في عالم تتبدل فيه المفاهيم وتتداخل فيه الأدوار، كثيرا ما نسمع عن الرجولة كمصطلح يستخدم في سياقات متعددة، تتراوح بين المدح واللوم، القوة والعنف، الشجاعة والتسلط، الغنى والفقر... لكن، ما هو مفهوم الرجولة الحقيقي؟ وهل يرتبط فقط بالجسد أو الصوت الخشن أو السيطرة او المال؟ أم أن الرجولة أعمق من ذلك بكثير؟
كثيرون يظنون أن الرجولة ترتبط بعضلات مفتولة أو بقدرة على فرض الرأي بالقوة، لكن الحقيقة أن هذه صورة سطحية. الرجولة الحقيقية تكمن في التحكم في النفس، لا في التحكم بالآخرين. الرجل الحقيقي لا يقاس بحجم عضلاته، بل بحجم عقله وعمق روحه واتساع قلبه.
الرجولة مسؤولية قبل أن تكون صفة، فالرجل الحق هو من يتحمل مسؤولياته تجاه نفسه، أسرته، عمله ومجتمعه ووطنه. لا يتهرب من الالتزامات، بل يواجه الحياة بثبات، ويؤمن أن القوة الحقيقية هي أن يعين لا أن يهين، أن يبني لا أن يهدم، أن يقدر الناس مهما كانت مكانتهم الإجتماعية لا أن يستصغرهم. إذا الرجولة احترام وإنصاف وتقدير للإنسان. من علامات الرجولة احترام الآخرين، وخاصة الضعفاء منهم، الرجولة تظهر في طريقة حديثك مع والديك، في كيفية تعاملك مع زوجتك، في رعايتك لأولادك، وفي حرصك على كرامة الناس، لا سيما في زمن أصبح فيه التعدي على الغير يروج كنوع من الهيبة.
الرجل الحق لا يخشى قول الحق، ولا يسكت عن الظلم، حتى لو كان وحده. الرجولة موقف قبل أن تكون مظهرا. أن تقف إلى جانب المظلوم،أن تساعد الضعيف، أن تعتذر عندما تخطئ، أن تعترف بجهلك إذا لم تكن تعلم وأن تعمل لوطنك مهما كانت قدراتك، كلّها دلائل على الرجولة الصادقة. أن تمتلك صفة الرجولة يعني أنك انسانا موزونا، تجمع بين الأضداد وتملك القدرة على تجيير الخير ومنع الشربعيدا عن القسوة والغرور. الرجولة مزيج من الحزم واللين، من العقل والعاطفة، من الصبر والحزم. الرجل الحقيقي لا يخجل من مشاعره، بل يعترف بها ويتعامل معها بنضج، دون أن يسمح لها أن تغرقه، ودون أن ينكرها بدافع الخوف من الانتقاص.
اخيرا،الرجولة ليست مجرد صفة تولد مع الإنسان، بل قيمة تبنى بالأخلاق، وتصقل بالتجارب، وتثبت بالأفعال. الرجولة لا تقاس بالعنف ولا بالسلطة، بل بالمروءة، والشرف والنبل والنضج.
في النهاية، يمكن القول إن مفهوم الرجولة يبدأ في حضن الأم وفي كنف العائلة ومتابعة "الست والجد'' ويتطور باستمرار في الحي والمدرسة والجامعة ... ويجب أن نعترف بأن كل فرد لديه صفاته الفريدة التي تجعله رجلا مختلفا. ومن خلال فهم وتقبل هذا الاختلاف، يمكننا بناء مجتمع أكثر شمولا وتفهما ومتنوعا.
يتم قراءة الآن
-
زيارة لاريجاني تكشف ملامح معركة أوسع «اليونيفل» ورقة ابتزاز سياسيّ وأمنيّ «كسر جزئي» للبرودة بين بعبدا وعين التنية
-
من اليرزة إلى عين التينة... الاستقرار والسلم الأهلي في صدارة المباحثات عطلة صيفية للحكومة... «الفيول الكويتي» يحتّم تسديد الدين العراقي
-
لماذا لا يعلن لبنان الحرب على إيران؟
-
شرق أوسط في زمن المجانين
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
15:38
روري أوماركو عضو في البرلمان الأيرلندي: استهداف "إسرائيل" الصحفيين جريمة حرب وجزء من الإبادة.
-
15:37
مديرة أنشطة التمريض في أطباء بلا حدود: ما دخل من مساعدات طبية لا يكفي للاحتياجات في غزة.
-
15:36
المفوض العام للأونروا: أكثر من 40,000 طفل قتلوا أو أصيبوا جراء القصف والضربات الجوية في غزة، وما لا يقل عن 17,000 طفل أصبحوا بلا مرافق أو منفصلين عن عائلاتهم في قطاع غزة.
-
15:36
المفوض العام للأونروا: مليون طفل في غزة يعانون من صدمات نفسية شديدة وغير قادرين على الدراسة.
-
14:53
المتحدث باسم الحكومة الألمانية: المحادثات ستناقش التحضيرات لمفاوضات سلام محتملة وقضايا ذات صلة بالمطالب الإقليمية والأمنية.
-
14:52
المتحدث باسم الحكومة الألمانية: محادثات المستشار الألماني فريدريش ميرز والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي والحلفاء الأوروبيين ستركز على خيارات للضغط على موسكو.
