اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

العاجزون عن صناعة رئيس للجمهورية، كيف لهم أن يصنعوا الجمهورية ...؟!

أكثر بكثير من أن يكون زمن العار (وقد تكدست الفضائح فوق الفضائح). فرانز كافكا، بسوداويته الفذة، تحدث عن «الوجوه التي لكأنها رخام القبور». كوننا القبور البشرية نصف الأموات ونصف الأحياء. كما أشرنا، لا أحد مثل دانتي أتقن توصيف حالتنا في «الكوميديا الالهية» . «في الجحيم رأيت أناساً لا يعيشون ولا يموتون».

ترانا نعلم الى حيث نتدحرج ؟ لنأخذ بالاعتبار ما تقوله معاهد الأبحاث «الاسرائيلية». «دولة تتأرجح بين البقاء واللابقاء» . المثير تساؤلهم «ماذا عسانا نفعل اذا ما زال، أو انفجر لبنان». لا نتصور أنهم بعيدون عن بعثرتنا، وهم الذين يراهنون على ترحيل عرب الجليل الى ديارنا، بعدما عقّب آرييل شارون على وصف هنري كيسنجر لبنان بـ «الفائض الجغرافي، «بالقول... «والخطأ التاريخي» !

من المآثر الكبرى للطائفية في بلادنا، ودون الاكتراث لصرخة المادة 95 من الدستور، ما تناهى الينا من مرجعية دينية. صيحات للقادة المسيحيين «انقذوا في الحال رئاسة الجمهورية»، لا انقاذ الجمهورية، ودون أن نكون في نظام توتاليتاري حيث الدمج بين النظام والدولة ...

دستور ملتبس لدولة ملتبسة، كما لو أن تفخيخ النصوص كان مبرمجاً لنبقى هكذا على الخشبة . لنفترض أن القوى الخارجية توافقت، في لحظة ما، على تسمية رئيس للجمهورية، وحتى على طريقة طهو الديك الرومي، كما كان يفعل ريتشارد مورفي. هل المشكلة في رئيس الجمهورية أم في الجمهورية التي تلد الأزمات تلو الأزمات ليتواصل الرقص على حافة الهاوية؟

ماذا قال جان ـ ايف لودريان، وماذا قالت بربرا ليف، حتى إن رئيس المجلس النيابي وصف حالنا بـ «الويل». يا دولة الرئيس من ينقذنا من هذا «الويل» ؟ حتماً، ليست العصا السحرية لمفعولها الآني. غالباً ما تأتي بـ «تسوية اللحظة». لبنان بحاجة الى معجزة بامكاننا أن نجترحها، وان كان مستشار للبنك الدولي قد اعتبر أن الخلاص يفترض تغيير «كل شيء» .

هل نغيّر الجبال مثلاً، أم نغيّر الرجال، أم نغيّر ماذا ؟ حقاً لا ندري من أين وكيف نبدأ التغيير. النواب «التغييريون» فقاعة سياسية واعلامية لا أكثر.

هذه هي المشكلة ـ يا سيدتي المركيزة ـ كلنا ضالعون في انتاج هذا الفساد العظيم، وهذا الخراب العظيم. الخراب السوسيولوجي، بالدرجة الأولى، وقد قامت بيننا الستائر الترابية. أسوأ بكثير من أن تكون الكانتونات الطائفية. الدوقيات الطائفية، ومن طراز القرن الثامن عشر.

نعلم أننا الضحايا في منطقة تتقاطع فيها الفوضى الايديولوجية والفوضى الاستراتيجية، وبينهما الفوضى القبلية. لا مجال لاقامة الدولة المدنية ـ وهي الحل ـ وسط هذه الأدغال. ولكن من المستحيل أن تبقى دولة الطوائف ودولة المافيات. ظلال باهتة للقوى الدولية وللقوى الاقليمية على السواء.

وراء الضوء يقال لنا، ما دمنا ومرة أخرى دولة الغرائب، في أية لحظة قد يوحي الروح القدس لجبران باسيل أو لسمير جعجع بانتخاب سليمان فرنجية. الأول تجنباً للقطيعة مع حزب الله، والثاني بايعاز من مرجعيته الخارجية، باعتبار أن فرنجية في القصر هو غيره في أي مكان آخر ...

ويقال ان رئيس «تيار المردة» مدّ يده أكثر من مرة الى قائد «القوات اللبنانية» الذي يفترض أن يكون على بيّنة بأن فرنجية ليس برجل الثأر، وليس برجل الدم. من دون اعلان، لا بد من عقد ميثاق النسيان Pacto del olvido بين الرجلين، بل وبين كل مكونات الفسيفساء اللبنانية.

ولكن هل يمكن أن يأتي ذلك بدولة الشفافية، وبدولة الحوكمة، دون بلورة الديناميات والآليات الفلسفية التي تحدد شخصية هذه الدولة؟ هنا الأولوية التي يخشى البعض الاقتراب منها لأنها تقتضي جراحة دستورية يمكن أن تكون لها تداعياتها (الطائفية) الخطيرة على الأرض.

اذاً البقاء، الى اشعار آخر داخل هذا الستاتيكو، وحيث الاقامة على حافة الاحتمال، وان قيل لنا ان الشرق الأوسط كله على حافة الاحتمال. ماذا باستطاعة حجارة الشطرنج أن تفعل سوى الانتظار؟

الخشية أن نكون «بانتظار غودو» كما في مسرحية اللامعقول لصمويل بيكيت. ألسنا في دولة اللامعقول؟

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»