اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
في وقت تتجه المنطقة الى التهدئة، والمزيد من التعاون بين دول كانت متخاصمة، ابرزها ايران والسعودية، فضلا عن الانفتاح الكبير التي تقوده السعودية تجاه سوريا، يسير لبنان الى فوضى اكبر وازمات وانفجارات معيشية، بدأت تطل برأسها عبر غضب الناس في مناطق متعددة، وآخرها تظاهرات العسكريين المتقاعدين في وجه السلطة السياسية. فلماذا لبنان لم يتلقف او بالاحرى، لماذا لم يُسمح له بتلقف التغيير الايجابي الذي يحصل في الشرق الاوسط ؟ ولماذا لم ينعكس القليل من الهدوء عليه جراء التقارب بين طهران والرياض، خاصة ان ما يحصل ليس محطات سياسية متفرقة، بل جميعها تصب في رسم طريق جديد للمنطقة. ولماذا يبقى لبنان خارج اطار الساعة الاقليمية، الساعة الصينية – السعودية – الايرانية، وما زال الانهيار يتفاقم اكثر فاكثر؟

يقول مصدر ديبلوماسي بارز لـ «الديار» ان اجواء المنطقة باتت مستقرة جدا برعاية صينية، وهي حتما تدخل عصرا جديدا، فالمصالحة السعودية- الايرانية ممتازة، وسيزور الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي السعودية قريبا، كما ان الرئيس السوري بشار الاسد قام بزيارة الى الامارات عبّرت عن حسن العلاقة الجيدة بين الدولتين، كما ان المصالحة المصرية - التركية اكتملت بزيارة وزير الخارجية التركي للقاهرة، اضافة الى العراق الذي يسير نحو الهدوء، حيث انحسرت الاعمال التفجيرية والشغب في اراضيه.

فلماذا لم تنعكس هذه الاجواء على لبنان في الداخل؟ يجيب المصدر الديبلوماسي ان لبنان الديموقراطي لا يناسب الدول العربية كما هي الآن، فضلاعن ان الولايات المتحدة لا تريد ان ينفتح لبنان على الدول العربية، خاصة على سوريا، والدليل على ذلك ان واشنطن منعت جر الغاز من مصر عبر سوريا الى لبنان، كما منعت امداد لبنان بالكهرباء من الاردن عن طريق سوريا، وهذا ما جعل الازمة في لبنان تزداد وتكبر.

ويؤكد المصدر الديبلوماسي ان الولايات المتحدة ارتكزت على حجة ان سوريا قد تستفيد من الغاز المصري على اراضيها والمد الاردني عبر سوريا، ويضيف انها تعترض على العلاقات الممتازة بين الامارات وسوريا، خاصة ان دولة الامارات تدور في الفلك الاميركي، كما ان السعودية قررت فتح قنصليتها في دمشق، وسيزور سوريا وزير خارجية السعودية ويجتمع مع الرئيس السوري بشار الاسد.

فلماذا لا تعترض واشنطن على تعزيز العلاقات السعودية- السورية؟ فيما تعترض على تعزيز علاقة لبنان مع سوريا وعلى اي علاقة يقيمها لبنان مع دول تقيم علاقات جيدة مع السعودية؟ المصدر الديبلوماسي يؤكد ان الولايات المتحدة لا تريد لبنان بلدا ديموقراطيا منفتحا على جواره، بل تريده مخنوقا في عنق الزجاجة، محاصرا لا يخرج منها، وهي تستمر في ايلامه دائما، وربما زيارة نائب وزير الخارجية الاميركي بربرا ليفي الى بيروت، جاءت لترى بام العين التدهور المستمر في بلدنا المطوق.

وفي الاطار ذاته، اعتبرت مصادر عربية رفيعة المستوى ، ان السعودية لا تريد للبنان ان يدخل في المرحلة الجديدة على وقع وصول رئيس تابع لفريق الممانع، وبالتالي مقرب من ايران، وهذا ما يفسر «الفيتو» السعودي على المرشح سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية. واكدت المصادر ان السعودية تريد ان يبدأ التغيير في لبنان بدءا من رئاسة الجمهورية واعادة انتاج السلطات كلها، حيث ان الرياض اسقطت المقايضة الفرنسية القائمة على رئيس للجمهورية من الفريق الممانع ورئيس حكومة لـ14 اذار اذا جاز التعبير.

