اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

من الواضح أن المسار الرئاسي يزداد تعقيداً في مرحلة كانت «وفق الحسابات» ما قبل الأخيرة، باعتبار أن حزيران أطلّ، وهو الشهر الذي حُدِّد كموعد تقريبي لإنجاز التسوية التي ستُنتِج رئيساً للجمهورية. ومن الواضح أيضاً أن الأمور لم تُحسَم بعد، لذا أغلب الأطراف تناور بمواقف وأسماء، الى أن تأتي اللحظة الحاسمة لبحث الملف بطريقة جدية ونهائية.

وبما أن موقف «التيار الوطني الحر» هو أساس بحسم المعركة الرئاسية، كان الرهان على ليونة باسيلية حيال فرنجية، باعتباره المرشح الجدي الوحيد، إلا أن هذا الرهان لم ينجح حتى اللحظة، لعلّه يحتاج الى وقت أطول أو يحتِّم الانتقال الى طرح اسم آخر بحال أصبحت حظوظ رئيس «تيار المردة» معدومة.

الوصول الى هذا الخيار هو هدف رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حتى لو تبنى رسمياً ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، هذا ما يراه البعض والذي يؤكد كلام رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد حول هذا الطرح أنه مناورة، والهدف منه إسقاط المرشح الذي يدعمه «الثنائي الشيعي». فالهم الوحيد لدى باسيل ، بحسب مصادر سياسية، هو عدم وصول سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، من هنا يُفهم طرح أزعور الذي يضع التيار بموقع المساءلة حول اختياره، بحيث ان أسباب رفض فرنجية تنطبق على وزير المالية السابق بحكومة الرئيس فؤاد السنيورة. فقبل أن يتفق التيار مع جميع أركان المعارضة عليه أن ينتقل الى إقناع الطرف الآخر، باعتبار أنه سيُقدِّمه على أنه مرشح توافقي. واكدت المصادر ان قبوله من حزب الله  شرط أساسي بالنسبة له، وعليه أن يُقنِع تكتله وبيئته أولاً.

وتسأل المصادر كيف سيُقدِّم التيار لقاعدته الشعبية مرشحه للرئاسة إن قرر إعلان تبني ترشيح جهاد أزعور رسمياً؟ هل ستتقبله؟ وكيف سيُقنع الرأي العام أن المشروع السياسي هو أساس انتخاب رئيس بالنسبة له، وهو تَوَافَق على اسم قبل أن يُكمِل هذا المشروع؟ إلا إذا كان التياريون يعتبرون أنه يناور به أيضاً. لكن «الوطني الحر» يعتبر أنه تَقدَّم خطوة الى الأمام، فهو انتقل من معارضة فرنجية الى طرح بديل، ومن خلال هذه الخطوة استطاع أن ينقل ممن كان يُرشِّح النائب ميشال معوض كخيار تحدّي الى خيار توافقي يقبل به الثنائي، الذي يحمل مشروعاً سياسياً ولا يقبل المس الثوابت الوطنية التي يَقصد بها «عدم طعن المقاومة بظهرها»، فالدور الذي يؤديه التيار هو محاولة خلق توافق في البلد يُخرجه من أزمته، بمعنى آخر فإن مشروعه هو عدم كسر أي طرف، كما أنه يعتبر أن طرحه مدرك للحالة اللبنانية ومستقبل المسيحيين كشريك.

بغض النظر عن الغاية من الطرح، فإن «الوطني الحر» يَظهر وكأنه عالق بين التياريين والمعارضة وحزب الله، وأنه أمام محاولته الأخيرة من أجل الوصول الى هدفه الوحيد ألا وهو تخلّي الثنائي عن دعم ترشيح رئيس «تيار المردة»، فطرح أزعور مقابل فرنجية يعني تصفير الاسمين باعتقاده.

لكن على الرغم من أن «الثنائي الشيعي» يعلم أنه بالظروف الحالية لا يستطيع إيصال فرنجية الى قصر بعبدا، إلا أنه يعلم جيداً أيضاً أن مساره من الأساس لن يكون سهلاً ، وأن الضغوطات الحاصلة متوقَعة بطريقة قاسية، ليس فقط من الداخل وإنما من الأميركي أيضاً الذي هدد بفرض عقوبات على مَن يعرقل انتخاب رئيس وفق تعبيره، رغم أن ذلك يوضع في سياق الحصول على مقابل في مكان آخر لذا يريد التأخير.

أما الفرنسي فهو ما زال يصر على فرنجية باعتبار أن المواصفات الدولية تنطبق عليه من ناحية ماذا يريدون منه، فهو القادر على التواصل مع حزب الله والدولة السورية، وبخاصة أنه لم يجد اسماً آخر يستطيع تأدية هذا الدور. وفي ما يتعلّق بالتطورات الإقليمية، «الثنائي الشيعي» ما زال حتى اللحظة يراقب تطبيقات الاتفاق الإيراني- السعودي على ملفات المنطقة والانفتاح العربي على سوريا ودورها في الإقليم، وكيف سينعكس كل ذلك على لبنان.

وبانتظار إيضاح المشهد، تبقى الأمور تحمل الأخذ والرد الى حين أن تأتي لحظة الكلام النهائي حول الرئاسة، وعلى مَن سترسو، وقتئذ فقط تُحسَم النتيجة لمصلحة مَن ستكون...  

الأكثر قراءة

عناصر شبكات "اسرائيلية" اعتقلوا وكشفوا عن معلومات مهمة