اين يمكن أن يصل بنا كلبنانيين، ذاك الاهتمام الأميركي الفائق بالوضع السوري ؟ نعلم أن واشنطن تراهن على عقد معاهدة للسلام بين سورية و "اسرائيل" قبل نهاية العام. لنتذكر ما أدلى به فلاديمير بوتين غداة اندلاع الأزمة في سورية "من دمشق ينبثق النظام العالمي الجديد".
نكتفي بالسؤال: أي نظام جديد في الشرق الأوسط...؟
ألا يفترض بنا أن نأخذ بالتحذير الفرنسي "اذا بقيتم في تبعثركم الراهن، لا بد أن تواجهوا بهذا الخيار: اما الوصاية العسكرية السورية أو بالوصاية العسكرية "الاسرائيلية"، وبعدما هال توماس براك مدى الفجوة السياسية والفجوة العسكرية، ناهيك بالفجوة السيكولوجية، بين القوى اللبنانية، وحيث يبدو أن عملية بناء الدولة أقرب الى المستحيل منها الى الممكن.
اين لبنان الان، وقد انكفأ على ذلك النحو الدراماتيكي، الدور الجيوسياسي لايران، لنكون أمام المحور البديل (سورية، تركيا، السعودية)، ودائماً داخل الحرملك الأميركي؟ هذا مع توقفنا عند اختيار المبعوث الأميركي، وبرغبة سعودية ذات دلالة، تناول العشاء على مائدة معراب، لا على مائدة المختارة أو أي مكان آخر. فخامة الرئيس سمير جعجع؟
كم يبدو الحديث فولكلوريًا عن الاستراتيجية الدفاعية، حين تقوم "اسرائيل" بتعرية كل الدول التي يمكن أن تشكل خطرًا عليها (وحتى وفق الرؤية التوراتية). هل متاح للبنان بناء قوات مسلحة قادرة على الدفاع عن البلاد ان في وجه "اسرائيل"، وهي الموجودة بكثافة وبقوة على الساحة الداخلية، او في وجه الفصائل السورية المعبأة طائفيا وعملانيا للانقضاض على لبنان، وعلى اساس أنه مثلما فتحت الحكومة الأبواب، وبضوء أخضر أميركي أمام حافظ الأسد، من الأولى أن تفتح أمام أحمد الشرع، وهو يتحول أكثر فأكثر الى حالة أميركية.
بطبيعة الحال، لا يمكن الرهان على التصريحات الشاعرية لتوماس براك. داخل تلك الاحتمالات العاصفة، وحيث التوجه الى ارساء معادلات استراتيجية جديدة في المنطقة، ولا مجال للرومانسية السياسية، حين يحكم الأميركيون قبضتهم على الشرق الأوسط كي لا يبقى الخاصرة الرخوة، حين تدق ساعة الصراع المباشر بينهم وبين الصينيين حول ادارة الكرة الأرضية، اذ أخذنا بقول الصحافي الأميركي الشهير بوب ودورد "قد تستطيع أن تقرأ ما في رأس الشيطان، لكنك لا تستطيع في حال من الأحوال، قراءة ما في رأس دونالد ترامب" !
اسألوا الرئيس نبيه بري اذا كان مطمئنًا لذلك النوع الملتبس من الحراك الديبلوماسي، ومن أي جهة كان هذا الحراك، ولو كان ثمة حديث حول التنسيق الأوركسترالي بين دول الحراك حول الصفقات، وحول التبدلات المرتقبة في اطار تغيير الشرق الأوسط، وفقًا لتقاطع الرؤية بين الولايات المتحدة والدولة العبرية حول الشكل الجديد للمنطقة.
لا نتصور أن الأمور يمكن أن تمضي بهذه السلاسة، اذا عرفنا مدى تغلغل الترسبات الايديولوجية والتاريخية في اللاوعي العام داخل المجتمعات العربية حيال السياسات الهيسترية "لاسرائيل"، التي ترفض أن تتحول المملكة العربية السعودية الى قوة سياسية وعسكرية مؤثرة، ترفض ذلك لتركيا، وقد لاحظنا كيف أن "اللوبي اليهودي" ضغط الى أبعد الحدود على الرئيس الأميركي كيلا يوافق على طلب السعودية انشاء مفاعل نووي، كمدخل الى الزمن التكنولوجي. هكذا لا يبقى العرب تحت الخط النووي، بل وأيضاَ تحت الخط التكنولوجي.
