اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لما كان الشعب اللبناني متعاطفا مع القضايا القومية وخصوصا العربية منها ومساندا للشعوب المقهورة ومبادرا في استضافة العديد من الشعوب المجاورة بدءا بإخوتنا الارمن مرورا باهلنا الفلسطينيين وصولا الى اهلنا في العراق وقعت الشعرة التي قصمت ظهر البعير من خلال السوريين الذين نزحوا خلال وبعد ما يسمى بالثورة السورية عام ٢٠١١.

هنا بدأت الأمور تسوء، فتزايد عدد النازحين السوريين أربك الدولة اللبنانية بكل أجهزتها الأمنية ووزاراتها المعنية فسوء إدارة هذا النزوح وعدم وجود اتفاق وطني بشأنه جعل النازح السوري يتغلغل في كل المناطق اللبنانية دون حسيب ولا رقيب.

الآن عدد النازحين السوريين تخطى ٣/١ من عدد سكان لبنان وهذا يهدد الديموغرافيا ويشكل هاجسا لكل مواطن لبناني سيادي.

أمام هذه الصورة أجد نفسي مضطرا الى الدفاع عن هوية وطني والى الحفاظ على ثرواته. عنصريا في حماية أمنه الغذائي والاجتماعي وفي صون حدوده والسهر على أمنه والحفاظ على كرامة شعبه.

نعم أنا عنصري أمام هذه الواقعة، بلادي في خطر وممتلكاتها تستهلك وخدماتها تستنزف وبيئتها تُحتضر بسبب انتشار المخيمات العشوائية، ولا من يتحرك!!!

الشعب اللبناني الرازح تحت خط الفقر يعاني ما يعانيه، إذ إن عملته الوطنية فقدت 90% من قيمتها وفرص العمل يزاحمه عليها كل من اللاجئ الفلسطيني والنازح السوري والعامل الآسيوي وبات نصف اللبنانيين عاطلين من العمل.

حاليا، الموضوع الضاغط اقتصاديا هو اجتياح النازحين السوريين كافة المدن والقرى اللبنانية إذ إن سيطرتهم على العمالة لم تعد محمولة فكيفما جلت في لبنان ترى مخيمات للنازحين وعائلات بأمها وأبيها داخل الأحياء وقد توغلوا واحتلوا مباني واينما تطلعت ترى عمالا سوريين في ورش البناء والمشاريع الزراعية وفي صالات الفنادق والمطاعم والتعاونيات وحتى في خدمات النقل (سرفيس وتاكسي وبدون نمرة حمراء) وقسم منهم يعمل في التمريض وشركات الحراسة والكناسة ... والمضحك المبكي الطوابير امام المصارف للحصول على الفريش دولار من الدول المانحة.

يا لسخرية القدر لقد بات اي نازح سوري يحصل شهريا وبالدولار على ما يفوق راتب أستاذ جامعي او قاض او ضابط او مدير عام...

اليس هذا يشكل إهانة لكل اللبنانيين؟

هل تدري الدول المانحة بالحالة الاقتصادية للبنانيين؟

هل يعي المجتمع الدولي  خطورة بقاء السوريين في لبنان؟ ام أن هناك مخططا لدمجهم في البلاد المضيفة؟

هل يعلم المجتمع الدولي أن أغلبية النازحين يذهبون إلى بلادهم ويعودون دون أي مشكلة؟

هل يدري المجتمع الدولي أن نسبة الولادة عند السوريين هي ٦ اضعاف ما هي عند اللبنانيين؟ وان معظمهم لا يعمل على توثيق هذه الولادات؟ وان هذا سيشكل تغييرا للديموغرافيا اللبنانية ان لم تتخذ الإجراءات بأسرع وقت ممكن؟

هل الدولة اللبنانية تعمل جديا مع الدولة السورية لإعادة أبنائها الى كنفها؟ وهل لدى الدولة السورية النية في استعادة أبنائها الى حضنها؟

أسئلة أسمعها اينما كنت، أسئلة يطرحها الكبير والصغير وحتى أسمعها كل يوم من أبنائي عندما يرون عائلات سورية تسرح وتمرح ليل نهار. (يكون جوابي دائما: انهم هربوا من الحرب في بلادهم وسيعودون قريبا).

