منذ أن وجد الإنسان على سطح هذه الأرض، كان في سعي دائم لتأمين حاجاته الأساسية، فابتكر وسائل التبادل، وتطورت تلك الوسائل حتى أصبح المال اليوم رمزا للقوة والنجاح، وأداة للعيش الكريم، بل أحيانا معيارا لقيمة الإنسان في أعين البعض. لكن السؤال الجوهري يبقى: هل المال خادم أم سيد؟ وهل هو وسيلة لتحقيق الكرامة، أم أداة لفقدانها؟
المال في جوهره محايد؛ لا خير فيه ولا شر. هو كالسيف، من يحمله يحدد إن كان سيستخدم للدفاع عن الحق أم للعدوان. يمكن للمال أن يكون بابا إلى الرحمة، حين ينفق لإطعام جائع، أو علاج مريض، أو تعليم طفل. ويمكن أن يتحول إلى أداة للظلم، حين يستخدم لشراء الذمم، أو السيطرة على العقول، أو سحق الفقراء.
الإنسان، في علاقته مع المال، يختبر. فبعض الناس يملكون المال، لكن المال لا يملكهم؛ يضعونه في موضعه الصحيح، فلا يبيعون ضميرهم من أجله، ولا ينسون إنسانيتهم وهم يكدسون الأرقام في المصارف. وبعضهم، للأسف، يصبحون عبيدا للمال، يبيعون قيمهم وأخلاقهم في سوق الطمع والجشع، حتى إذا ما فقدوه، فقدوا كل شيء.
وهنا تظهر الحاجة إلى ميزان روحي وأخلاقي، يرشد الإنسان في سعيه وراء المال. فالعمل بخوف الله لا يعني الخوف بمعناه السلبي، بل يعني احترام مشيئته، واتباع ضميره، والحرص على أن يكون الكسب نزيها، والرزق نظيفا. من يعمل بخوف الرب لا يغش، لا يظلم، لا يسرق، ولا يستغل الضعيف، بل يسعى للعيش الكريم، ولتحقيق الخير العام. مثل هذا الإنسان يرى المال نعمة، لا ملكية شخصية ، بل أمانة عليه أن يشارك فيها الفقير، ويعين بها المحتاج، ويزرع بها الرحمة حيث تسود القسوة.
في عصرنا الحديث، أصبح المال لغة عالمية، تقاس بها القوة السياسية والهيمنة الاقتصادية، وتبنى على أساسها العلاقات بين الأفراد والدول. لكن الإنسان يبقى بحاجة إلى ما هو أعمق من المال: إلى حب، إلى معنى، إلى كرامة لا تشترى، وإلى ضمير لا يباع.
لا مشكلة في أن نطلب المال، أو نطمح للغنى، شرط ألا نفقد أنفسنا في الطريق. فالغنى الحقيقي هو أن تملك المال، ولا يدفعك المال لفقدان نفسك. أن تبقى إنسانا في كل ظرف، غنيا كنت أم فقيرا، تملك أو لا تملك.
المال مهم، بل ضروري، لكنه لا يجب أن يكون الهدف الأسمى في الحياة. فالإنسان أثمن من كل مال، وأعلى من كل سلطة. وإن أردنا أن نعيش في عالم أكثر عدلا، علينا أن نعيد المال إلى مكانه الطبيعي: وسيلة لا غاية، خادم لا سيد. وأن نسعى إليه بخوف الرب، لنعيش بكرامة، ونخدم به من لا سند لهم، فنكون أغنياء في المال، وأغنى في الضمير والإيمان.
يتم قراءة الآن
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
23:35
واشنطن بوست عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: نتوقع أن ترفع الولايات المتحدة بعض العقوبات عن روسيا بعد لقاء بوتين وترامب، وواشنطن سترفع العقوبات بالتأكيد عن شخص ما.
-
23:34
التلغراف عن مصادر: بريطانيا ستتحرك إذا تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في أوكرانيا ودخل حيز التنفيذ، وهي مستعدة لإرسال قوات إلى أوكرانيا في غضون أسبوع من إعلان وقف إطلاق النار.
-
23:08
الكرملين لسي إن إن: كان مقررا أن يجتمع بوتين وترامب في لقاء ثنائي لكن ذلك تغير اليوم إلى صيغة ثلاثة مقابل ثلاثة، وسيرافق بوتين في الاجتماع مع ترامب وزير الخارجية لافروف ومستشار السياسة الخارجية أوشاكوف.
-
23:08
سي إن إن عن مسؤول أوروبي: من المريح أن ترامب وبوتين لن يجتمعا على انفراد، ومن الصعب قبول استقبال بوتين في ألاسكا بالسجاد الأحمر.
-
23:07
سي إن إن عن مسؤولين أميركيين: هناك حاجة لتقديم حوافز لبوتين من أجل تحريك عجلة السلام في أوكرانيا، والحوافز لروسيا قد تشمل مناقشة صفقات تجارية واتفاقا استراتيجيا للحد من الأسلحة.
-
22:57
قماطي: يجب الوصول إلى صيغة تمثل قوة للبنان في مواجهة التحديات الخارجية لا أن نفقد لبنان عوامل قوته.
