدم القبول بالجلوس حول اي طاولة حوار، لمناقشة الاستراتيجية الوطنية قبل وقف الاعتداءات «الاسرائيلية»، وانسحاب جيش الاحتلال من الاراضي اللبنانية المحتلة، واطلاق سراح الاسرى، لان تجريد لبنان من اوراق القوة لديه بمسميات مضللة تتمثل بنظرية «خطوة مقابل خطوة»، لا يمكن القبول بها، خصوصا ان العدو مستمر في حربه المعلنة، ولا يمكن الركون لاي ضمانة اميركية او فرنسية. ولهذا اي نقاش حول السلاح سيكون نقاشا داخليا تحت عنوان كيفية الاستفادة من عناصر القوة اللبنانية في استراتيجية الدفاع الوطني، وهو موقف ينسجم مع القواعد العامة للتفاوض التي وضعها رئيس الجمهورية.

وعلم في هذا السياق، ان الصيغة النهائية عندما تكتمل سيطلع عليها حزب الله ليضع عليها ملاحظاته، ولن تعقد اي جلسة حكومية لمناقشة ملف السلاح، الا بعد ان يحصل اتفاق سياسي بين المعنيين في عملية صياغة الموقف اللبناني.

ماذا يتضمن الرد؟

وكشف مصدر رسمي لوكالة الصحافة الفرنسية أن «رئيس الجمهورية جوزيف عون، ورئيس مجلس الوزراء نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، يحضرون ردًا على الورقة التي قدمها المبعوث الأميركي خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت، موضحًا أن «الجانب اللبناني يطلب في رده ضمانات بوقف الخروقات «الإسرائيلية»، والانسحاب من النقاط الخمس، وإطلاق سراح الأسرى، وترسيم الحدود»، بالإضافة إلى موضوع إعادة الإعمار.

 معلومات مضللة

وفي هذا الاطار، نفت مصادر سياسية ان يكون الرد اللبناني يتضمن عرضًا تزامنيًا، يقوم على تنفيذ «إسرائيل» انسحابها من النقاط الخمس والأراضي التي تحتلها ووقف اعتداءاتها، وفي الوقت نفسه تقدم الدولة اللبنانية بالتنسيق مع حزب الله خطوة كبيرة بشأن السلاح تتعلق بالإعلان عن جدول زمني لتسليمه؟! ووصفت هذه المعلومات بانها مضللة.علما ان برّاك لم يحمل من «إسرائيل» اي موافقة على حصول الانسحاب والالتزام بوقف اطلاق النار، بل هي تصر على نزع السلاح بالكامل من دون تقديم ضمانات في المقابل او خطوات حسن نية».

نيّات مبيتة

وبحسب تلك الاوساط، فان الحديث ايضا عن مهلة زمنية حتى منتصف تموز ليقرّ مجلس الوزراء خطة تسليم السلاح، تحت طائلة التلويح بجولة حرب جديدة، ليس صحيحا، لكن هذا لا يلغي ضرورة التنبه الى احتمال قيام العدو بتصعيد هجماته للضغط على لبنان.

ويتزامن هذا الضخ الاعلامي، مع حملة سياسية داخلية تقودها «القوات اللبنانية» التي تروج لنظرية مفادها، انه بعد الحرب «الإسرائيلية» – الإيرانية بات هناك فصل للمسارات والساحات، والمجتمعان العربي والدولي يتجهان لفرض شرق أوسط جديد لا مكان فيه «لمحور الممانعة» وفي مقدمتها حزب الله، ولهذا آن للبنان ان يبني دولته وينخرط في المسار الجديد للمنطقة، والا سيبقى على الهامش يتخبط في ازماته السياسية والمالية.

الترويج للتطبيع

هذه الحملة تواكبها «اسرائيل» بالترويج للسلام المزعوم في المنطقة. وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية «الإسرائيلي» جدعون ساعر أن «إسرائيل» مهتمة بإقامة علاقات ديبلوماسية رسمية مع سورية ولبنان، لكنها لن تتفاوض على مصير هضبة الجولان في أي اتفاق سلام.

