اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يعمل الرئيس السابق ميشال عون، بشعار انصر جبران باسيل ظالما او مظلوما، وهو ما ترك اثرا سلبيا في «التيار الوطني الحر» المفترض ان مؤسسه العماد عون اراد منه ان يكون نموذجا لممارسة الديموقراطية ورفضا للاقطاع السياسي واسقاطا للتوريث الحزبي. وهذا لم يحصل في التيار السياسي الناشىء، الذي تحول من «حالة شعبية» تحلقت حول قائد الجيش في العام 1988 العماد عون، الذي عين رئيسا لحكومة عسكرية بعد انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل في 23 ايلول 1988 ، فلم تؤمن «الحكومة المبتورة» التي لم يلتحق بها الضباط المسلمون انتخابات رئاسة جمهورية، كما حصل بعد استقالة الرئيس بشارة الخوري وتكليف قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب في ايلول 1952 ،والذي سهل انتخاب كميل شمعون رئيسا للجمهورية في 23 ايلول 1952.

فانتقال السلطة في لبنان يشوبه عراقيل وازمات، وهو ما يحصل في احزاب وجماعات احيانا، وهو نتاج الصراع عليها، وهو ما شهده «التيار الوطني الحر» الذي وفي اول تجربة ديموقراطية كان يجب ان يمارسها بعد وضع نظام داخلي له، فوجىء الناشطون في التيار وهم من مؤسسيه بان العماد عون اختار جبران باسيل لرئاسته من دون انتخابات، وادى ذلك الى استقالات والانزواء في المنازل، او العبور نحو حركة اصلاحية وتصحيحية كان في عدادها كل من نعيم عون، رمزي كنج، انطوان نصرالله، زياد عبس وآخرين، حيث ابتعد هؤلاء عن التنظيم وخاضوا الانتخابات النيابية عام 2022 بلوائح من خارج « الوطني الحر» الذي فصلوا منه.

ولم يتمكن مؤسس التيار العماد عون من «لم الشمل»، بل توسع الانشقاق وقرر المعارضون لنهج باسيل الانفرادي قيام «هدنة» معه بعد انتخاب عون لرئاسة الجمهورية، كيلا يتهموا بعرقلة العهد الجديد الذي وضعوا آمالهم فيه، وفق مصادر «المنتفضين» على باسيل، الذي عزز نفوذه داخل التيار بوجود العماد عون في رئاسة الجمهورية من خلال الحقائب الوزارية التي حصل عليها التيار وحلفاؤه في تكتل «لبنان القوي»، فكانت تتعطل استحقاقات سواء في تشكيل حكومة او تعيينات او تلزيم مشاريع، اذا لم يكن باسيل موافقا عليها او تنال رضاه وبدعم من الرئيس عون، الذي كان باسيل ظله ، وانتشرت حينها عبارة الرئيس نبيه بري عندما قال «لا انتخب رئيسين للجمهورية عون وباسيل».

فالرعاية الخاصة من الرئيس عون لباسيل وتسليمه «مفاتيح السلطة»، كما يتهمه معارضون، لم يتركا له صاحبا، وعززا الخلافات داخل «فريق عون الرئاسي» مع تعيين افراد من عائلته مستشارين له، اذ اصيبت السلطة من «وحدة الاسرة العونية»، كما حصل تنافس بين مستشارين بعضهم ورط رئيس الجمورية السابق في مشاكل سواء كانت سياسية او دستورية، اضافة الى ان «التسوية الرئاسية» التي ساهمت في ايصال العماد عون الى رئاسة الجمهورية بدعم من حزب الله، زعزعت الثقة بين صانعيها، وبدأت مع رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.

وما ان انتهى عهد العماد عون حتى ظهر شرخ بين «التيار الوطني الحر» وحزب الله، الذي افترض ان «تفاهم مار مخايل» (التحالف الاستراتيجي) الذي صمد في احلك الظروف، لا سيما اثناء العدوان الاسرائيلي صيف 2006 ووقوف العماد عون الى جانب المقاومة، سيستمر ما دام هدفه عدم الغدر بالمقاومة وتأمين حاضنة شعبيىة لها، ليتبين لحزب الله ان رئاسة الجمهورية هي اهم لدى باسيل من الخط السياسي، وهو ما ظهر مع اعلان اسم سليمان فرنجية مرشحا لرئاسة الجمهورية من قبل الثنائي «امل» وحزب الله، فرفض باسيل ترشيحه وشن حملة على فرنجية، واعتبره مرشح «المنظومة الفاسدة»، ولم يصل الحوار معه الى ايجابية من قبل مسؤولين في الحزب، فقرر الانتقال الى ضفة سياسية اخرى لاسقاط فرنجية او رفض تأمين «غطاء مسيحي» له.

