هذه التوطئة، هي للنظر الى اين لبنان في الاتفاق السعودي ـ الايراني برعاية الصين لتجديد العلاقات بين الطرفين، وكل منهما يريدها، ووقف الحروب في المنطقة مباشرة، او بالواسطة، وتعزيز الامن والاستقرار فيها، والاستثمار في نمو المنطقة على كل الصعد، حيث بات للصين دور محوري في العالم، وقطب اساسي تخشاه الولايات المتحدة الاميركية، وقد تمكن من اقامة علاقات سليمة مع العديد من الدول، ليس بعقلية المستعمر بل المستثمر في صناعة عالم جديد، تسقط فيه القطبية الأحادية، التي مثلتها الولايات المتحدة مع انهيار الاتحاد السوفياتي وسقوط جدار برلين مطلع التسعينات من القرن الماضي، واستلحاق اوروبا بالسياسة الاميركية.
فالصين تدخل الى العالم عبر "طريق الحرير"، وهو مشروع اقتصادي، تعمل مع شركاء لها في الدول التي يمر الطريق في برها او مياهها، فكان توغلها في آسيا وافريقيا، وقد ايقنت دول عديدة، ان مصلحتها التوجه شرقاً، فكانت الصين، التي عززت علاقاتها مع دول عربية، فكانت القمم الثلاث التي عقدت في السعودية، فحضرت الصين القمة السعودية ـ الصينية ثم الصينية ـ الخليجية والصينية ـ العربية، حيث كان اعلانا صريحاً من الرياض، انها على "طريق الحرير"، وان اميركا لم تعد الصديق الوحيد لها، بل هي احد الاصدقاء، وفق ما يفسر مصدر سياسي لبناني على علاقة مع السعودية، والذي يشرح التطور الذي يحصل في السياسة السعودية، منذ تولي الامير محمد بن سلمان السلطة، بان الرياض لم تعد تضع كل اوراقها في السلة الاميركية، بل هي تنوّع اسواقها، وتعمل وفق مصلحتها، وتسعى الى الخروج من "الابتزاز الاميركي" لها، وهو ما عبّر عنه الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب عندما قال متوجها الى الملك سلمان "ادفع يا ملك" في تصرف غير لائق ولا اخلاقي، وهو الذي استحصل على اموال من السعودية بالاف مليارات الدولارات.
فتوجه المملكة السياسي الجديد هو "صفر مشاكل"، وهي بدأته مع ايران الدولة التي ومنذ انتصار "الثورة" فيها ضد الشاه واسقاطه ورحيله، فان المملكة ارتابت من الامر، بان تمتد اليها، فبدأ الصراع بين الدولتين، وكانت الحرب العراقية ـ الايرانية ابرزها، وآخرها ما حصل في اليمن، اذ كلفت هذه الحروب خسائر بشرية ومادية سواء في العراق او سوريا او لبنان اضافة الى عمليات امنية في البلدين وتحريك جماعات موالية لهما.
من هنا، فان الصراع السعودي ـ الايراني المباشر او عبر الساحات، انهك البلدين، وهما يسعيان الى اتفاق ينهي سنوات الحرب بينهما، فدخل على الوساطة كل من العراق وسلطنة عُمان، وجاءت الصين لتنجح بعد اربعة ايام من مفاوضات الوفدين السعودي والايراني في التوصل الى اتفاق يعيد العلاقات الديبلوماسية بينهما، ويمنع تدخلهما في شؤونهما كما في دول اخرى، ويؤسس لعلاقات تنموية يتقدم فيها الاقتصاد على الحرب غير المجدية، حيث تكشف مصادر ديبلوماسية، عن ان طهران والرياض ذهبتا الى بكين، ونيات المصالحة موجودة، لان كلا من الدولتين تدفعان الثمن مع الشعوب التي يحصل القتال باسمهما، وكل منهما وفق قراءته لهذا الحدث او ذاك.
فالاتفاق السعودي ـ الايراني ترك ارتياحاً في العالم العربي، كما في الدول الكبرى، ودول اوروبية، وامتعضت منه اميركا التي ترى انفلاتا سعودياً عن سياستها، وهو ما اقلق "اسرائيل"، الذي سبق وخشيت من الاتفاق النووي الايراني عام 2015، وحاولت تجيير دول عربية، لا سيما السعودية ضده بان هذا الاتفاق موجه ضدها، وقد ابتزها ترامب بان علق العمل بالاتفاق من الجانب الاميركي، ليقبض ثمنه من المملكة، ويريح "اسرائيل"، الا ان تحولاً حصل ولم تعد السعودية تخشى "النووي الايراني" الذي لا يستخدم الا للطاقة، وهذا ما سرّع في عقد الاتفاق السعودي ـ الايراني.