وتستطرد المصادر العربية الرفيعة المستوى بالقول: ان السلطات الدستورية متكاملة ومتجانسة وليس متصادمة ومتواجهة. في المقابل، يتمسك حزب الله بالمرشح سليمان فرنجية بهذا القدر، مدركا ان المنطقة دخلت في مرحلة تحولات كبيرة. وعليه، يبدو ان هناك توجها لوقف بث محطة المسيرة التابعة للحوثيين، والتي تبث من الضاحية وتستهدف السعودية، وبالتالي يقوم حزب الله بتموضع صغير من منطلق قوة، ويحصن نفسه بما انه قارئ ذكي للمستجدات التي تطرق باب المنطقة حديثا. من هنا، لن يتراجع حزب الله عن فرنجية، ويريد رئيسا على غرار اميل لحود لا يبدل موقفه السياسي، رغم تبدل الظروف السياسية في عهده مع خروج الجيش السوري من لبنان آنذاك.

اتهام بري للمسيحيين بالتعطيل يتفاعل

داخليا، احدث اتهام الرئيس نبيه بري للقوى المسيحية بتعطيل الانتخابات الرئاسية تفاعلا كبيرا، حيث ذكرت اوساط مسيحية لـ «الديار» انه اتهام ظالم جدا، في حين أن التعطيل آت من الثنائي الشيعي، الذي اعتاد تجميد انتخابات رئاسة الجمهورية على قاعدة «هذا المرشح المسيحي او لا احد»، كما فعل في انتخابات رئاسة الجمهورية للعماد ميشال عون، عندما عطل الانتخابات لسنتين واربعة اشهر. واليوم يكرر بري المشهد ذاته، اذ يعلن ان المرشح المقبول الذي يريده هو رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، والا فلا انتخابات رئاسية. والدليل على ذلك ان بري كرئيس لمجلس النواب عطل جلسات البرلمان، ولم يعد يدعو الى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، ما دامت الاكثرية الساحقة من المسيحيين لا تؤيد فرنجية على مستوى النواب والكتل النيابية.

وسألت الاوساط المسيحية الرئيس بري كيف يمكنه ان يتهم المسيحيين بتعطيل الانتخابات، وهو لا يقبل ان يعارض ترشيحه نائب شيعي واحد، ويرفض هذا الحق على المسيحيين اذا عارضوا مرشحه فرنجية ؟ اضافت المصادر: ان لعبة بري اصبحت مكشوفة، ويحاول للمرة الثانية فرض على اللبنانيين رئيس من الطائفة المسيحية، ولا يقبل ان تحصل معارضة مسيحية لذلك؟

ملاقاة القوى السياسية للتغيير الايجابي الحاصل في المنطقة

وبمعزل ان كان نائب الامين العام حزب الله الشيخ نعيم قاسم من دعا الى اتخاذ السلطة اللبنانية قرارات سيادية ورفع الصغط الاميركي – الاوروبي، وما يثيره من حساسية لدى الاحزاب المعارضة لحزب الله، انما كلام قاسم هو كلام سيادي، يجب ان يردده اي مواطن لبناني، وهو كلام يجب ان يجتمع عليه اللبنانيون جميعا من مختلف الاحزاب، خاصة ان المنطقة تلمس التهدئة، في حين ان لبنان لا يزال غارقا في ازماته وكوارثه المعيشية، وفق اوساط وزارية لبنانية. وقد اصبح واضحا للجميع وللمعارضة وللفريق الممانع، ان ما من دولة ستأتي لتنقذ لبنان، بل الدولة وحدها والشعب وحده سينقذ نفسه من هذا الجحيم. وطالبت المصادر الوزارية بتلقف كلام الشيخ قاسم دون وضعه في خانة انه كلام تابع لحزب واحد، بل كلام انقاذي من كل المآسي والاوجاع التي يشهدها الشعب اللبناني. فمتى فعلا يتمرد لبنان، وقد رأى بأم العين تخلي الجميع عنه في اقسى ظروف يمر بها؟

