اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


يعاني العديد من الأشخاص من الشعور بالتعب المستمر والنعاس في ساعات الصباح، حتى بعد الحصول على قسط كافٍ من النوم. وبينما قد يكون ذلك نتيجة لضغوط الحياة اليومية أو اضطرابات النوم المؤقتة، إلا أن استمرار هذه الحالة لفترة طويلة قد يشير إلى وجود مشكلة صحية تستدعي التدخل الطبي.

يُعدّ التعب المزمن حالة يشعر فيها الشخص بالإرهاق الجسدي والعقلي لفترات طويلة دون تحسّن رغم الراحة أو النوم. في كثير من الحالات، يُصاحبه صعوبة في التركيز، تقلبات مزاجية، وانخفاض في الأداء اليومي. من جهة أخرى، يُعتبر النعاس الصباحي غير الطبيعي مؤشرا إضافيا على اضطراب في أنماط النوم، أو على حالة طبية أساسية مثل اضطرابات الغدة الدرقية أو توقف التنفس أثناء النوم.

تتعدد الأسباب المحتملة خلف هذه الأعراض، منها الأسباب البسيطة مثل عدم انتظام مواعيد النوم، أو النوم في بيئة غير مريحة، أو حتى الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم. ولكن عندما يتحول الأمر إلى نمط مزمن، قد يكون من الضروري التفكير في أسباب طبية أكثر جدية. فمثلاً، يمكن أن يرتبط التعب المزمن باضطرابات هرمونية، فقر الدم، الاكتئاب، السكري، أو أمراض القلب. كما قد يكون النعاس الصباحي علامة على متلازمة انقطاع النفس النومي، وهي حالة خطرة تؤدي إلى توقف التنفس لثوانٍ أثناء النوم وتمنع الشخص من الوصول إلى مراحل النوم العميق.

عند ملاحظة استمرار هذه الأعراض لفترة تتجاوز عدة أسابيع، خاصة إذا كانت تؤثر في جودة الحياة اليومية، يُنصح بزيارة الطبيب لإجراء تقييم شامل. يتضمن الفحص عادة تحاليل دم للكشف عن فقر الدم أو مشاكل الغدة الدرقية، إضافة إلى دراسة للنوم في بعض الحالات لتشخيص انقطاع النفس الليلي أو اضطرابات النوم الأخرى.

ولا تقتصر أهمية الفحص الطبي على تشخيص السبب فحسب، بل تتعداها لتشمل وضع خطة علاج شاملة ومتكاملة تتناسب مع الحالة الصحية لكل مريض. تبدأ هذه الخطة عادة بإجراء تعديلات مدروسة على نمط الحياة، مثل اعتماد روتين نوم منتظم، والنوم في بيئة هادئة ومظلمة، وتجنّب استخدام الشاشات الإلكترونية قبل النوم بساعة على الأقل. فمثل هذه التغييرات قد تبدو بسيطة، لكنها غالبًا ما تُحدث فرقًا كبيرًا في جودة النوم ومستوى النشاط الصباحي.

إلى جانب ذلك، قد يصف الطبيب بعض الأدوية إذا كانت الحالة تتطلب ذلك، كالعقاقير المنبّهة في حالات الخمول الشديد، أو أدوية مضادة للاكتئاب إذا كان التعب مرتبطًا بمشكلات نفسية. كما تُستخدم أحيانًا المكملات الغذائية لتعويض النقص في بعض العناصر الضرورية مثل الحديد أو فيتامين B12، والتي قد تؤدي قلة مستوياتها إلى الشعور بالتعب المستمر.

في بعض الحالات الأكثر تعقيدا، قد يكون من الضروري اللجوء إلى تدخلات طبية تقنية، مثل استخدام جهاز "CPAP" (ضغط الهواء الإيجابي المستمر) لعلاج انقطاع النفس النومي، والذي يُعتبر أحد الأسباب الشائعة للنعاس الشديد صباحًا وعدم الحصول على نوم مريح ليلا. كما قد يُحال المريض إلى اختصاصي في طب النوم لإجراء دراسات نوم مفصلة تُمكّن من تحديد نوع الاضطراب بدقة واقتراح حلول مناسبة له.

كما لا تقتصر الاستراتيجية العلاجية على الجانب البدني فقط، بل تشمل أيضا الدعم النفسي والسلوكي. فالتعب المزمن قد يكون في بعض الحالات انعكاسًا لحالة من الضغط النفسي أو القلق المستمر، ما يتطلب جلسات علاج معرفي سلوكي تساعد المريض على إدارة أفكاره وتحسين عادات نومه وتعاملاته اليومية.

الأكثر قراءة

نهاية عصر الكاش؟