اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
على موقعه الالكتروني، نشر الرئيس سعد الحريري فيديو حول «الولادة المتجددة للنسر». (The rebirth of an eagle). اشارة منه الى أنه عائد بعد أن يستعيد منقاره، ومخالبه، وجناحيه.

لا ندري اذا ما كان يراهن على انقلاب يطيح الأمير محمد بن سلمان، أو على تغيير موقف هذا الأخير من كل ما يمت بصلة الى آل الحريري، وعلى أساس ألاّ أحد غيره يستطيع تغيير المعادلة الداخلية في لبنان. لندعه يقرأ ما كتبه أحد أنصار وزير طرابلسي سابق «ما فعلته يا دولة الرئيس لا يفعله النسر. هذا ما تفعله... الدجاجة» !

هذا الكلام يعيد الى الذاكرة واقعة شخصية. ذات يوم أقام أحد أزواج السيدة صباح دعوى قضائية ضدي على خلفية مقالة لي بعنوان «الجنرال والدجاجة»، حتى اذا ما جمعنا المحامي للمصالحة، وعرفت نجمتنا الرائعة بالعنوان، راحت ضحكتها تلعلع في أرجاء المنزل.

لن أكتب الآن عن «النسر والدجاجة»، مع أن نشر الفيديو الذي سأوضح معناه يستحق ما هو أكثر من ذلك. حين يبلغ النسر الأربعين (الحريري في الثانية والخمسين) ويشعر بوهن الشيخوخة، يضرب منقاره ومخالبه بصخرة ليحطمها، دون أن يكترث بذلك الألم الرهيب، ثم ينتف ريشه، ويعزل نفسه لمدة 150 يوماً، يستعيد بعدها كل قوته ليظهر وكأنه ولد من جديد.

نشير الى أن النسر لا يموت كما تموت الطيور الأخرى. حين يبلغ السبعين، يصعد الى احدى القمم، ويرمي بنفسه من هناك. بالتأكيد، سعد الحريري انتحر بصورة مختلفة. الرجل الذي ترعرع بين الأطباق الذهبية لا يمكن أن يتحمل آلام النسر. في كل الأحوال لا نشكك، قطعاً، بدماثته ولا طائفيته، دون أن يستحق الحد الأدنى من الكراهية.

المشكلة أنه، ومنذ اليوم الأول  لوصوله الى السراي، كطارئ على السياسة، انضوى في ثقافة الزبائنية التي يحترفها الكثير من رجال أبيه. تجربته كانت مريرة، وقد تحول الى عاشق للسلطة (وبأي ثمن). رصيده الذهبي أنه ابن رفيق الحريري، وأنه تحت «القبة الحديدية» السعودية التي ما لبثت أن أطبقت عليه، حتى اذا ما ظهر بهاء الحريري «تبيّن» أنه ليس الابن الوحيد لأبيه.

حقاً، لا أحد يدري على ماذا يراهن الحريري في احتمال عودته. لا اجابة واضحة لدى نواب التيار، ولا لدى المسؤولين فيه. الكل ينتظر أن يتكلم أحمد الحريري الذي يقول لنا وزير بيروتي سابق «أجزم بأنه الوحيد، بعد أمه «الست بهية» الذي قلبه على الحريري»، ليضيف «كلنا نعلم أن المكتب السياسي للتيار يضم ذلك الكوكتيل العجيب من المرتزقة، والمتسكعين، والانتهازيين، الذي ربما كانوا السبب في ما ابتلي به سياسياً ومالياً».

اشتكى من «النفوذ الايراني» الذي لم يعترض عليه أبوه والذي تعايش معه منذ أن بدأ مسيرته السياسية، ومن تخبط الدولة الذي شارك في صنعه، وأيضاً من التصدع الداخلي. هل يتصور أن معجزة ما ستحصل، وتعيده الى دولة فيها كل مواصفات جمهورية أفلاطون، وهو الذي يعلم أن المشهد اللبناني يزداد تعقيدا، وأن الدولة معلقة على تلك الخشبة التي تدعى صندوق النقد الدولي؟

نقول لدولة الرئيس الذي غادرنا على عجل. اعتدنا على وصف الساسة في لبنان بـ «الغربان بالياقات البيضاء». دعنا ننشر ذلك الفيديو الآخر الأكثر محاكاة لواقع الحال ((The rebirth of a crow الولادة المتجددة للغراب. كنت مثل الغربان الآخرين، وذهبت كما سيذهب الغربان الآخرون. الدجاجة أفضل بكثير...

بطبيعة الحال، هناك ساسة لا يفقهون أن السنّة أكبر بكثير من أن يكونوا طائفة. هم أهل الأمة. دخولهم في الدولة اللبنانية لم يكن يوم دخول رفيق الحريري، وخروجهم لم (ولن) يكون يوم خروج سعد الحريري. هم ليس بالتركة، ولا بالغنيمة، التي يتقاسمها هذا الزعيم الحزبي أوذاك.

هذا الكلام قاله أركان في تيار المستقبل للدكتور سمير جعجع، ولطالما راهن على الصوت السني الذي يجعله نجم النجوم في ساحة النجمة، وقد يكون الحصان الأبيض الذي يحمله الى القصر. النائب وليد البعريني كتب له «جعجع متورط حتى النخاع في طعن تيار المستقبل، ورئيسه، في ظهورهم وفي رقابهم. وهذه حقائق ثابتة لم تعد بخافية على أحد».

الحريري قال لأقرب المقربين «اياك وجعجع. انه... «. ثم راح يسرد الكثير (الذي يثير الذهول) حول دوره في احتجازه في الرياض، وعلى ماذا كان رهانه آنذاك...

الرجل غادر وشعاره «اللهم اكفني شر أصدقائي، أما أعدائي فاني كفيل بهم»...

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»