سامر الحلبي
من المتعارف عليه أن كافة أنواع الرياضات بدأت مع بداية القرن العشرين بنظام الهواية، حتى الألعاب الأولمبية وبطولات كأس العالم لكرة القدم لم تكن تضم لاعبين محترفين بالمفهوم العلمي بل ربما كان هذا المصطلح غريبا عن عالم الرياضة والرياضيين.
وكان الرياضيون يمارسون الرياضة من باب التسلية والهواية والمتعة بشكل عام وكبير ولكن الاتحادات الرياضية كانت تجمع اللاعبين في معسكرات قصيرة قبل أي استحقاق خارجي، ولم تكن منتخبات كرة القدم على سبيل المثال تعرف المعسكرات الطويلة والخارجية على مدى العام كما هو الحال اليوم.
ومع مرور الوقت وتحديدا في بداية السبعينات، انفتحت الرياضة وبدأت الأندية تتعاقد مع اللاعبين مقابل بدل مادي ورواتب شهرية منتظمة على أن يكون هناك تفرغ كامل من هؤلاء اللاعبين لنواديهم من حيث التدريب والمباريات واتباع أنظمة صحية خاصة والتزامات متبادلة تتضمن حقوق الطرفين أي ادارة النادي واللاعب نفسه.
وهناك تفاوت جوهري وفارق كبير وبون شاسع بين الهواية والاحتراف في عالم الرياضة، فعلى سبيل المثال نجد أن الهاوي غير ملزم بأوقات صارمة للتدريب او المباريات او متابعة نشاطه الرياضي بشكل منتظم، على حين ان المحترف هو "موظف" دائم عليه الحضور بأوقات محددة ودقيقة إلى التمارين وساعة يطلب منه المدرب أو المسؤول عنه ذلك لأنه يتقاضى بدلات مالية مقابل عمله هذا.
كما أن المحترف يتبع نظام غذائي صارم ومتابعة طبية وهذا التزام من ناديه أو مؤسسته الرياضية تجاهه بينما الهاوي غير ملزم بهذا وقد يتعرض للبدانة أو الضعف لأنه يتبع شهواته الغذائية ولا يلتزم بنظام صحي أو ريجيم خاص.
وهناك فكرة اساسية تفصل بين الهواية الهواية والاحتراف، فالهدف من الهواية هو التسلية والمتعة بينما المحترف يضع نصب عينيه هدفا اساسيا يسعى للوصول إليه وهو احراز الالقاب والكؤوس وترك بصمة عالمية ليكون حديث الاعلام والصحافة والناس والجماهير وقد يصبح "ايقونة" في يوم من الايام وهذا بات اكثر المطلوب في ايامنا هذه، على غرار ما يسعى اليه البعض في عالم كرة القدم ليكون قدوة كما ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو في عالم كرة القدم.
أو حتى في الالعاب الفردية وعلى سبيل المثال الغولف وكرة المضرب والفورمولا واحد فأصحاب هذه الرياضات يحصدون ملايين الدولارات سنويا من خلال المشاركة في الدورات الرسمية أو الودية، كما ان الرياضي المحترف هو قبلة المعلنين وله حصص مالية كبيرة من خلال الحملات الدعائية او الاشهارات التي يؤديها مما يزيد في ثروته.
الهواية لا تخضع صاحبها لعقود رسمية ملزمة على عكس المحترف فإن ممارسة الرياضة مقابل عقد رسمي يخضع لشروط الثواب والعقاب والعطاءات وهناك بنود جزائية مقابل الانتقال من فريق الى فريق، والفيفا اي الاتحاد الدولي لكرة القدم قد قيّد شروط صارمة يخضع لها اللاعب والنادي على حد سواء.
واقع لبنان
أما في لبنان فإن الأمر مغاير تماما لواقع الرياضة واسسها بشكل عام ولأنظمة الاحتراف بشكل خاص، فالكثير من اللاعبين والنجوم يصنفون أنفسهم بالمحترفين ولكنهم بالواقع يعيشون حياتهم ما بين الهواية والاحتراف ولكن بشكل اكبر قريبا من الهواية.
هناك مندرجات وبنود تغيب عن العقود كما في الدول المتقدمة والراقية رياضيا، فغياب التأمين على الحياة وضد المخاطر وضعف الرواتب وفقدان الكثير من الحقوق يجعل من اللاعب اللبناني هاو بصورة كبيرة لكنه يعيش واقع الاحتراف في خياله وتفكيره فقط.
