اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حتماً، البيت الأبيض لا ينظر الينا الا من خلال "اسرائيل" (والترسيم البحري مع "اسرائيل"). أما وأننا على وشك أن "نتقيأ" الغاز، لا بد أن يكون في القصر رجل فيه شيء من أميركا. ما حاول ايمانويل ماكرون أن ينقله الى أذني جو بايدن أن يكون رئيس الجمهورية كوكتيل من كل شيء، لا أن يكون بمعايير وزارة الخزانة الأميركية التي لكأنها وزارة الخزانة "الاسرائيلية"...

الفرنسيون الذين يرون ما نراه في "التسونامي الأميركي"، يريدون منها أن تفهم وتتفهم التركيبة المعقدة للدولة اللبنانية. متوجسون من أن يفضي التدهور الحالي، وبوجود منظومة سياسية رثة، الى زوال لبنان. لا بد من المعالجة الفورية للفراغ الدستوري، بمفاعيله الكارثية، ليس فقط بالتنسيق بين واشنطن وباريس، وانما أيضاً بتوحيد الموقفين.

ولكن هل يمكن للأميركيين الذين يلاحقون حزب الله أكثر مما يلاحقون روسيا أو الصين، أن يقتربوا من النظرة الفرنسية للحزب؟ حتماً لا، ما دمنا على بيّنة من تغلغل وتحكّم "اللوبي اليهودي" بكل مفاصل الدولة العميقة.

في ظل التفكك السياسي والطائفي، بأبعاده (واحتمالاته)، لا ترى تقارير برنار ايميه، رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية، أي امكانية لحصول توافق داخلي على انتخاب أي من رموز الطبقة السياسية.

الاليزيه يعوّل كثيراً على تفهّم قيادة حزب الله للرؤية الفرنسية للحل، ما دام الجانبان يبديان الخشية من التفاعلات الخطرة للفوضى الدستورية (تزامناً مع الانهيارات الاقتصادية والانهيارات المالية). وهي التفاعلات التي عادة ما تحاول أطراف خارجية، وبالتواطؤ مع أطراف داخلية، توظيفها لأغراض تستهدف الحزب بالذات.

وهو يرى أن احدى مشكلات الحزب ما يصفه بـ "الفائض الأخلاقي". في ضوء تجارب سابقة ومريرة، لم يعد يكتفي بالحذر، بل يمكن أن يشكك في أي مرشح لم يختبره عملانياً في الأوقات الصعبة (وما أكثرها!).

هذه مسألة طبيعية في بلد يعتبر مثالاً، بل مثالاً صارخاً للزبائنية السياسية، وحيث الفساد يشكل الجوهر الفلسفي (صحيفة "لوباريزيان" وصفته ساخرة بالجوهر الأفلاطوني) للدولة ولـ "أزلام" الدولة.

أخلاقية الحزب جعلته يحمل الجنرال ميشال عون على كتفيه الى القصر، وهي التي تجعله يتمسك بسليمان فرنجية، بعدما كان يقف عند عتبة القصر عام 2016، وأخلى الطريق للجنرال بناء على تمني قيادة الحزب. ولكن ألا يخشى الكثيرون أن تكون المطرقة الأميركية، ومعها المطرقة السعودية، بالمرصاد لفرض الحصار على الرئيس العتيد، ما يدفع بالبلاد الى ما بعد ما بعد جهنم؟

ما تنقله المصادر الديبلوماسية أن الفرنسيين ينظرون الى الجنرال جوزف عون كـ "حالة لبنانية" بالكامل. هذه ليست مجرد قراءة من الخارج لقائد الجيش. هم حادثوه عن كثب كما اطّلعوا بدقة على مساره الشخصي والعسكري. في نظرهم أنه ليس بالرجل الغامض، وان آثر بسبب موقعه الحساس، وفي أجواء التلاطم السياسي والطائفي، البقاء في الظل. يتردد أنهم استخدموا هذه العبارة في وصفه "رجل لا تتقاذفه الرياح، ولا تتقاذفه الأضواء"!!

أما ما يتذرع به البعض من أن الجنرال لا يمتلك الخبرة في ادارة الدولة (كما لو أن ادارة المؤسسة العسكرية تقل حساسية عن ادارة الدولة)، فهل كان الرؤساء السابقون يمتلكون تلك الخبرة؟ التجارب اظهرت أن بعضهم شغل المنصب بذهنية من لا يصلح لادارة مستودع للخردة.

هم يستعيدون مثالاً من الولايات المتحدة. حين طلب جون كنيدي من روبرت ماكنمارا، وكان رئيس مجلس ادارة "جنرال موتورز" اشغال حقيبة الدفاع، قال: "أنا لا أعرف كيف أكون وزيراً للدفاع". رد كنيدي: "وأنا أيضاً لم أكن أعرف كيف أكون رئيساً"...

هموم ماكرون في المحادثات كانت فرنسية، سببها الانعكاسات المروعة للحرب في أوكرانيا، مع اصرار واشنطن على التصعيد، دون الاكتراث لصراخ الأوروبيين. هموم جو بايدن أيضاً كانت أميركية. لا نتصور أن القمة جعلت من الأزمة الللبنانية همّاً أميركياً ـ فرنسياً مشتركاً.

ثمة مصطلح للكاتب والسياسي الفلسطيني اميل حبيبي يمزج بين التفاؤل والتشاؤم: التشاؤل!!..

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»