 ما هي مقاربة حزب الله؟

ومن الواضح ان «الثنائي» لا يتعامل مع المطالب الاميركية باعتبارها منزلة، بل تتم صياغة أفكار يجري إعدادها لتقديمها كورقة مقابلة، وليس كتعديلات على الورقة الأميركية. وما يسوّق له بعض اللبنانيين، هو الطلب من المقاومة التوقيع على استسلام كامل، وهذا ما لن ترضى به. وقد اكد الوزير والنائب السابق في كتلة «الوفاء للمقاومة» محمد فنيش على موقف المقاومة الثابت، الرافض لأيّ طروحات أو تفاهمات جديدة ‏تتعلق بسلاح المقاومة، قبل التزام العدو الإسرائيلي الكامل بما نصت عليه اتفاقية وقف الأعمال العدائية، وقبل ‏استعادة لبنان لجميع حقوقه السيادية، وإنهاء احتلال مزارع شبعا ‏وتلال كفرشوبا.

وأوضح، خلال مجلس عاشورائي في مدينة النبطية، أنّ المقاومة «ليست في نزاع مع الدولة اللبنانية، بل حريصة على التنسيق والتفاهم معها، وتفويضها متابعة ‏تنفيذ الاتفاقية، ولكن من دون التفريط بحقوق لبنان الوطنية»، لافتًا إلى أنه «نحن لا نخضع لأيّ ضغط خارجي، ولا نسمح لأيّ جهة خارجية، سواء كانت أميركية أو ‏غيرها، أن تملي على اللبنانيين كيف يحمون وطنهم وكرامته». وحذر فنيش بعض الأطراف اللبنانية المحلية التي تتبنى مواقف تتماهى مع الطروحات الأميركية ‏و»الإسرائيلية»، مؤكدا أن ذلك سيضر بمصلحة لبنان، داعيًا إياهم إلى «الاتعاظ من تجاربهم السابقة، وعدم تكرار ‏أخطاء الماضي، وعدم التحول إلى أدوات في خدمة المشروع الصهيوني».

الضغوط الاميركية

 من جهتها، كشفت صحيفة «هآرتس الاسرائيلية» عن خطوات تصعيدية من قبل واشنطن اذا لم تكن الاجوبة اللبنانية حاسمة، ولفتت الى انه إذا لم تستجب الحكومة اللبنانية لطلباتها فستنسحب من لجنة الرقابة على تطبيق وقف إطلاق النار، أي أن الولايات المتحدة ستطلق يد «إسرائيل» لتفعل ما تريد في الأراضي اللبنانية، وستقوم «اليونفيل «بإخراج قواتها، ولن يستطيع لبنان الحصول على المساعدات الاقتصادية التي هو بحاجة إليها بإلحاح. نتيجة لذلك، ستصبح دولة معزولة ولا فرصة أمامها لإعادة الإعمار.

«كباش» في ساحة النجمة

داخليا، يشير المشهد الذي تكرس في الجلسة التشريعية امس، ان الاشتباك السياسي حول قانون الانتخاب ليس سوى قمة «جبل الجليد» ، في «كباش» سياسي كبير عنوانه محاصرة «الثنائي الشيعي». فالجهود التي بذلها فريق من النواب بقيادة «القوات اللبنانية» لفرض  بند تعديل قانون الانتخاب، اصطدمت بقرار الرئيس بري عدم ادراجه على جدول الاعمال واحالته الى اللجان المشتركة، ما ادى الى انسحاب هؤلاء النواب من الجلسة، من دون ان يتمكنوا من تطيير نصابها، حيث رفض نواب «اللقاء الديموقراطي» والنواب الارمن تعطيل التشريع، فيما شكل  تكتل «لبنان القوي»رأس حربة في رفض تعديل القانون.

بري: لا تهدّدني

وخلال الجلسة التي انعقدت قبل الظهر، اقرت سلسلة اقتراحات قوانين، اهمها إقرار قانون إعفاء المتضررين من الاعتداءات «الاسرائيلية» على لبنان من الرسوم والحقوق والواجبات الضريبية. كما أقر مجلس النواب مشروع القانون المعجل الوارد بالمرسوم 410 الرامي، الى منح المتضررين من الحرب «الإسرائيلية» على لبنان بعض الإعفاءات من الضرائب والرسوم، وتعليق المهل المتعلقة بالحقوق والواجبات الضريبية معدلًا. ورفع الرئيس بري الجلسة الثانية الى قبل ظهراليوم بعد غياب النصاب عن جلسة الساعة السادسة مساء.

بداية السجالات كانت بين بري الذي رد على النائب جورج عقيص حول العريضة وتهديده بالانسحاب من الجلسة وتطيير النصاب بالقول» العريضة لم نستلمها ولم تصلنا وعندما تصلنا نتعامل معها وفقا للاصول، «وما تهددني» الجلسة ماشية ومن دون تهديد».