لكل هذه الأسئلة أجوبة واضحة ان وجدت النيات الحسنة واذا ادارت الدولة هذا الملف بحكمة وتواصلت الحكومة اللبنانية مع نظيرتها السورية بكل ندية وبسرعة.

على المجتمع الدولي معرفة التأثير السلبي لهذا الوجود وبالأخص على لبنان. تركيا اقتصادها قوي وقامت بما يلزم لاستيعاب النزوح ضمن مخيمات، كذلك الأردن... إلا عندنا «فلت الملق» واصبح النازحون في كل بيت، وعندما طالبنا بإقامة مخيمات تستوعب هذا الزحف البشري اتهمنا بالعنصرية واللاإنسانية. ولو سمع السامعون الصم يومئذ ما قلناه لما وصلنا الى ما نحن عليه الآن.

هذا الوجود زاد الطين بلة وأكمل على الباقي، فالأمن الغذائي بات مهددا كذلك الأمن الصحي والأمن الاجتماعي... هذا ما نحن عليه إذ إن مقومات بلد صغير وبنية تحتية متواضعة يجب أن تغطي متطلبات شعبين مقيمين فيه.

ماذا ينبغي للبناني ان يفعل؟ هل يحمي امنه الغذائي ؟ أم يظل جائعا ساكتا مهددا؟ ام ينتفض؟

نعم، لقمة العيش باتت مهددة وفرص العمل مهددة والبيئة مهددة والديموغرافيا مهددة وهوية الوطن مهددة. وإن لم نتحرك البارحة قبل اليوم فالنتائج ستكون وخيمة وعندئذ لا ينفع الندم ولا البكاء.

نعم نحن لم نعد نقدر ان نتحمل تبعات النزوح السوري فالشعب اللبناني يغلي وهذا موقف خطر فأي شرارة تشعل فتيل النار ستكون عواقبه مدمرة على الضيف والمضيف. في الحقيقة يشعر اللبنانيون انهم مستهدفون من مفوضية اللاجئين اذ ان انحياز هذه المفوضية الى قضايا النازحين ستشعل حربا لا تحمد عقباها. والله يستر!!

هنا أناشد المجتمع الدولي: اللبنانيون أصبحوا ضيوفا جائعين في وطنهم، باتوا غرباء بلا عمل. تحملي أيتها الأمم مسؤولية تاريخية واعملي بإنسانية لإعادة كل سوري الى وطنه معززا مكرما فبذلك تحمي شعبين من الهلاك معا. وان لم تبادري فستسوء الأمور وربما هناك ٤ آب اجتماعي على الابواب.

اتوجه الى النازح السوري لأقول: يا اخي الحبيب انت نازح اقتصادي ولست بلاجئ، في بلادك انتهت الحرب والعيش فيها أصبح آمنا وطرق العودة سهلة، كلنا نراك تذهب وتعود عندما تشاء. نحن وأنتم في خندق واحد وإن لم نتدارك الأمور معا فالانفجار الاجتماعي آت. بقاؤكم في لبنان يعمل عليه من باب مصالح الدول وتجاذباتها السياسية ستقوض مصيركم مع الوقت وستبقون مشتتين. تعلمون من الشعب الفلسطيني كيف هو مشتت في كافة اصقاع الارض!! ولا أحد يحرك ساكنا بعد ٧٥ سنة!!

انصحكم بالعودة إلى بلادكم ولا تقبلوا فالذل مهما دفعوا لكم، فحفنة من الدولارات لن تعيد لكم وطنكم، احزموا أمركم وانتفضوا وعودوا الى بيوتكم وحقولكم، الى مسقط رؤوسكم، هناك خلقتم وهناك يجب أن تموتوا. ارجعوا إليها وبثوا الحياة في ارجائها فهي تشبهكم وانتم تشبهونها. واذا كانت المنظمات الدولية مهتمة بكم كما تدعي فما عليها إلا أن تبقي المساعدات وتستمر في دعمكم وحمايتكم.

اخيرا اقول لكم أيها النازحون مهما كانت القواسم مشتركة بيننا وبينكم ومهما جمعتنا هموم وقضايا واحدة ، ومهما فرضت علينا الجغرافيا من جوار وأرض متداخلة ومهما كتب التاريخ من مواقف مشتركة، سأبقى عنصريا أمام مصير بلادي وشعب بلادي!! 

الأكثر قراءة

نهاية الزمن اليهودي في أميركا؟