اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب الدكتور علي فياض "تطل علينا ذكرى التحرير في ظل أزمات متفاقمة إقتصاديا وماليا ومعيشيا وسياسيا، ويبدو جليا أنه ما لم ننجز الإستحقاق الرئاسي ومن ثم تشكيل حكومة متوازنة وقوية وذات وزن تمثيلي واسع، لن نتمكن من الإنتقال إلى معالجة مشاكلنا الاقتصادية والمالية، وهي التي تحتاج الى مسار معقد ومتعدد المستويات تشريعيا وإجرائيا وحتى سياسيا".

وأكد خلال الاحتفال الذي أقامه "حزب الله" في حسينية بلدة مجدل زون الجنوبية لمناسبة عيد المقاومة والتحرير، أن "المقاومة وبعد 23 عاما على التحرير ما زالت ماضية في صنع تاريخها"، مشيرا إلى أن "اللبنانيين والعالم أجمع يعرفون أهمية ما حصل العام 2000، ولكن معرفة أهل المقاومة ومجتمعها وأهل جبل عامل، معرفة أخرى، خبروها بحياتهم وتاريخهم وبآلامهم ومعاناتهم، وهو الفارق بين أن تسمع عن آلام مريض جرى شفاؤه، أو أن تسمع عن غريق جرى انقاذه، أو أن تسمع عن حريق شبَّ في منزل ثم جرى انقاذ هذا المنزل، وبين أن تسمع عن الشيء ولو امتلكت أعلى درجات الإصغاء والإنتباه، وبين أن تعيش الشيء بذاته، فنحن المريض الذي عاش المعاناة وجرى إشفاؤه، ونحن المنزل الذي أطفئت النيران به، ونحن الغريق الذي قاوم الأمواج العاتية وتفوق عليها وبلغ شط الأمان".

ولفت فياض إلى أن "الجنوب ومنذ العام 1948 لم يهنأ باستقرار، بل حصلت بعض المجازر قبل ذلك، فالعدو الاسرائيلي لم يقف عند حدود، بل طالت اعتداءاته كل لبنان"، متسائلا: ألم يقصف مطار بيروت، ألم يرتكب الإغتيالات في عمق العاصمة، وهذا قبل العام 1982".

وأضاف: "في العام 1982 دمر العدو الإسرائيلي البلد واحتل العاصمة، وقسم اللبنانيين وارتكب مجازر صبرا، وعلى مدى التاريخ العاملي، كانت الدولة غير مكترثة، وكان الجنوب منطقة طرفية فقيرة مهملة، والأخطر من ذلك أنه ليس هناك سلطة أو قوات مسلحة لبنانية تدافع عنها، فترك ابن الجنوب لمصيره البائس، وعندما أحتل الشريط الحدودي في العام 1978 وصدر القرار الدولي 425، اعتبر الأمر انجازا، بأن يصدر قرار دولي يلزم الكيان الإسرائيلي بالانسحاب، وانتظرنا إثنين وعشرين عاما ولم ينفذ هذا القرار الدولين فكيف ينفذ القرار الدولي والهيئات الدولية والمجتمع الدولي منحاز ومتآمر".

وقال فياض: "إن الواقع كله الذي كان يحيط بنا تاريخيا، كان يتضمن عناصر الاخفاق والهزيمة والفشل، من سلطة غير مكترثة وأحيانا متآمرة، إلى مجتمع دولي يؤازر عدونا، وقوى سياسية مبعثرة ومنقسمة، وهنا لا بد من استحضار الإمام الصدر، كرجل رؤيوي، متبصر وصاحب فكر مسؤول، الذي التقط باكرا أهمية ان تكون هناك مقاومة، وأن تكون لها الأولوية، وأن تؤيد القضية الفلسطينية والقدس الشريف وأن تحمي المقاومة الفلسطينية، مهما تكن ملاحظاتك وخلافاتك مع فصائلها، ولذا هو الرجل الذي زرع هذا الزرع المبارك في تربة هذا الوطن".

