اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تعرض النظام البيئي البحري اللبناني لسلسلة متزايدة من الضغوط المتنوّعة والمعقّدة (الطبيعية والبشرية) التي أدت إلى تغييرات ضارة وخطرة في بيئته الطبيعية، وإلى تدمير الموائل وانخفاض هائل في الموارد البيولوجية البحرية.

وضمن هذا الإطار ولد مشروع AR2020 ممول من الاتحاد الاوروبي والذي من شأنه إحداث نقلة نوعية في مجال البيئة البحرية والثروة السمكية.

«الديار» تسلّط الضوء على هذا المشروع من خلال مقابلة أجرتها مع مدير معهد البيئة في جامعة البلمند الدكتور منال نادر للتحدث عن المشروع وفوائده البيئية والاقتصادية والمعيشية والسياحية. هنا نصها:

- ما هي الضغوط والمشاكل التي سبّبت هذه التغيّرات الكبيرة في البيئة البحرية، والتي كانت نتيجتها تدمير الموائل وانخفاض الموارد البيولوجية البحرية، مع كل ما يترتب على ذلك من نتائج كارثية؟

* تنقسم المشاكل، التي سببت تغيَرات كبيرة في البيئة البحرية ودمرت الموائل، الى قسمين: مشاكل على الصعيد العالمي، وأخرى على الصعيد الوطني.

عالمياً، نتحدث عن تلوث البيئة البحرية والتغيّر المناخي والصيد الجائر. مثلا فمع التغيّر المناخي، نرى العديد من الكائنات البحرية غير قادرة على التأقلم مع هذه التغيّرات ما يؤدي الى التقليص في عددها او انقراضها.

أما على الصعيد الآخر، لا سيما بما يعنينا في شرق حوض البحر المتوسط، ففتح قناة السويس أدّى الى دخول أسماك غازية التي تدمّر الموائل البحرية في سواحلنا. وعلى الصعيد المحلي، فإن ردم البحر والتمدد العمراني لا سيما في المناطق الساحلية دفن الموائل برمّتها، بالإضافة الى التلوث الذي يقضي على الثروة البحرية، دون أن ننسى موضوع السدود، لأن الأنهر تحمل الرمال والمواد العضوية التي تعيد بناء الشواطئ وترميمها، بعد أن تكون قد تآكلت خلال فصل الشتاء. كما أن وجود المواد العضوية في فيضانات الانهر أساسي لإطلاق السلسلة الغذائية. في الربيع

- ما هو مشروعAR2020 ؟ وكيف يمكنه تعزيز التنوع البيولوجي وحماية البيئة البحرية؟

* يتمحور مشروع AR2020 حول انشاء حيد بحري اصطناعي هو عبارة عن هياكل من صنع الانسان، ننشرها في قعر البحر لتحاكي خصائص الأحياد الطبيعية. هذه طريقة تساهم بالحفاظ على مرونة البيئة البحرية وتنوعها البيولوجي. فهذا الحيد البحري يعطي الأسماك أماكن، للاحتماء بها. كما أن الاحياء البحرية تتمكن من إعادة بناء نفسها، ويصبح عندنا موئل بيولوجي كامل متكامل. كما أن هذه الموائل تؤمّن الحماية لصغار الأسماك وتفسح في المجال للأسماك لتضع بيضها وتنمو وتتكاثر، مما يعزز قطاع الصيد مع تكاثر الثروة السمكية. كما أننا بذلك نعزز أنشطة السياحة البيئية، لا سيما الصيد الترفيهي، ونؤمّن أماكن لهواة الغطس لممارسة هوايتهم، مما يزيد من مردود أندية الغطس والصيادين. بذلك، نكون قد أمّنا التنوع في السلة الاقتصادية للصيادين وزدنا الثروة السمكية وبنينا موائل جديدة لحماية الأسماك ومساعدتها في التكاثر وتعزيز الثروة السمكية. يمتد الحيد على مساحة 1225 م2 على قعر البحر وشيد من 47 وحدة موزعة على منازل، أشجار، أبراج، وأنفاق ومكوّنة من الخرسانة والمعدن تتضمن صخورا كلسيّة وجرارا فخّارية.

