اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ترك الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص جان ايف لودريان بعد جولته الاولى في بيروت، رسالة الى الاطراف السياسية اللبنانية في شأن الاستحقاق الرئاسي، مفادها «عليكم ان تعرفوا ان العالم لا يستطيع ان يحل محلكم لحل ازمتكم، ولا يستطيع ان يجترح اي حل لكم ما لم تتفاهموا فيما بينكم للخروج من هذه الازمة».

هذا الكلام كرره المسؤول الفرنسي امام القيادات والكتل النيابية والنواب المستقلين و»التغييريين»، محذرا من ان الوقت ليس لمصلحة لبنان، ولا مجال للاستمرار في المراوحة والانتظار. لذلك خلص الى التأكيد على ضرورة الاحتكام للتحاور، سعيا الى اتفاق على انجاز الاستحقاق وانتخاب رئيس للجمهورية.

ووفقا لاحد النواب الذين التقاهم لودريان، فان فكرة الحوار وشكله ومكانه لم تتبلور في الجولة الاولى، خصوصا ان بعض الاطراف في المعارضة ابدى تحفظا عن هذه الدعوة او النصيحة، مكررا المطالبة بجلسة انتخاب مفتوحة تكون المكان لهذا الحوار.

لذلك يبقى السؤال مطروحا: هل سيتمكن لودريان في جولته الثانية بعد منتصف تموز، من النجاح في اقناع جميع الاطراف بالجلوس الى طاولة حوار في لبنان او خارجه؟ والسؤال الآخر: ماذا سيحمل في زيارته الثانية للبنان، بعد ان جمع المواقف وبعض الافكار والاقتراحات في جولته الاولى؟

يقول مصدر سياسي مطلع ان الانطباع السائد حتى الآن، هو ان التحرك الفرنسي الجديد او المتجدد يحتاج الى عناصر عديدة لكي يحقق خرقا جديا وفعالا في جدار الازمة، منها ما هو متعلق بمواقف الدول الخارجية المؤثرة في الملف اللبناني.

فعلى الصعيد الداخلي، يبدو ان الاصطفاف السياسي العمودي الحادّ مرشح للاستمرار، ما لم تطرأ تطورات او متغيرات محلية تكسر هذا الاصطفاف، او تحدث ضغوطا خارجية تساهم في تغيير الاصطفاف، وتخلق خارطة طريق سياسية تسهّل انتخاب الرئيس.

وبرأي المصدر ان اي تغيير ايجابي داخلي يمكن ان يسهّل انتخاب رئيس الجمهورية، لا بد ان يأخذ بعين الاعتبار جمع «بلوك» الثنائي الشيعي، مع قسم وازن من المسيحيين وقسم مماثل من السنة، بالاضافة الى «اللقاء الديموقراطي» الدرزي ومستقلين و «تغييريين». وفي الانقسام الحالي يتعذر انتخاب رئيس او تأمين انطلاقة سليمة للعهد الجديد، حتى لو حصل احد من المرشحين سليمان فرنجية وجهاد ازعور على اكثر من 65 صوتا.

لذلك، تبدو مهمة لودريان صعبة وشائكة، يضيف المصدر، ما لم تتمكن فرنسا من كسب عون جدي من الشركاء الدوليين المعنيين او المؤثرين في الوضع اللبناني. من هنا حرص الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قبل توجه موفده الخاص الى بيروت، على طلب عون سعودي اضافي يساعد في تزخيم وتعزيز مهمة لودريان، وامل في الوقت نفسه في اعطاء ضوء اخضر اميركي لهذه المهمة.

ويقول المصدر السياسي ان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان ابلغ الرئيس الفرنسي دعم مهمة لودريان، لكنه احال مسألة التعاون الى التنسيق بين فريقي عمل البلدين، مكتفيا بتكرار موقف المملكة ووقوفها على مسافة واحدة من الجميع في لبنان. وبرأي المصدر ان الرياض عدّلت جزئيا موقفها تجاه الازمة اللبنانية بعد اتفاقها مع ايران وسوريا، وتمثل هذا التعديل الجزئي برفع «الفيتو» على فرنجية، لكنها لم تنتقل الى مرحلة دعمه انسجاما مع اجواء اتفاقاتها الاقليمية.

ويشير المصدر الى ان السعودية تملك ثقلا سياسيا ونيابيا في لبنان، يجعلها اليوم في ظل التركيبة الراهنة للمجلس النيابي قادرة وفاعلة لتشكيل قوة دفع حاسمة للمبادرة الفرنسية، ويجعلها ايضا ناخبا اساسيا في الاستحقاق الرئاسي. لكن يبدو ان تريثها في القيام بتدخل فعال الى جانب فرنسا لحسم الاستحقاق الرئاسي، مرتبط بعناصر تتصل بمسار اتفاقها مع طهران وانعطافة سياستها في المنطقة.

ولا يقتصر نفوذ السعودية في المجلس النيابي على قسم كبير من النواب السنّة، بل يتعداه لتكوين رصيد نيابي اكبر يشمل كتلا اخرى مثل كتلة «الجمهورية القوية»، حيث يعتبر رئيسها سمير جعجع اليوم من ابرز المقربين المسيحيين للمملكة. ورغم هذا الرصيد، فان السعودية اليوم تحرص اكثر من اي وقت مضى على ان تأخذ بعين الاعتبار موقف الاطراف الاخرى، لا سيما «الثنائي الشيعي»، وربما تعمل في المستقبل على الانخراط في دعم حل تنضجه ظروف لبنان والمنطقة.

وفي شأن الموقف الاميركي يقول مصدر نيابي مطلع، ان واشنطن تعطي ظاهر الضوء الاخضر لباريس من اجل استكمال تحركها، لكنها في الوقت نفسه لم ولا تقدم اي تسهيلات تساعدها في مهمتها.

وفي ظل المشهد القائم داخليا وخارجيا، ينقل عن قيادي حزبي قوله انه من الصعب التكهن بمدى نجاح لودريان في جولته الثانية المرتقبة بعد منتصف تموز، ومن الصعوبة ايضا معرفة مدى النجاح في عقد حوار بين الاطراف اللبنانية قريبا. لذلك فان حسم الاستحقاق الرئاسي ليس في متناول اليد حتى اشعار آخر، وربما يطول الانتظار الى ما بعد الصيف. 

الأكثر قراءة

حزب الله يدشّن أولى غاراته الجوية... ويواصل شلّ منظومة التجسس ترسيم الحدود مع لبنان ورطة اسرائيلية... و«مقايضة» اميركية في رفح!