اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كمال ذبيان

يسعى الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز الشيخ موفق طريف، ليكون المرجعية الدرزية ليس في فلسطين المحتلة، بل يمد نفوذه الى سوريا ولبنان والاردن، حيث الوجود الدرزي في هذه الدول والذي يبلغ عدده نحو مليون ومئتي ألف مواطن، تربطهم الجغرافيا والدم والنسب، ويتأثرون بالاحداث التي تقع في دولهم، ويتفاعلون معها، ويشاركون احيانا فيها.

وبرز دور الشيخ طريف مع احداث محافظة السويداء، وقبلها في جرمانا وصحنايا واشرفيتها، اذ زاد تدخل الشيخ طريف بعد ان بدأت اصوات تتعالى من السويداء تطالب بالحماية الاسرائيلية التي امنها طريف مع رئيس حكومة العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يستضيفه طريف على مائدته دائماً، مع مسؤولين اسرائيليين آخرين، وظهر مع نتنياهو بعد قصف استهدف بلدة مجدل شمس في الجولان المحتل، واتهم العدو الاسرائيلي حزب الله بالعملية، لاشعال فتنة درزية – شيعية في لبنان.

وكثر تحرك الشيخ طريف خلال السنوات الاخيرة، لا سيما بعد عملية «طوفان الاقصى» قبل نحو عامين، فزار موسكو والفاتيكان ودول خليجية، والتقى في باريس قبل ايام الموفد الأميركي توم براك الذي كان يجمع وزير الخارجية السوري اسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، وحضر الوضع في جنوب سوريا كأحد أبرز مواضيع البحث الذي سيؤسس لمرحلة تطبيع العلاقات بين سوريا بقيادتها الجديدة برئاسة احمد الشرع والكيان الصهيوني، تحت مسمى «اتفاقات ابراهاما»، واكد براك انها على طريق الانجاز، ولبنان سيكون البلد الثاني بعد سوريا الذي يوقع عليها أيضاً.

ومع وجود الشيخ طريف في باريس، قدم نفسه على انه هو من يتحدث باسم «دروز المشرق»، ومرجعيتهم في المنطقة، وهو ما تنبه اليه الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وتصدى لطريف لمحاولته «صهينة الدروز»، وادخالهم في المشروع الاسرائيلي، سواء في اقامة «دولة درزية» أو أن يكون الدروز زراعا عسكرياً خارج فلسطين المحتلة، بعد فرض العدو الاسرائيلي على الدروز الخدمة الالزامية في الجيش بفلسطين المحتلة منذ العام 1956، ويعمل جنبلاط منذ مطلع العام 2000 على ثني دروز فلسطين الالتحاق بالجيش الاسرائيلي والخدمة فيه، أو أن يكونوا اداة قمع للانتفاضة الفلسطينية، وعقد اكثر من لقاء مع ممثلين لابناء طائفة الموحدين الدروز في فلسطين، سواء في الاردن أو قبرص، وكلف النائب وائل أبو فاعور متابعة الملف، وهذا ما أغضب الشيخ طريف، واعتبر ما يقوم به جنبلاط تدخلاً في شؤون الدروز في فلسطين، في حين ان الرسالة التي حملها وليد جنبلاط لهم هي ألا يكونوا أداة في قتل الشعب الفلسطيني، الذي يتظاهر الرأي العام العالمي دفاعاً عنه وداعماً لحقوقه.

وما قام به جنبلاط في فلسطين المحتلة، سعى اليه في سوريا، بعد سقوط النظام السابق، فرأى أن من مصلحة الدروز أن يكونوا مع الدولة، فجاءه الرد من الشيخ حكمت الهجري مدعوماً من الشيخ طريف، بأن «للدروز خصوصية»، ويجب ان تكون لهم «ادارتهم الذاتية» مما خلف تباعداً في المواقف، وحصلت أحداث السويداء، فتقدم طريف على أنه المرجعية لحماية الدروز في سوريا، وانعكست الاحداث في محافظة السويداء على لبنان، بعد أن بدأت تصل أخبار المجازر والارتكابات، مما حرك «النخوة المعروفية» للدفاع عن أبناء طائفتهم، فتخوف جنبلاط ومعه رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال ارسلان من ان تنعكس احداث السويداء الدموية على لبنان فتنة سنية – درزية، وتمكنا مع مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ومراجع سياسية من تطويقها، وحصر ما يجري في سوريا داخلها، والا يتمدد الى لبنان، وهذا ما أعلنه جنبلاط عن فك وحدة المسارين بين ما يجري في سوريا ولبنان، وهذا ما يعمل ضده الشيخ طريف بان الدروز في كل مكان «اخوة في الدين»، ولا بد من الدفاع عنهم، وهو بذلك يميز نفسه عن جنبلاط، ويقدم نفسه حاميا للدروز ومرجعيتهم في المنطقة، ويذهب الى مراجع القرار يفاوض باسمهم، فالتقى براك تحت هذه الصفة، وبحث معه الوضع في جنوب سوريا، واتفقا على وقف اعمال العنف، وضرورة الافراج عن جميع المختطفين من الجانبين، وحصول اتفاق شامل في سوريا، حول كل المسائل المطروحة، ومنها شكل النظام السياسي، والمشاركة فيه من قبل المكونات الطائفية والسياسية فيها، وازالة القلق عند الاقليات داخلها.

فهل ينجح الشيخ طريف في تقديم نفسه حاميا للدروز ومرجعيتهم؟.

الأكثر قراءة

على الطاولة: إلحاق لبنان بسوريا