«التيار الوطني الحر»: التراكمات في تهميش المسيحيين في الحكم هي التي اغضبت باسيل

بدورها، قالت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الديار» ان النائب جبران باسيل ما كان ليعلق على تأجيل التوقيت الصيفي، لولا التراكمات التي حصلت وتحصل في الخروج عن الدستور، وحكم البلد من قبل الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، واتخاذهما كافة الاجراءات التي تتعلق بالدولة. ذلك ان مجلس الوزراء عقد في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية، وفي ذلك اهانة للمسيحيين، ورغم ذلك لم يبال احد بموقف الكتل المسيحية، ثم توقيع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي نيابة عن رئيس الجمهورية وهو مخالفة دستورية، ولم يسأل احد عن موقف ال 24 وزيرا ومن بينهم الوزراء المسيحيون. وتابعت المصادر ان بري لا يدعو الى جلسات نيابية لانتخاب رئيس للجمهورية متمسكا بمرشح واحد، ومن ثم يحصل تلزيم المطار دون مناقصة، ويتم البت بالمشروع ب122 مليون دولار دون المرور بمجلس وزراء ولا هيئة الشراء. فكل هذه الاعمال التي تتعارض مع منطق الدولة والقانون، الى جانب محاولة عزل المسيحيين عن الحكم وتهميش دورهم هو امر غير مقبول، حتى وصل الامر بان يتخذ بري وميقاتي القرار بالتوقيت الصيفي، وكأنهما يتحكمان ايضا بصيفنا.

وعن اتهام بري لكتل مسيحية بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية، استغربت مصادر «التيار الوطني الحر» هذا الاتهام، وردت:»ماذا يجب على المسيحيين القيام باكثر مما يقومون به... اذا كان يوجد، فليقلها لنا بري». واعتبرت المصادر ان التيار الوطني الحر اعرب عن استعداده للحوار وللنقاش حول اسماء لرئاسة الجمهورية، في حين انه يتمسك بمرشح واحد، ولكنه لا يمد اليد للآخرين لمعرفة عدد الاصوات التي ستؤيد مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية، وبالتالي اذا لم يتوافر النصاب المطلوب لانتخاب فرنجية، عندئذ يجب الانفتاح على الآخرين والنقاش والتحاور معهم.

وعن بعض الاحزاب المسيحية التي ترفض الحوار، لفتت المصادر الى ان هذا الرفض سيكون مؤقتا، مشيرة الى ان هذه الاحزاب ستقبل الحوار في نهاية المطاف.

«القوات»: مصدر تعطيل الانتخابات الرئاسية هو الفريق الممانع

من جهتها، اوضحت مصادر «القوات اللبنانية» لـ «الديار» ان حزبها رفض الحوارات الوطنية والمسيحية في معرض انتخابات رئاسية، حيث اعتبرت ان الانتخابات تجري في البرلمان ضمن آلية انتخابية واضحة المعالم، ولا لزوم لحوارات يراد منها تحميلها مسؤولية عدم انتخاب رئيس، فيما المسؤولية تتحملها الكتل الممانعة، ورفض رئيس مجلس النواب الدعوة لجلسات انتخابية متتالية. وتؤكد المصادر ان هناك محاولات دائمة لرمي مسؤوليات الشغور الرئاسي على المسيحيين، بان عدم اتفاقهم ادى ويؤدي الى الفراغ في موقع رئيس الجمهورية، فيما يعلم القاصي والداني ان الفريق الممانع يعطل كل استحقاق رئاسي بهدف ايصال مرشحه الممانع، لافتة الى ان اي حوار مسيحي- مسيحي كمن ينقل كرة التعطيل والشغور الى ملعب المسيحيين ،في حين ان الازمة الرئاسية ليست عندهم.

