اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حتى اللحظة لم تُحسَم بعد معركة رئاسة الجمهورية رغم تفرّد رئيس تيار المردة سليمان فرنجية بساحة الصراع دون أي منافس علني حتى اللحظة، فحظوظ وصوله الى قصر بعبدا ما زالت تتساوى بين السلبية والإيجابية بسبب عدم وضوح المواقف الخارجية والتعقيدات الداخلية، ما يُؤكد أن ساعة الصفر لم يأتِ موعدها بعد.

منذ بداية المعركة الرئاسية واجه فرنجية عائقين: أحدهما داخلي والآخر خارجي، داخلياً وكما بات معروفاً، موقف الشارع المسيحي والماروني تحديداً بكتلتيه التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ومرجعيته الروحية الرافض له، أما خارجياً: الموقف السعودي في اللقاء الخماسي الشهير الذي خلُص بوضع فيتو عليه.

العائق الأول على اختلاف أطرافه وبدوافعهم المختلفة ما زالت تُصر على الرفض، لكن الرافض الأبرز فيها التيار الوطني الحر الذي يُعتبر العقدة الأساسية الداخلية أمام وصول فرنجية، فالتيار لديه ثلاثة هواجس تقف وراء موقفه:

١- إعادة تركيب الترويكا التي تُذكِّر بمنظومة الحُكم ما قبل عام ٢٠٠٥ أي ما قبل عودة الرئيس ميشال عون الى لبنان وبالتالي هناك خوف جدي من الانتقام من التيار على مستوى الصلاحيات والحضور والمناصب يعني التضييق على رئيس التيار جبران باسيل.

٢- مواقف فرنجية المؤذية للرئيس عون خلال عهده وللتيار ورئيسه، وهذا الأمر يشكِّل حرجاً لباسيل أمام تياره وجمهوره.

٣ - هناك سبب شخصي محض، بحيث ان هناك مشكلة جدية بين فرنجية وباسيل تمنع الأخير من التنازل للأول والقبول به.

فانطلاقاً من كل ما ذكر، يرى البعض أن باسيل يستحيل أن يقبل فرنجية، لأنه يعتبر أن لحظة وصوله الى قصر بعبدا يَخرج هو من المعادلة السياسية.

منذ البداية هناك مَن يلوم فرنجية على اعتماده في معركته الرئاسية على الثنائي الشيعي ويقول له انهما يخوضان المعركة عنه ويطلب منه تأدية دوره الطبيعي بقيادة معركته هو شخصياً وتحديداً حيال القوى المسيحية الرافضه له، فكما توجّه مِراراً للمملكة العربية السعودية لتليين موقفها تجاهه، لماذا لا يقوم بمبادرة تجاه المسيحيين لتليين موقفهم وتحديداً موقف باسيل باعتباره ممرا داخليا أساسيا لوصوله الى قصر بعبدا، مبادرة تحفظ ماء وجه رئيس التيار الوطني الحر على شكل قيامه بجولة يَطرح فيها برنامجه الإصلاحي وتكون هذه الورقة هي أساس بناء ثقة مبنيّة على البرنامج وليس على العلاقة الشخصية، خاصة مع باسيل بحيث يعتبر البعض أن هناك مسؤولية تقع على عاتق فرنجية بتبديد هواجسه، لكن على ما يبدو أن الموضوع الشخصي يتقدّم على المصلحة الوطنية والمسيحية، فزعيم زغرتا لا يريد أن يَشعر أنه يَستجدي الرئاسة لأنه في النهاية هو يستثمر زعامة مناطقية آفلة، بينما باسيل يبني زعامة قادمة انطلاقاً من قاعدته الشعبية المنتشرة التي يحاول استرجاعها  بالزخم ذاته بعد أن تراجعت خلال سنوات العهد، وبالتالي الخلفية الثأرية من المظلومية التي يعتبر باسيل أنها لحقت بالتيار حاضرة في موقفه الحالي.

فبين زعامة آفلة وزعامة صاعدة يمكن توصيف الصراع بينهما.

هنا يكمن دور حزب الله بتوليه مهمة يصعب على فرنجية توليها وتحقيق أي تقدّم فيها، وبما أن الإستراتيجية التي يعتمدها الحزب لا تقوم على أساس الوصاية خاصة بعد أن لمس حِدّة في مواقف التيار، فضّل التريّث قبل المبادرة الى حين تليين المواقف مع مرور الزمن، فبدل أن يُقدِّم نفسه وصياً على الخيارات المسيحية يترك للوقت تأثيره في قرار الأطراف المسيحية وشعورهم بخطورة خلوْ مركز رئاسة الجمهورية، وبالتالي هو لا يريد أن يُقدِم على وساطة غير مضمونة، فمرور الزمن والمتغيّرات كفيلة بتحسين ظروف المبادرة التي قد يقوم بها، فحزب الله لا يفضّل القيام بأي مبادرة تكسر أحد الحليفين.

أما على المقلب الاخر وبوقت يعتبر البعض أن الموقف السعودي السلبي من فرنجية لم يتغيّر باعتبار أن المهم ليس رفع الفيتو عنه وإنما القبول به، ما يعني الوقوف على الحياد وهذا يُضِر ولا يُفيد رئيس تيار المردة، يرى حزب الله موقف الرياض الأخير أقل حِدّة عمّا قبل، نتيجة المتغيّرات الإقليمية وسعي السعودية لعدم إيجاد عراقيل أمام تطبيع العلاقات مع إيران وسوريا وبالتالي دعوة الملك سلمان للرئيس الأسد الى القمة العربية قد تُساعد كثيراً على تطور الموقف السعودي حيال فرنجية وبالتالي فإن الوقت هو لصالح رئيس تيار المردة باعتبار التقارب السوري-السعودي سينعكس إيجاباً على مرشح قريب من سوريا وتكون نتائج "سين-سين" كما كانت في الحالات السابقة أيام الطائف ولكن هذه المرة على القطعة، وبما أن السعودية لم تُلزِم نفسها بمرشّح محدد، فلا مانع عندها من تتويج العلاقة المستجدة مع سوريا بتسهيل وصول فرنجية للرئاسة، ما يعني أن العائق الثاني أُزيل الى حد ما.

فبينما يرى حزب الله أن الرئاسة باتت معركة وقت ومتغيّرات ستكون نهايتها لمصلحة المرشح الذي يدعمه، هناك مَن يعتبر أن على حزب الله البحث عن مرشح اخر، وما بينهما، لا يمكننا إلا الانتظار لمعرفة رهان مَن سيَكسَب...

الأكثر قراءة

بعد انكشاف نقاط ضعف «إسرائيل»... تحرّك غربي لتحييد منظومة حزب الله الصاروخيّة! ترسانة مُتطوّرة ودقيقة من المسافة «صفر» و«كمين جولاني» رسالة جهوزيّة الأمن الغذائي مُؤمّن لـ 3 أشهر... ولا ضمانات بتغيير سياسة أوروبا في ملف النزوح