اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تتسارع الاحداث والتطورات في العالم والاقليم، بما لا يمكّن المتابعين من قادة دول ومراكز ابحاث ومحللين واعلاميين، من قراءة ما يجري من تغير في التحالفات الدولية، الى رسم خرائط جيوسياسية جديدة، وفتح طرقات او معابر اقتصادية كمثل «طريق الحزم» الذي تعمل عليه الصين كمشروع يستعيد «طريق الحرير» التجاري في القرون السابقة.

هذه التحولات، لا يبدو ان في لبنان من يقرؤها من سياسيين، او في متابعة للنظام العالمي الجديد الذي يتكون وتأثيره في لبنان، خصوصاً والشرق الادنى والاوسط عموما، اذ جاء الاتفاق السعودي – الايراني برعاية الصين، ليرسم خارطة تحالفات جديدة، فرضتها القراءة الواحدة للطرفين اللذين يبحثان عمن يخرجهما من حالة العداء المنصوبة بينهما، منذ نحو اكثر من اربعين عاماً، تخللتها حروب وفتن مذهبية (سنية – شيعية) وكان للبنان نصيب منها.

فالقراءة الجديدة للتعاطي مع لبنان، ستختلف عما كان عليه في عقود سابقة، فهو لن يكون ساحة، وفق ما يؤكد مصدر مطلع على تعاطي الدول المعنية بالازمة اللبنانية، اذ يتقدم الاصلاح على ما عداه من استحقاقات، لانه اساس بناء الدولة اللبنانية، التي نخر مؤسساتها الفساد والمحسوبية، مما ادى الى وقوع الشعب اللبناني في كارثة مالية واقتصادية واجتماعية، وانهيار هيكل الدولة، وفشل النظام السياسي الطائفي وعدم امكان استمراره.

وما حصل من اتفاق بين المملكة وايران ليس حدثاً عادياً، بتوجه الدولتين شرقاً باتجاه الصين وايضاً روسيا، بعد ان كانت اميركا فرضت التباعد بينهما، واحدثت «صراعات» على من يملك القرار في المنطقة، اذ كان كل منهما يخشى سيطرة طرف على دول، ومد نفوذه الى عواصمها، وهذا ما اكدت عليه الجمهورية الاسلامية الايرانية في تصريحات لمسؤوولين فيها، بان نفوذها امتد الى عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، وهذا ما اثار قلق الرياض يقول المصدر، الى ان حصل تطور في التفكير السعودي مع طرح ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان، الذي امسك بالسلطة، ما سماها رؤية 20/30 التي تقدم الاقتصاد على الحروب، فبدّل من سياسة المملكة، وقرر الخروج الى السلام والنمو، ولاقتها ايران بذلك، فحصلت لقاءات سعودية – ايرانية في العراق ثم في عمان، واختتمت في الصين باتفاق سينقل المنطقة الى مرحلة جديدة، التي سيكون عنوانها «شرق اوسط اقتصادي»، ليست «اسرائيل» فيه، على غرار «الشرق الاوسط الجديد» الذي طرحه الرئيس «الاسرائيلي» السابق شيمون بيريز في تسعينات القرن الماضي، واستعان به «المحافظون الجدد» في اميركا، وتقدموا بمشروع «الشرق الاوسط الكبير» الذي تبناه الرئيس الاميركي جورج بوش الابن، ويقوم على نشر «الفوضى الخلاقة»، واطلاق ما سمي بـ «الثورات الملونة»، واخذت في العالم العربي اسم «الربيع العربي».

من هنا، فان لبنان سيكون اقتصادياً في هذا الشرق ، الذي يقوم على دعامتين السعودية وايران، وقد بدأ الحديث عن استثمارات سعودية في ايران، وهو ما اعلنه وزير المال السعودي محمد الجدعان، كما ان طهران اعلنت انها تساهم في انشاء «مفاعل نووي» لانتاج الطاقة، وقد بدأت العلاقة اقتصادية بينهما، وهذا ما حصل مع قيام «الاتحاد الاوروبي» بعد ان خرجت دوله من الحرب.

ودخول لبنان الى «اقتصاد المنطقة» سيكون وفق اسس جديدة، اذ ان الدول اول ما ستطلبه منه هو محاربة الفساد، وهذا ما يتردد في السعودية التي لها رؤية للبنان، الذي سيعود ثقلها اليه، انما بشرط ان تغيب الممارسات التي قامت بها الطبقة السياسية في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف، لا سيما في زمن «الحريرية السياسية»، التي قدمت المملكة كل الدعم ووفرت للرئيس رفيق الحريري كل وسائل الحكم، وهي لا تنظر بارتياح الى تلك الحقبة التي مهدت للصفقات والسمسرات، وفق ما يُنقل عن مسؤولين سعوديين بانه لا عودة الى تلك المرحلة، وقد خرج آل الحريري من السلطة، بعد ان اشاعوا انه بالمال تشترى السلطة، وهو ما ينطبق على حلفاء آخرين اعتمدتهم المملكة، التي باتت لها وجهة نظر مختلفة، تماشيا مع رؤية ولي العهد، التي تقوم على ان لا مال يُصرف في لبنان لقوى سياسية بل لمشاريع، وهو ما يفسر انشاء الصندوق الفرنسي – السعودي للمساعدات الانمائية، حيث التقت كل من باريس والرياض على ان الفساد هو من احد اسباب الانهيار المالي الذي تسببت به قوى سياسية على مختلف انتماءاتها، حيث ينقل متابعون للموقف السعودي، ان المملكة سيكون لها ثقل في المرحلة المقبلة، دون «حريرية سياسية» ولا مال تنفقه في غير موضعه، ومواجهة الفساد. 

الأكثر قراءة

سيناريوهات رئاسية «من تحت الطاولة» ستسبق جلسة 14 حزيران... تحضيراً للمرتقب باسيل اعلن تأييده «الحتمي» لأزعور... واتصالات خفية بين الكتل المسيحية وتيمور جنبلاط عون زار الاسد بعد غياب 14 عاماً... وكلمة لفرنجية الاحد