اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ألمُقدَّسُ القاتل

يقاتلنا أعداءُ وجودنا بأسلحةٍ شتّى وبأساليب فيها من المكر والخداع ما يتجاوز الذي يخطر في بال ابليس وما تنقله عنه حكايا المؤمنين بوجوده. ولمَ نعجب؟ أما قال فيهم، وقال لهم احد أكبر ضحاياهم في التاريخ: "أبوكم ابليسـ كذّابٌ وأبو الكذب؟". وأضاف يوضح أكثر: "لقد كانـ منذ البدءـ قتّالًا للناس". بالمناسبة ـ نسأل بارتيابٍ: لماذا يغفل المناطُ بهم نشرُ تعاليم يسوع ذكرَ هذه الاَية ولو في عظة واحدة من تلك العظات التي يمطرون بها الأسماع في الاَحاد وفي سائر الايام والمناسبات؟ لعلّ الجواب عن مثل هذا السؤال يكمن في ما يمكن ادراجُه تحت عنوان الثقافة التجهيليّة ـ كَصيغةٍ أساسيّة من صِيَغِ الحرب الدائمة علينا.

في هذه الحرب انّ اعظم من احزاننا على ما الحقه العدو بنا وما يزال من خسائر في الأرواح والممتلكات هو الحزن على صادقين منّا يجاهدون في سبيل تحرير الارض من الاحتلال الوحشيّ وهم لا يحسبون حسابا لما هو أشدّ خطرًا واكثر اذاءً وأفظع بلاءً من احتلال بقعة او بقاع من ارض هي كيفما كانتـ اينما كانتـ من اقداسنا. ترى ما هو هذا الأشدّ خطرا علينا من احتلال أرضنا؟

- انّه، بلا جدال احتلال نفوس الكثيرين منّا بمعتقداتٍ معيّنة ـ بمفاهيم بعينها تؤسس، بدورها ـ منطلقاتٍ ومرتكزات لمختلف انواع  الاحتلال بمختلف ألوانه. التحريرُ شرطُ انجازه وتمامه ان يبدأ من الداخل بتحرير العقول ممّا عُبِّئَت به من ثقافات تجهيلية ـ ومن تنقية النفوس من اَثار نصوصٍ مُغلّفَة بصفة القداسة تسهيلًا لعبورها الى اعماق الوجدان وتخريبه من هناك .

أليس في مقولة: "انّي فضّلتكم على العالمين". وفي احبولة اطروحة "شعب الله المختار" الفاعلتين في اعماق الكثيرين منّا، عيِّنة على ما تختزنه من أخطار بعيدة الاثار، معتقداتٌ كهذه كثيرة تغزونا قبل أن يغزونا بالفعل من دفع بها الى عقول ناشئتنا على صهوة قداسة "الوعد" الوغد الذي "اعطاه" الله - يهوه لمختاريه؟ بهذا المعنى انّ الكثير المتسرّب سموما توراتيةّ الى صميم ديننا في رسالَتَيْه نُقدِّسه تسليمًا بمقتضى الايمان لنكتشف، حين المكاشفة على نور العقل، أنّه المقدَّسُ القاتل. قاتلٌ قاتل لأنّه يواصل قتلنا احتلالًا بعد احتلال من داخلٍ ومن خارج. التحرير الحقيقي يبدأ سؤالًا من هنا يتجاوز كلّ مقدّسٍ لا يقدّسه العقل لينتهي بنا جوابًا يُقرّه العقل حدًّا فاصلًا  بين زمَنَين. من دون ذلك، نحن على موعد دائم مع ويلات لا تنتهي ومع احتلالات متواصلة.

الأكثر قراءة

مفاوضات بين أميركا وحزب الله؟