اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


خرج الموفد الاميركي توم باراك من لقائه مع الرئيس جوزاف عون امس، معربا عن "رضاه الكبير" للرد اللبناني على الورقة الاميركية، التي كان نقلها في زيارته السابقة .وحرص ايضا على الاعراب عن "أمله الكبير" مما يقوم به رئيس الجمهورية من خطوات في هذا الاطار، ما يعكس اولا احترام الادارة الاميركية عبر موفدها، للطريقة التي يعتمدها وادائه تجاه التعامل مع كل ما يتعلق باتفاق وقف النار والقرار 1701 والوضع بصورة عامة .

وتسقط اشادة الموفد الاميركي بالرئيس عون ايضا، كل الوشوشات والتسريبات الاخيرة عن بداية خيبة امل اميركية من ادائه تجاه الازمة برمتها .فمن سمع السفير باراك في قصر بعبدا، يدرك ويتأكد ان الانتقادات التي توجه إلى رئيس الجمهورية منذ فترة وبين الحين والآخر من قبل قلة من السياسيين والناشطين، هي فبركات لبنانية واجتهادات من صناعة محلية، تندرج في اطار التشويش على اداء ودور الرئيس عون.

وفي هذا الاطار، توقفت مصادر سياسية مطلعة عند تصريح رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وانتقاده عدم مناقشة المفاوضات مع الموفد الاميركي في مجلس الوزراء وتساؤله "هل عدنا الى بدعة نظام الاسد في الترويكا اختصارا للمؤسسات اللبنانية كلها، هذه البدعة التي خربت لبنان". ثم انتقاده ايضا طريقة التفاوض مع الموفد الاميركي بسؤاله "من يقوم في الوقت الحاضر؟ هل الدولة اللبنانية اصبحت بانتظار ما سيقوله حزب الله ام ان العكس كان يجب ان يحدث، بمعنى ان يكون حزب الله بانتظار قرار الحكومة اللبنانية"؟

ويقول مصدر نيابي ان تصريح جعجع يتضمن انتقادا لاداء رئيس الجمهورية، في اتهامه غير المباشر بالعودة الى اسلوب حكم "الترويكا" التي مورست في عهود ماضية .ويضيف المصدر ان مجرد التساؤل عن عودة الترويكا هو اتهام صريح للرئيس عون بخرق الدستور، من خلال القبول والانخراط في الترويكا وتجاوز مجلس الوزراء .

ويلفت المصدر الى ان انتقاد جعجع يعكس بصورة لا تقبل التأويل والشك، ان زيارته الاخيرة لبعبدا لم تكن ناجحة، وان الخلاف الذي حكم العلاقة بينه وبين الرئيس عون قبل وبعد انتخابه رئيسا للجمهورية ما زال قائما، لاسباب عديدة منها معارضة جعجع لاسلوب رئيس الجمهورية وادائه، ليس تجاه التعامل مع حزب الله بل ايضا في شأن قضايا اخرى .

ويسأل المصدر النيابي "ماذا يريد جعجع عرضه على مجلس الوزراء؟ هل يريد انتزاع ورقة التفاوض من رئيس الجمهورية لحساب الحكومة؟ وهل يتجاهل عن قصد صلاحيات الرئيس الدستورية؟ ام انه يستعجل الدخول على خط المفاوضات بشكل مباشر تحت غطاء مجلس الوزراء"؟

ويضيف المصدر "ان جعجع لم يترك مناسبة الا وانتقد اداء الدولة وتعاطيها مع هذا الموضوع الوطني المطروح، وكان احيانا يوجه انتقاده مباشرة الى الرئيس عون في اعتماده الحوار مع حزب الله لحل مسألة السلاح، ويصف توجهه بالضعف والتراخي" .

كما اصدر جعجع بيانا جديدا اعتبر فيه رد الرؤساء الثلاثة على الورقة الاميركية "غير دستوري وغير قانوني او حتى رسمي"، مستندا الى المادة 65 من الدستور التي تنص على التالي "تناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء الذي يضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات ودون استثناء"، مجددا مطالبته مجلس الوزراء للاجتماع دون ابطاء .

ويقول المصدر ان هذا البيان خلال زيارة الموفد الاميركي خطوة تصعيدية اضافية بوجه الدولة عموما والرئيس عون خصوصا، وهو يصب في اطار التشويش على المفاوض اللبناني واضعاف لبنان في هذه العملية، التي لا تتعلق بنص وروح المادة 65 التي استند اليها جعجع .

ويشير المصدر الى انه رغم انتقاده الطريقة التي اعتمدها ويعتمدها الرئيس عون، لم يقدم جعجع حتى الآن اي طرح واضح لكيفية التعامل مع سلاح المقاومة وحزب الله، وذهب بعض محازبيه الى تبرير اعتداءات "اسرائيل" وخرقها الفاضح لاتفاق وقف النار والقرار 1701 .

ووفقا لنصوص الدستور وخريطة الطريق التي حددها في خطاب القسم، يرى مصدر سياسي حقوقي ان الرئيس عون يلتزم تماما بالدستور في تعاطيه مع مسألة التفاوض المفتوح مع الادارة الاميركية، خصوصا بعد ان قدمت مؤخرا عبر موفدها السفير باراك ورقة حول رؤيتها لمعالجة الوضع القائم بين لبنان و"اسرائيل".

ويؤكد المصدر ان رئيس الجمهورية يستخدم صلاحياته الدستورية بكل دقة في هذه العملية، مستندا الى المادة 52 من الدستور التي تنص حرفيا على ما يلي: "يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وابرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. اما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن ابرامها الا بعد موافقة مجلس النواب".

ويلفت المصدر في هذا المجال الى انه بعد دخول الجانب الاميركي، الذي رعى وفرنسا اتفاق وقف اطلاق النار على خط التفاوض المفتوح مع لبنان، دخلنا في مرحلة مفاوضات بكل معنى الكلمة للتوصل الى صيغة ما يمكن ان تتحول الى اتفاقية او اطار للحل. وهذا يعني ان الرئيس عون معني بالدرجة الاولى في قيادة هذه المفاوضات بالاتفاق مع رئيس الحكومة، وهذا ما يحصل فعلا من خلال الاجتماعات والتواصل الدائم معه .

ويضيف المصدر ان مشاركة رئيس مجلس النواب نبيه بري في هذه المفاوضات، ترتكز اولا الى التعاون بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية التي يرأسها، والى روح نص المادة 52 من الدستور. كما ان هذه المشاركة لبري تستند الى العوامل الموضوعية والسياسية، التي فرضت وتفرض حضوره الفاعل في هذه المفاوضات. ويتجلى ذلك في رغبة الجهة الاميركية المفاوضة في حصولها، بدليل ان كل الموفدين الاميركيين وآخرهم السفير باراك يصرون على اجراء محادثات مطولة ومفصلة معه بصفته رئيسا للمجلس وقياديا سياسيا اساسيا ومحوريا قادرا على لعب دور فعال في هذه المفاوضات، لا سيما في البحث في سلاح المقاومة مع حزب الله في شأن الجنوب والحدود، وكذلك مندرجات اتفاق وقف اطلاق النار .

ويختم المصدر بالقول "الرئيس عون عم يلعبها صح سياسيا ودستوريا، وان اي كلام يناقض نهجه وادائه في هذا الموضوع هو في غير محله، ان لم نقل انه يندرج في اطار التشويش والتجني".

الأكثر قراءة

بري الذي أذهل المبعوث الأميركي