انقطع الحوار بين حزب الله وباسيل الذي قرر مواجهة ترشيح فرنجية باي مرشح آخر، فتبنى جهاد ازعور، الذي رفضه حزب الله كمرشح لصندوق النقد الدولي، وسماه النائب محمد رعد «مرشح مناورة لاسقاط فرنجية».

لكن باسيل الذي قرر الوقوف ضد ترشيح فرنجية او انتخابه، ذهب الى التواصل مع مَن هم في خط رافض للمقاومة، وعاد الى موقعه في 14 آذار السياسي، الذي كان «التيار الوطني الحر» يؤكد انه مؤسس 14 آذار منذ ان دعا العماد عون من قصر بعبدا في العام 1989 لاخراج «الاحتلال السوري» من لبنان، وهذا ما دفع بـ «الصقور» داخل التيار الى المطالبة بالعودة الى الخطاب الاصلي للتيار في رفض مرشح حزب الله و «امل» ، لانه ليس «خيار المسيحيين»، وانه بهذا الموقف المتشدد «لحقوق المسيحيين» وتسمية رئيس الجمهورية، يقوي حضور «الوطني الحر» مسيحيا، ويقدمه المدافع عن «الوجود المسيحي».

ومع ظهور تباينات داخل التيار حول اسماء المرشحين، ومطالبة نواب وقيادات فيه بان يسمي التيار مرشحا منه لرئاسة الجمهورية، وبان يكون رئيسه باسيلاو اسما مارونيا آخر، فقد تم التداول باسم النائب ابراهيم كنعان الذي رفضه باسيل ، لانه ليس من مرشح غيره باسم التيار، كما ينقل مصدر نيابي في « لبنان القوي»، حيث بدأت تصدر اصوات من داخله كما من قياديين في التيار ترفض ترشيح جهاد ازعور، لانه من مجموعة «الابراء المستحيل»، كما ان تسمية 5 اشخاص من خارج التكتل او التيار اهانة لهم، لان من يتم اقتراحهم ليسوا بافضل من آخرين في التيار.

هذا الانقسام الداخلي، دفع مؤسس التيار الى ان يسند رئيسه وصهره في مواجهته مع معارضيه، فحضر الى مركز التيار في «ميرنا الشالوحي»، كما ذهب معه سابقا الى جزينفي رحلة دعم له داخل «التيار» بمواجهة النائب السابق زياد اسود، الذي يتحدث عن مقاطعة من المدينة «للجنرال»، الذي لم يتوقف موكبه في القرى التي مرّ بها، ولم يُنثر الارز والورد عليه. وهذه الرسالة تلقاها باسيل، كما يقول معارضوه، وكانت الرسالة الثانية عندما لم يتمكن الرئيس عون من اقناع رافضي ترشيح ازعور بالسير بهذا الخيار، حيث سمع عون من سبعة نواب من التكتل يقولون «لا» لهذا الترشيح او غيره. وقال النائب آلان عون «نحن حضرنا للمناقشة لا لتبليغنا بازعور مرشحاً»، ومثله اعترض سليم عون، وفعل ايضاً ابراهيم كنعان الذي سماه البطريرك الراعي في لائحته، وابلغ باسيل بذلك بانه يفضله مرشحاً رئاسياً، ولم يرق العماد عون هذه المعارضة، فخرج من «سنتر شالوحي» مستاءً كما نقل حاضرون، ولم يصدر بيان عن التكتل بتأييد ترشيح ازعور.

لذلك، لم يُحسم بعد اسم مرشح تكتل «لبنان القوي» لرئاسة الجمهورية، بسبب عدم وجود وحدة قرار، وان نواباً منه اعلنوا انهم لن يقترعوا لازعور ، وهذا ما اربك باسيل الذي لم يتمكن الرئيس عون من ان يسانده، بسبب وجود «فجوة» بين رئيس التيار وقياديين ما زالوا فيه، حيث لم يعد الدعم الذي تلقاه باسيل من عمه الجنرال يفيده، وقد مرّ بتجارب سابقة وصلت الى التمرد على رئيس التيار والخروج منه.

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»