اما ما هو تأثير تجديد العلاقة السعودية ـ الايرانية في لبنان، فسيظهر في استحقاق رئاسة الجمهورية، لجهة اعتباره شأناً داخلياً، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، بان قال ان الانتخابات الرئاسية، هي شأن لبناني ـ لبناني، وهو ما اكد عليه الامين العام "لحزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي اثنى على الاتفاق بين طهران والرياض، لكنه لن يغير من موضوع الرئاسة الاولى، دون رفض اي مساعدة خارجية، تسهّل الحل في لبنان، وبذلك يكون الاتفاق السعودي ـ الايراني، قد حرّر الاطراف اللبنانية من صناعة الرئيس من الخارج، لجهة اللجوء الى التنافس او الحوار والتوافق، بما يطرح السؤال: هل تكون صناعة رئيس الجمهورية لبنانية بعد الاتفاق الذي قد يسهّل الانتخاب؟
يتم قراءة الآن
-
ولادة أخرى للشرق الأوسط؟
-
مساعٍ للــــــقاء «الخـــماسي» في القاهرة او الرياض اواخر نيسان المــــوفد القطري في بيروت غدا والانقسام الداخلي يصعّب حسم الخيار الرئاسي ميقاتي لم يحسم جلسة الحكومة ولبنان يتجنب العزلة بعد فك اضراب اوجيرو
-
دمج النازحين السوريين هو الحدث الخطير الذي يخطط للبنان القرار الأميركي – الأوروبي اتخذ بتواطؤ لبناني وتنفيذه "دولرة المساعدات"
-
زيارة فرنجية لفرنسا تخطف الاضواء وتساؤل حول النتائج قيادي اشتراكي بعد «لقاء باريس»: نظرية الرئيس التحدي سقطت والانتقال الان الى مرشح توافقي قطاع الاتصالات يهوي ولبنان يقترب من عزله عن شبكة التواصل العالمي
الأكثر قراءة
-
مساعٍ للــــــقاء «الخـــماسي» في القاهرة او الرياض اواخر نيسان المــــوفد القطري في بيروت غدا والانقسام الداخلي يصعّب حسم الخيار الرئاسي ميقاتي لم يحسم جلسة الحكومة ولبنان يتجنب العزلة بعد فك اضراب اوجيرو
-
دمج النازحين السوريين هو الحدث الخطير الذي يخطط للبنان القرار الأميركي – الأوروبي اتخذ بتواطؤ لبناني وتنفيذه "دولرة المساعدات"
-
طهران تعلن استشهاد دبلوماسييها المختطفين في لبنان منذ 1982
عاجل 24/7
-
10:56
الراعي: ليعلم السياسيّون وعلى رأسهم نواب الأمّة أنّ ضامن السياسة الصّالحة هو انتخاب رئيس جمهوريّة لكي تنتظم معه المؤسّسات الدستوريّة
-
10:55
الراعي: السياسيّ مدعوّ ليُدمّر في ذاته خطيئة الفساد والمصالح الخاصة والأنانية و المكاسب غير المشروعة والتعدّي على المال العام وعليه أن يلتزم خدمة المحبّة والعدالة وخير المواطنين
-
10:54
البطريرك الراعي في قداس أحد الشعانين: السلطة هي خدمة ولا يُمكن أن تكون تسلّطاً والمسؤولون خدّام الناس للخير العام فالسياسيّ الحقيقيّ خادم وعندما لا يكون كذلك فهو سياسيّ سيّء بل ليس سياسيًّا لأنّ السياسة فنٌّ شريف لخدمة الخير العام
-
09:45
بوتين: روسيا وبيلاروسيا تتعاونان بشكل فعال رغم ضغوط العقوبات الغربية
-
09:21
وكالة الأنباء الكورية الشمالية: قدرات بيونغ يانغ النووية ليست "بأحاديث فارغة"
-
08:18
احصاءات غرفة التحكم للحوادث التي تم التحقيق فيها خلال ال ٢٤ ساعة الماضية: 5 حوادث و 10 جرحى