إن غياب التجهيزات الرياضية والملاعب الحقيقية والآمنة يجعل من الرياضة اللبنانية تفقد الكثير من سطوتها، غياب تام للعقود الواضحة وضعف في التجهيزات الرياضية المتطورة والذي يمكن القول أن غالبية الاتحادات تعيش على المساعدات الخارجية وإذا صح التعبير بتفصيل أدق على "الشحادة" من مخلفات اندية او اتحادات عالمية لأن وزارة الشباب والرياضة لا يمكنها وخصوصا في السنوات الاخير بفعل الواقع الاقتصادي المرير أن تؤمن أو تغطي احتياجات اكثر من 22 اتحادا لأن الخزينة "مفلسة".
على صعيد كرة القدم في لبنان كمثال وليس حصرا، نرى أن اللاعب يضطر إلى العمل في النهار والحضور إلى التدريب بعد الظهر وهذا أمر مرهق، طبعا توجد عقود لبعض اللاعبين على انهم محترفين ولا يمارسون اي مهنة غير كرة القدم ولكن هل هذا هو العدل؟ إذ أن لاعبا يعمل وزميله يتفرغ لكرة القدم.
بالطبع الأمر متفاوت وهناك أندية كروية تطبق نظام الاحتراف على لاعبيها وجهازها الفني وهي مشكورة على جهودها لأنها تؤمن بديمومة الرياضة ومدى أهميتها في بلد يعاني من تمزق وشرذمة على كافة الصعد.
ربما في كرة السلة يختلف الامر بعض الشيء فالعقود مجزية والرواتب مرتفعة وقد تصل إلى 25 ألف دولار شهرا لبعض النجوم، كما أن ثقافة لاعب كرة السلة تختلف عن ثقافة لاعب كرة القدم، فلاعبو كرة السلة غالبيتهم من حملة الإجازات الجامعية ويمكنهم بسهولة متابعة حياتهم المهنية في حال قرروا اعتزال كرة السلة، بينما نجد أن لاعبي كرة القدم غالبيتهم من اصحاب المهن اليدوية أو لا يملكون مهنة على الاطلاق ومعظمهم يشتكي بعد الاعتزال ويصبح من الماضي ولا يتذكره أحد.
والواضح ان اتحاد كرة السلة عمل على نجاح اللعبة داخليا وخارجيا وعرف كيف يستقطب الرعاة الرسميين من خلال خطة تسويقية محكمة ليغذي خزينته ويضمن الديمومة للعبة وللناشئين الصغار الذين يقبلون على هذه الرياضة بشكل متزايد.
بشكل عام ان الرياضة في لبنان تعيش في حالة "ترنح" مستمر ما بين الهواية والاحتراف ولكنها في الواقع هي اقرب الى الهواية لأن العقلية غير منفتحة وغير محترفة.
يتم قراءة الآن
-
زيارة لاريجاني تكشف ملامح معركة أوسع «اليونيفل» ورقة ابتزاز سياسيّ وأمنيّ «كسر جزئي» للبرودة بين بعبدا وعين التنية
-
من اليرزة إلى عين التينة... الاستقرار والسلم الأهلي في صدارة المباحثات عطلة صيفية للحكومة... «الفيول الكويتي» يحتّم تسديد الدين العراقي
-
لماذا لا يعلن لبنان الحرب على إيران؟
-
شرق أوسط في زمن المجانين
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
14:53
المتحدث باسم الحكومة الألمانية: المحادثات ستناقش التحضيرات لمفاوضات سلام محتملة وقضايا ذات صلة بالمطالب الإقليمية والأمنية.
-
14:52
المتحدث باسم الحكومة الألمانية: محادثات المستشار الألماني فريدريش ميرز والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي والحلفاء الأوروبيين ستركز على خيارات للضغط على موسكو.
-
14:51
الرئيس الأميركي دونالد ترامب: سأتحدث مع القادة الأوروبيين وهم يرغبون في التوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا.
-
14:21
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو: لا يمكن لإيران تحت أي ظرف من الظروف امتلاك أسلحة نووية.
-
14:21
بارو: سنفرض حظرا على الأسلحة والمعدات النووية والقيود الإيرانية إذا انتهكت طهران التزاماتها، وإيران لم ترد على عرضنا تعليق إعادة تفعيل العقوبات مؤقتا وبشروط لإتاحة فرصة للمفاوضات.
-
14:20
أكسيوس عن مسؤول أميركي: ترامب لا يزال غاضبا من بوتين، وإذا فشلت الجهود الدبلوماسية فإن ترامب سيواصل بيع الأسلحة لدول النيتو لصالح أوكرانيا، وترامب يتوق للقاء بوتين وجها لوجه لقياس مدى استعداده لصنع السلام.