واضافت المصادر «القواتية» ان الفريق الآخر لا يملك اساسا 65 صوتا لمرشحه، ولذلك يعطل الانتخابات، ونتحداه بالنزول الى مجلس النواب في جلسة انتخاب رئيس للجمهورية لتظهر الامور على حقيقتها، كما انه لا يمكن للفريق الآخر ان يعطل على مدى اشهر وسنوات، ثم عندما يتمكن بنتيجة وضعية معينة، فتأتي المعارضة لتنتخب مرشح فريق الممانع. وهنا قالت المصادر: «لقد دخلنا في الغباء السياسي وليس في الديموقراطية السياسية.» واستندت المصادر الى كلام سمير جعجع الذي قال: انه بين انتخاب رئيس ممانع يبقي الازمة على ما هي عليه، وبين فرصة امل لانتخاب رئيس سيادي اصلاحي ، من الافضل الذهاب الى الرئيس الاصلاحي ضمن التوقيت المناسب.

خبير اقتصادي: على السلطة تطبيق الاصلاحات والا لبنان على مشارف الانحلال التام

على الصعيد الاقتصادي، توجه الخبير الاقتصادي سامي نادر من خلال «الديار» الى السلطة السياسية، مطالبا اياها بتطبيق لائحة الاصلاحات ضمن الاتفاق الذي عقد مع صندوق النقد الدولي في نيسان الماضي، خاصة بعد الانذار الخطر الذي «دقه» الصندوق، بأن الامور في لبنان على مشارف التفكك والانحلال التام.

وحول قانون السرية المصرفية، رأى ان هذا القانون لا يناسب المعايير، وتتخلله ثُغر عديدة، كما انه لا يساعد على اعادة هيكلة المصارف بطريقة سليمة. وعن موضوع «الكابيتال كونترول» اعرب نادر عن اسفه لعدم صدوره حتى اللحظة، مشيرا الى انه امر ضروري، الا ان مسودة مشروع القانون لا تجاري المعايير المطلوبة.

واعتبر الخبير الاقتصادي انه حان الوقت لتتحمل المصارف اللبنانية وتعترف بخسارتها، حيث لا يمكن التعويل على الدولة، التي اظهرت عجزها في الدفع وانقاذ لبنان من الخسائر، وبالتالي وقع الانهيار فقط على المواطن. من هنا، المطلوب من المصارف التي حققت ارباحا كثيرة خلال السنين الماضية، ان تسدد الخسارة وتحمي صغار المودعين لرفع الانهيار عن «رؤوس الناس»، ولكي يعاد بناء القطاع المصرفي.

اما عن المالية العامة، فقد شدد نادر على ضرورة توحيد سعر الصرف، نظرا الى وجود ثمانية اسعار للصرف، لان تعدد سعر الصرف يفتح المجال للمضاربة والربح السريع غير العادل.

السعودية أراحت اميركا بـ 100,000 وظيفة جديدة

على صعيد اخر، وتزامنا مع التواصل الصيني – السعودي، ابرمت المملكة العربية السعودية صفقة مع الولايات المتحدة في موضوع طائرات «البوينغ»، حيث اعلن البيت الابيض ان هذه الصفقة ستسمح بمئة الف وظيفة جديدة لاميركا، وتكون السعودية أراحت الاميركيين نيتجة هذه الصفقة.

الازمة في «اسرائيل» تتواصل...فهل تنعكس على لبنان؟

في سياق متصل، قال موقع «واي نت العبري» إن الخشية تكمن في وجود علاقة بين هذه الساحات والخوف في المؤسسة الأمنية من توحدها في مواجهة شاملة. وأضاف الموقع ان الوضع في بداية شهر رمضان هو كالاتي: القيادة في إيران مقتنعة بأن كيان الاحتلال الإسرائيلي يتجه نحو توجيه ضربة عسكرية لها، ولذلك هناك خشية لدى أجهزة الأمن الصهيونية من اندامج عدة ساحات محيطة بكيان الاحتلال، وهي غزة والضفة وإيران ولبنان في مواجهة واحدة وشاملة.

وفي الازمة الصهيونية الداخلية، قالت اذاعة جيش العدو الإسرائيلي ان عشرات من طياري الاحتياط بسلاح الجو اعلنوا توقفهم عن تقديم تقارير لوحداتهم. وانطلاقا من هذه المعلومات، هل ينقل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ازمة كيان الدولة العبرية الى ساحة اخرى؟

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»