وأشار إلى أنه "عندما انطلقت مقاومتنا في العام 1982، كان الواقع شديد السوء على المستويات كافة، لم يكن بمتخيل أحد، أن ثمة إمكانية لضوء أو بالأحرى لشعاع أن ينطلق ليتحول إلى شمس باهرة، تكشح الظلمة التي كانت حالكة، ولذلك فقد ووجهت المقاومة بمقولة العين لا تقاوم المخرز، ولكن في حقيقة الأمر، كانت ثمة معادلة أخرى، وهي أن صاحب الحق لا بد من أن ينتصر إذا امتلك إرادة المقاومة والتزم بشروط الانتصار التي هي كثيرة، ولكن جوهرها شرطان، الاتكال على الله، والثقة بمقدرات شعبنا".

ولفت فياض إلى أنه "عندما حصل التحرير في العام 2000، قدمت المقاومة أداء نبيلا وإنسانيا راقيا تجاه المجتمع، فأخذت في الاعتبار الخصوصية الطائفية والمذهبية، وأوكلت أمر العملاء للقانون والقضاء، وما واجهناه بعد التحرير، موقف دعا إلى تسويق فكرة أنه لم يعد ثمة حاجة للمقاومة، وهذا الموقف حاول أن يقلل من أهمية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا بنفي لبنانيتها أو الادعاء أنها لا تستأهل أن يتمسك اللبنانيون بمقاومتهم من أجلها، وحاول أصحاب هذا الموقف أن ينفوا استمرار وجود تهديد إسرائيلي".

وأضاف: "ربما يعتقد البعض بأن المقاومة تختلق الذرائع لاستمرارها، ولكن مقاومتنا ليست فعلا عبثيا أو مغامرا، بل فعل وطني مسؤول يدرك بعمق حقيقة الكيان وعدوانيته وتهديده على لبنان وكل المنطقة، ويتحرك على هذا الأساس، وعندما سطى الإسرائيلي على حقوقنا البحرية، كان يؤكد ما تعرفه المقاومة جيدا على مستوى طبيعته العدوانية واستمراره كتهديد، وعندما ألزم على التراجع، ما كان ممكنا لهذه النتيجة أن تتحقق لولا وجود المقاومة، وراهنا وفي المستقبل، لبنان سيضطر بحكم التغيرات المناخية والنقص الكبير في المتساقطات وتراجع الخزانات الجوفية على نحو خطير، أن يلجأ الى الإفادة من حقوقه الكاملة في نهر الوزاني وما يستلزمه من تطوير للبنية التحتية التي يحتاجها هذا الأمر، ونحن في هذه الأيام نستخدم جزءا محدودا من حقوقنا، في حين أن القرى عطشى ومعاناتها كبيرة، ومن المؤكد أن الاستفادة من حقوقنا كاملة لن يكون متيسرا دون حضور المقاومة وقدرتها على حماية الموقف اللبناني، بالاستناد إلى معادلة الردع والتوازن التي كرستها في مواجهة العدو الإسرائيلي".

وقال: "إن ما نريد أن نخلص إليه، هو تأكيد هذه الحاجة المستمرة والحيوية للمقاومة من أجل تحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة، وردع العدوانية الإسرائيلية، وحماية الموارد اللبنانية".

وختم فياض كلمته بتوجيه التحية إلى "الشهداء العظام القادة منهم والمجاهدون، وإلى أسر الشهداء التي قدمت تضحيات عظيمة ومؤلمة في سبيل حرية هذه الأرض وكرامة هذا الإنسان، وإلى الأسرى المحررين الذين يحملون في مخيلتهم سنين طويلة من العذابات والآلام التي حاولت كسر إرادتهم فما استطاعت إلى ذلك سبيلا، وإلى الجرحى الشهداء الأحياء، الذين لا تزال ترتسم على أجسادهم الشريفة، إمارات الأنفة والعزة والكرامة والإباء".

الأكثر قراءة

بطة عرجاء لتسوية عرجاء