- لماذا كان اختيار شاطئ بلدة البربارة؟ وما هي الخصائص التي يتميز بها لتجعل منه موقعاً استراتيجياً لهذا المشروع؟؟

* تم اختيار الموقع قبالة بلدة البربارة، كونه معرّضا للتيارات التي تحمل الغذاء وبيوض الأسماك والقشيريات والصدفيات الى الحيد البحري، كما أن بناء الحيد يتطلب عدم وجود تضاريس تحت المياه، فتلك المنطقة تتميز بأنها مسطحة وقليلة التضاريس خاصة على عمق ال 25 مترا حيث تم إنزال الحيد، كما هي معروفة بشطآنها الجميلة ويقصدها الناس لممارسة رياضة الغطس وصيد السمك، لا سيما مع وجود عدد كبير من مرافئ الصيادين في المنطقة.

- كيف ينعكس هذا المشروع على نشاط الصيادين؟ وهل من آلية معينة على الصيادين اتباعها للاستفادة منه؟

* بالنسبة الى الصيادين، فهم يستفيدون من تكاثر الأسماك، وبالتالي من زيادة محصول صيدهم، لأن الاحياد البحرية الاصطناعية تجذب الأسماك بأعداد كبيرة. والأهم من ذلك هو أنهم سيمارسون العديد من الأنشطة المتنوعة كالصيد الترفيهي، حيث سيتمكن المواطنون والسياح من ممارسة هواية الصيد مقابل بدل مادي يستفيد منه الصيادون، ولا سيما أنهم في هذا الحيد البحري، سيتمكنون حتماً من اصطياد السمك، ولن تكون غلّتهم فارغة كون الأسماك متوافرة بكثرة في هذا المجال. وهذا ما أثبتته دراساتنا، حيث إن الموائل الاصطناعية تؤمّن عدد أسماك أكبر بكثير من الموائل الطبيعية.

كما يستفيد الصيادون من اخذ الغطاسين لممارسة هوايتهم على هذا الحيد البحري مقابل بدل. وهنا، بإمكان الصياد الحصول على شهادة مرشد غطس ليتمكن من أن يقوم بدور الدليل تحت الماء لهواة الغطس. كما بإمكان الصيادين أو تعاونيات الصيادين تطوير هذه الأنشطة مع تقديم packages للزائرين تجمع بين الغطس والصيد وتقديم الطعام، مما يؤمّن مدخولاً مادياً اخر لهم.

- هل سنرى توسّعاً لهذا المشروع في مناطق وشواطئ أخرى في لبنان؟ وما هي الخطوات المستقبلية لتعزيزه في هذا الإطار؟

* هذا المشروع هو جزء من سلسلة مشاريع للأحياد الاصطناعية في لبنان. وكجامعة البلمند، نفّذنا أول حيد اصطناعي رسمي في منطقة العبدة سنة ٢٠١٢. والآن، هنالك مشروعان، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، لتنفيذ أحياد بحرية. الأول في البربارة وهو ال AR2020، حيث نقوم بتنفيذه، والثاني في جونية من تنفيذ جمعية Friends of Nature مع الدكتورة ميرنا سمعان.

نحن نشجّع توسيع هذه المشاريع لكي نتمكن من معالجة الأمور باكراً قبل تفاقم المشاكل والحدّ من تدهور البيئة البحرية. نحاول اليوم مساعدة البيئة البحرية التي تخضع لضغوطات هائلة لكي تتمكن من المحافظة على قدرتها بإعادة تكوين نفسها.

نتمنى، بوجود التمويل مثل التمويل من الاتحاد الاوروبي وعودة الدولة لدعم هكذا نشاطات كونها غائبة بشكل كامل اليوم، ان نتمكن من توسيع هذه المشاريع وتأمين حماية الثروة البحرية وتوفير الدعم الكامل للصيادين وهواة الرياضة البحرية.

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»