 «المعركة» مستمرة!

وبعد الانسحاب، أكد نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان أن ما حصل يعطّل التشريع بدلًا من تسريعه. واكد أن أكثرية النواب وقّعوا على عريضة بهذا الخصوص، وأن الهيئة العامة هي الجهة المخوّلة للبتّ في عجلة هذا القانون. 

من جانبه، لفت رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميّل الى أن كتلة «الكتائب» تقدمت منذ 7 سنوات باقتراح قانون يقضي بإلغاء المقاعد الـ 6 وإعطاء المغتربين الحق في التصويت للـ 128 نائبًا، إلا أنه لم يُدرج على جدول أعمال أي هيئة عامة لدرسه وإقراره بطريقة نظامية... وقال» إننا سنستمر في الضغط والمعركة مفتوحة وسنذهب بها الى النهاية، ولا أعتقد أن أحدًا يمكنه الوقوف بوجه إرادة اللبنانيين، خصوصًا في العام 2025 في ظل جو التغيير الحاصل في البلد».

موقف «التيار الوطني الحر»

في المقابل، وبعد رفع الجلسة، قال رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل من مجلس النواب: «يكثر الكلام حول حقوق المغتربين، وكأن هناك من يريد وضع اليد عليها، والذين يطرحون إلغاء المقاعد الـ6 هم الذين يسلبون حقوق الاغتراب». اضاف: طرح الموضوع بـ»معجّل مكرر» وتغييب اقتراحنا هو «اجحاف، لأن هذا القانون فيه خطف أو سلب للستة مقاعد».

«الثنائي»: لن يمر

من جهته، قال عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله، «ان هناك لجنة مشكلة من اللجان المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب، أمامها كل قوانين الانتخاب، واضاف» بموضوع انتخاب الاغتراب لا يوجد تكافؤ فرص، ولا توجد عدالة ومساواة،  أن يأتي من يريد القيام  بتهريبة في المجلس النيابي من خلال المعجل المكرر، وعلى كل حال، اليوم المجلس النيابي قال كلمته، والنصاب بقي، وأجرينا الجلسة، وهناك لجنة فرعية عليها أن تناقش، وما يتوافق عليه اللبنانيون من خلال ممثليهم، نذهب لنعمل به، وأما محاولة فرض تعديل لقانون الانتخاب بأي طريقة من الطرق خارج الأطر القانونية والدستورية وإطار التفاهم، فلن يمر في هذا المجلس».

من جهته دعا النائب علي حسن خليل الى «تطبيق المواد الدستورية الواردة في «الطائف»، وبالتالي، ينص الدستور بكل وضوح، على انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس شيوخ، فلماذا لا نذهب باتجاه هذه الخطوة».

«خارطة طريق» للمصارف

ماليا، أنهى حاكم مصرف لبنان كريم سعَيد مشاورات تقنية رفيعة المستوى في باريس وواشنطن، تناولت مسار الإصلاحات الهيكلية في القطاع المصرفي اللبناني، وسبل دعمها تشريعيا وتنفيذيا ضمن إطار زمني محدد، ووفقًا للقدرات المتاحة. وعقد الحاكم اجتماعا في باريس مع كبار مسؤولي الخزانة الفرنسية، خُصص لبحث المعايير التقنية المطلوبة، لوضع خارطة طريق لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، على أن تكون منسّقة على المستوى الوطني، وتتيح معالجة تدريجية لحقوق المودعين. 

كما شارك الحاكم في برنامج تنفيذي في مقر صندوق النقد الدولي في واشنطن، شمل جلسات حول الحوكمة، السياسات النقدية، إدارة الأزمات، وضبط تدفقات رأس المال. كما عقد الحاكم اجتماعات تنسيقية مع فريق صندوق النقد المكلف بلبنان، ومع مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تناولت سبل بلورة خارطة طريق أولية لإصلاح القطاع المصرفي واستعادة الثقة بالقطاع المالي. بالتوازي، أجرى الحاكم مشاورات مع مسؤولي وزارة الخزانة الأميركية، لا سيما المعنيين بملف مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. 


الأكثر قراءة

معالم الردّ على ورقة برّاك تتبلور... وحزب الله سلّم موقفه إجهاض مُحاصرة «الثنائي» انتخابياً... والمواجهة مفتوحة الأمن العام فكّك خليّة لتنظيم «داعش» تتعاون مع «الموساد»؟!