ماذا عن تركيا التي مضت بعيدا في اللعبة الأميركية، وحتى في اللعبة "الاسرائيلية"، من خلال ادارتها للتحول الزلزالي الذي حدث في سورية ؟ لنقرأ ما كتبه شاي غال، الخبير "الاسرائيلي" في السياسة الدولية وادارة الأزمات والتواصل الاستراتيجي، في صحيفة "يسرائيل هيوم" التي تتولى تغطية نفقاتها ميريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون، وهي من نجوم "اللوبي اليهودي"، كما أنها أكبر ممولة لحملة ترامب في الانتخابات الرئاسية.
غال كتب "انها المرة الأولى التي تسعى فيها تركيا الى "الهيمنة الاقليمية" منذ انهيار الأمبراطورية العثمانية عام 1922... وهي تقدم الدعم السياسي للمنظمات الارهابية، لا سيما حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، شأنها في ذلك شأن ايران، ما يزيد في زعزعة الأمن الاقليمي، ويهدد اسرائيل".
وأشار الى أن رجب اردوغان كان قد تكلم على احراز تقدم سريع في برنامج تصميم الصواريخ الباليستية، بعد اختبار ناجح لصاروخ من طراز "تايفون"... كما شرعت تركيا في الانتاج الضخم للطائرة الشبحية المطورة محليا "قآن"، مضيفا بأنها "تحث الخطى أيضاً في مشروعها النووي في منطقة مرسين، والذي يبدأ تشغيله هذا العام".
واذ لاحظ السياسات غير المنسقة للولايات المتحدة وأوروبا، أكد أن ذلك يستوجب ردًا "اسرائيليا" مستقلًا على غرار ما حدث لايران، وبعدما كان اردوغان الذي لم يقدم أي مساعدة سياسية أو لوجيستية لحركة حماس، أن المشروع "الاسرائيلي" يلحظ اقتطاع أجزاء من الأراضي التركي، ليبقى الكلام للكلام، وهو الذي بات أحد الأدوات الرئيسية في عملية تغيير الشرق الأوسط وفق الخطة الأميركية ـ "الاسرائيلية"، التي لا بد أن تطيحه في نهاية المطاف.
ترامب بشرنا بـ"الفردوس الشرق أوسطي". ولكن، هل يتقن هو ونتنياهو سوى صناعة الجحيم...؟!
يتم قراءة الآن
-
إنذار سعودي أخير وخطير للبنان
-
المخاطر تتزاحم: «إسرائيل»... أمن المخيمات... والخطر السوري؟ واشنطن تصرّ على تهميش باريس... ولا تفعيل للجنة وقف النار تفاهم «ثلاثي» على تعيينات قضائية ومالية في الحكومة اليوم
-
لبنان بين الوصاية السوريّة والوصاية "الإسرائيليّة"
-
فضيحة "Bet Arabia" تتمدّد: رؤوس كبيرة في قبضة القضاء... وهشام عيتاني هارب الى قبرص
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
09:34
مسيّرة "إسرائيلية" استهدفت بصاروخين بلدة الخيام جنوبي لبنان
-
09:29
وزير الخارجية الأوكراني: تعرض مدن تشيرنيفتسي ولفيف ولوتسك الغربية لهجوم مروع وتضرر مناطق أخرى بالقصف الروسي
-
09:10
المفوضية الأوروبية تقترح سقفاً للنفط الروسي أقل 15% من السعر العالمي
-
08:44
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: نحذّر الولايات المتحدة وحلفاءها من خلق تهديدات أمنية لروسيا وكوريا الشمالية
-
23:51
بوليتيكو عن مصدرين: ترامب يدرس تقديم حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بمئات الملايين من الدولارات.
-
23:50
وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون): الخارجية الأميركية وافقت على بيع عتاد صيانة لطائرات إيه-29 سوبر توكانو إلى لبنان بقيمة 100 مليون دولار.
