اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

انسداد افق الحل للازمة اللبنانية، المتشعبة العناوين الدستورية والسياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية، هو ما يمكن ان يطلق من وصف على ما يمر به لبنان منذ سنوات، والابرز فيها الشغور في رئاسة الجمهورية منذ اربعة اشهر، حيث لم يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية، منذ ان افتتح رئيسه نبيه بري الجلسات في ايلول الماضي، حيث لم ينجح النواب في انتخاب خلف للرئيس ميشال عون، وتوقف المجلس عن الانعقاد بعد الجلسة الـ 11 ولم يدع الرئيس بري بعدها لجلسة جديدة، مع اعتصام النائبين ملحم خلف ونجاة صليبا عون اللذين سعيا للضغط كيلا يخرج النواب من القاعة الا وامنوا انتخاب رئيس، والذي لم يحصل بسبب عدم توافر النصاب في الجلسة الثانية للانتخاب.

فلا بوادر لانتخاب رئيس للجمهورية في المدى القريب، وفق مصادر نيابية وسياسية متعددة، لان الحوار الداخلي حوله لم ينعقد، وقد دعا اليه بري للتوافق حول مرشح بمواصفات تقبلها الكتل النيابية، وجاء الرفض من "كتلتين مسيحيتين هما: "الجمهورية القوية" التي تنتمي الى"القوات اللبنانية"، و"تكتل لبنان القوي" المنتمي الى "التيار الوطني الحر"، لان الشروط المطروحة من اطراف الصراع على رئاسة الجمهورية لا يمكن ان يلتقي عليها النواب، اذ يرفض كل طرف المرشح الآخر، فرفع "السياديون" شعار عدم انتخاب رئيس من "فريق الممانعة"، او ما كان يسمى بفريق 8 آذار. وتكرار تجربة انتخاب مرشح مثل ميشال عون يقابله "المحور المقاوم" بأنه يرفض مرشحا يطعن المقاومة في ظهرها وتأتي به السفارات لا سيما الاميركية.

وامام هذه الشروط والشروط المضادة من الكتل النيابية، يبقى الاستحقاق الرئاسي يراوح مكانه، اضافة الى ان بكركي تحفظت عن دعوة النواب الموارنة الى اجتماع للبحث في الانتخابات الرئاسية، لان الاطراف المعنية رفضت اللقاء ، وكان سبق وحصل لكنه لم يسفر عن نتيجة ايجابية، سواء بتقديم لائحة اسماء مرشحين في زمن البطريرك الراحل نصرالله صفير او في رعاية البطريرك الراعي حيث عقدت لقاءات لأقطاب الموارنة قبل الاستحقاق الرئاسي السابق.

فالموارنة ليسوا متفقين على مرشح، وبكركي نأت بنفسها عن الترشيح، وان كان سيدها يلمح احيانا امام زواره بأسماء يرتاح اليها، مما يعقد عملية الانتخاب التي لا تحصل في انتخاب رئيس مجلس النواب منذ اكثر من ثلاثة عقود، ولا تلاقي صعوبة في تسمية رئيس حكومة في زمن "الحريرية السياسية"، في حين ان اصعب المعارك هي رئاسة الجمهورية التي يدخل فيها الطموح الشخصي الماروني والتركيبة السياسية الطائفية اللبنانية، كما المصالح الخارجية ومشاريع الدول في لبنان، التي كانت تصنع او تفرض رئيس الجمهورية في لبنان، وفق قراءة لتاريخ الانتخابات الرئاسية منذ العام 1920 الى ما بعد الاستقلال في العام 1943 حتى آخر انتخابات عام 2016.

ففي الداخل، تبدو الطريق امام المرشحين الى القصر الجموري مقفلة، ولم يتمكن "الاجتماع الخماسي" في باريس قبل اسبوعين من فتحها، لان الدول التي اجتمعت في العاصمة الفرنسية وضمت اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، نظرت الى رئاسة الجمهورية من زاوية مصالحها في لبنان والمنطقة، فأرادتها اميركا والسعودية الا يكون فيها مرشح لحزب الله او يدعمه، وهو الطرح الذي يلتقي مع اطراف لبنانية رشحت النائب ميشال معوض، في حين ان فرنسا وقطر لا تمانعان أن يحظى المرشح بتأييد حزب الله، ولكل منهما علاقات جيدة مع حزب الله وايران، في وقت تأمل مصر ان يكون رئيس الجمهورية توافقيا، حيث كان لمصر دور اساسي في لبنان، وما زالت مؤثرة فيه وتؤدي دور الوساطة مع اطرافه الداخلية، كما اصحاب النفوذ فيه.

فلا الحوار اللبناني حصل للتوافق حول مرشح، لا بل ان مجلس النواب ذهب في عطلة كهيئة ناخبة او تشريعية، وكل طرف يقف عند "سلاحه الدستوري"، في وقت لم تفتح بكركي ابوابها "للقاء مسيحي"، بل هي تقوم بمحاولة استمزاج رأي "زعماء موارنة" كلف بها انطوان بو نجم، وهو الحراك الذي قام به ايضا رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط وكتلته النيابية "اللقاء الديموقراطي" لاحداث خرق في جدار الازمة الرئاسية لكنه لم يتوصل بعد الى نتيجة اذ ان الحوار الداخلي يدور في "حلقة مغلقة".

اما الخارج فلم تصدر عنه سوى نصائح وعملية حث النواب اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية. واكتفت الدول المعنية بلبنان باصدار البيانات وكان ابرزها ما صدر عن وزراء خارجية اميركا وفرنسا والسعودية في ايلول من العام الماضي في وقت لم يصدر عن "الاجتماع الخماسي" اي بيان بل رسائل حملها سفراء الدول الخمس الى المسؤولين لدفعهم نحو انتخاب رئيس للجمهورية.

الأكثر قراءة

ولادة أخرى للشرق الأوسط؟