اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اذا أخذنا بملاحظة "فوكس نيوز". التنين حين يفكر، أو حين يخطط ديبلوماسياً، يخلط بين القفازات الحريرية والقبقاب الخشبي. ما أضفت عليه القناة من مواصفات، عشية اطلاق الخطة الصينية للسلام في أوكرانيا، تعني شيئاً واحدا... انه التنين الغبي!

من أي باب يدخل التنين الى هذه المتاهة ؟ حين كان المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة تشانغ جون أون يقول أن بلاده في صدد الاعلان عن تلك الخطة، كان وانغ يي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي (أعلى موقع ديبلوماسي)، يؤكد من موسكو على ضرورة اقامة عالم متعدد الأقطاب.

هذا ما يزلزل أعصاب الصقور داخل الاستبلشمانت، وهم يخوضون الحرب العالمية الثالثة كما لو أنهم يخوضون مباراة لكرة القدم. اذا كانت الحرب الثانية قد انتهت بالقنبلة النووية، كيف يمكن أن تنتهي الحرب الثالثة؟

الجمعة (24 شباط) أعلنت بكين خطتها للسلام. لا ترضي الروس الذين يعتبرون أن الأقاليم الأربعة المتاخمة لحدودهم، جزء من أراضيهم "التاريخية"، ولا ترضي الأميركيين الذين يعتمدون على تقارير أجهزة الاستخبارات بالرهان على تغييرات وشيكة، ليس فقط في البنية السياسية والعسكرية الروسية، بل وعلى تغييرات في البنية الجغرافية.

حجة تلك الأجهزة، اذا كانت الهزيمة العسكرية أمام الأفغان قد أدت الى تفكك الأمبراطورية السوفياتية، فان الهزيمة أمام الأوكران، وهم جنس آخر من البشر، لا بد أن تؤدي الى زوال الأمبراطورية الروسية.

المعلق اليميني المتشدد ميلو يانوبولوس يدعو الأميركيين الى الاستعداد السيكولوجي لالحاق سيبيريا بالولايات الخمسين، لا عن طريق البيع مثلما فعل اسكندر الثاني، العائد منهكاً من حرب القرم، حين تخلى عام 1867 عن آلاسكا لأندرو جونسون مقابل 7.2 ملايين دولار، وانما بسبب تفكك روسيا...

الأميركيون واثقون من هشاشة الاتحاد وقابليته للانفجار. من هنا تركيز فلاديمير بوتين على شد العصب القومي بوصف الحرب الحالية بـ "الحرب الوجودية"، ما يعكس مدى الخلل البنيوي في الهيكيلية الاتنية للدولة.

لنتذكر قول جورج كينان، صاحب نظرية "الاحتواء" عام 1946 غداة مؤتمر يالطا، وعشية اندلاع الحرب الباردة، وهو الديبلوماسي الذي ما زالت أفكاره تشغل رؤوس صانعي السياسات الخارجية في بلاده "مشكلتنا مع روسيا كونها لا تصدق أنها دولة موجودة" !!

ولكن لنتوقف قليلاً أمام دعوة هنري كيسنجر، الذي يعارض "الذوبان" داخل الحالة الأوكرانية، للقادة الغربيين بـ "عدم الانزلاق في مزاجية اللحظة" (In the mood of moment) .

ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، حذّر من "الضبابية في الرؤية". في الكرملين ليس هناك رجل بشخصية ليونيد بريجنيف المترهلة، ولا بشخصية ميخائيل غورباتشوف الضائعة، وانما أمام ذلك القيصر الذي يدرك أن الهزيمة العسكرية لا تعني فقط سقوطه هو بالذات، وانما سقوط الدولة .

كنا قد كتبنا أن الصين هي الدولة الوحيدة المؤهلة للاضطلاع بدور ديبلوماسي بين أميركا وروسيا. الآن، يبدو أن تغييرات كثيرة طرأت على الميدان. بعين حمراء ينظر الأميركيون الى التقارب بين شي جين بينغ وفلاديمير بوتين، وان كانوا يعلمون أن المزاج الروسي بعيد جداً عن المزاج الصيني. وصفوا الخطة الصينية بـ ... الخادعة!!

هم يعتقدون أنه لولا الدعم الاقتصادي الصيني، لكانت الدبابات العائدة من أوكرانيا تحاصر الكرملين. لاحظنا كيف أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن سارع الى التشويش على الخطة، بتحذير بكين من تزويد الروس بالأسلحة، وهو ما عاد وردده مسؤول السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل.

الحرب انتهت الى حد "من يكسر عظام من". لا مجال حالياً لأي اختراق ديبلوماسي. لكن الثابت أنه لن يكون هناك منتصر. حين تصبح واشنطن وموسكو أمام هذه الحقيقة تظهر اللحظة الديبلوماسية، ويدخل التنين من الباب لا من ثقب الباب...

عادة الديبلوماسية تستسيغ الرقص فوق الجثث...

الأكثر قراءة

الليرة تنهار دون كوابح ولبنان ينافس افغانستان على المرتبة الاخيرة في «التعاسة» «مساومة» سعودية تؤجل الحل وفرصة مقيدة للمعارضة للاتفاق على مرشح رئاسي دعوة بكركي للصلاة تكتمل بموافقة الاحزاب المسيحية الرئيسية ولا تفاهمات سياسية