اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


بكل ما أوتينا من كراهية عمياء، ومن قصور في الرؤية، ومن تبعية للآخرين، نجرجر أقدامنا نحو الجحيم. في رائعة "فاوست" لغوته "أيها السيد الشيطان، لقد جئتك بروحي، فهل تشتري"؟. في تحليل لاحق للمسرحية، لاحظ أحد النقاد أن أرواح القردة، وعبر الأزمنة، أعلى ثمناً من الأرواح البشرية.

الحملة على "حزب الله"، بالأسنان الصفراء، والعيون الصفراء، التي لا تأخذ بالاعتبار ظروف نشأته، وتضحياته بالآلاف من ابنائه من أجل تحرير الأرض، في الجنوب كما في السفوح الشرقية، حين كانت الدولة تبيع الجنوب، بل وتبيع لبنان، لياسر عرفات، ثم لأرييل شارون، ثم لرستم غزالي. الآن لمن...؟

يفترض أن يسلم سلاحه دون أي اعتبار لتهديدات القبائل الآتية من قاع الايديولوجيات، ومن قاع الأزمنة، لاجتياح الجنوب من جهة، ولاجتيياح البقاع من جهة أخرى.

لم تعد عملية اجتياح البقاع فرضية عابرة، بل هي حقيقة قاطعة، فهل باستطاعة الجيش اللبناني الذي نشر معظم قواته جنوب الليطاني أن يواجه بفرده تلك الجحافل الهمجية، وعلى امتداد ذلك الجزء من الحدود الذي يتجاوز السبعين كيلومتراً، ودون اغفال أن هناك عشرات الآلاف من النازحين السوريين، ومن بعض القوى اللبنانية، مستعدون للنزول الى الخنادق الى جانب الغزاة الذين ظهرت مآثرهم في الساحل السوري، كما في محافظة السويداء.

ثم ماذا فعل الاسرائيليون بسوريا التي أعلن رئيسها أحمد الشرع اسرائيل دولة صديقة، مع اثارة الكثير من التساؤلات حول المحادثات المشبوهة التي جرت في باكو، وفي باريس، بدفع من الباب العالي في اسطنبول، والذي امتهن بيع العرب اما لأميركا أو لاسرائيل. وحتى للشيطان؟ الجنوب السوري كله، والذي يتاخم دمشق، في قبضة بنيامين نتنياهو. وعلينا أن نتصور ما مصير سوريا، والبازار التركي ـ الاسرائيلي مفتوح على كل الاحتمالات، وعلى كل السيناريوات، بعدما عمدت اسرائيل الى تعريتها من كل عوامل القوة، لنكون أمام جيش كاريكاتوري هو عبارة عن كوكتيل بشري، من مقاتلي القوقاز، وآسيا الوسطى، ومن الميلشيات الهجينة التي احترفت القتل والنهب، اضافة الى قطع الطرق، وقطع الرؤوس بالسواطير.

نحن بين دولتين. الاثنتان تحكمهما الايديولوجيا العمياء. بالأحرى الايديولوجيا المجنونة. كل واحدة تعتبر أنها في أدائها الهمجي تنفذ النص الالهي. كلنا في لبنان قرابين بشرية ان لذلك الاله الذي كان من كهفه يرشق السابلة بالحجارة، والآن بالقنابل الأميركية الهائلة، أو لذلك الاله الذي حوله الفقهاء من اله للرحمة، وللعدالة، الى اله وثني ينفث النار اينما بحل، هكذا تتناثر جثثنا اما تحت الأنقاض أو تتكدس في العراء.

لكن ثمة ماهو أكثر خطورة بكثير. لا يرف لنا جفن حين يقول نتنياهو انه في مهمة روحية، توراتية، أي اقامة "اسرائيل الكبرى"، ما يعني طرد اللبنانيين، والسوريين، والأردنيين، من أرضهم، كذلك طرد الفلسطينيي مما تبقى من أرضهم، فيما يهدد توماس براك بالحاقنا ببلاد الشام، أخذاً بالاعتبار الوضع الكارثي للبنانيين، وحيث تنهمك بعض الأطراف، وبايعاز، وتمويل، من جهة خارجية، في الاعداد اللوجستي والعملاني، لتفجير الساحة الداخلية ضد حزب الله، وبالصورة التي تجعل لبنان بادارة الكوندومينيوم الاسرائيلي ـ السوري. وبطبيعة الحال تحت المظلة الأميركية.

أين دعاة الكانتونات الذين احترفوا أن يتقيؤوا النار على الشاشات، وبتلك الضحالة الفكرية، والسياسية؟ المهم أن تصل أكياس الذهب، ولو مرغوا وجوههم ان بالدماء أو بالوحول. اذاً اسرائيل الكبرى، لا سوريا الكبرى، ولا تركيا الكبرى. هكذا يقول يهوه، وعلينا أن نستعد لنطوف حول الهيكل بعد اعادة بنائه، ولو بجماجمنا.

نزع سلاح "حزب الله"، ليكون مصيرقادة الحزب اما المقبرة أو الزنزانة. من تراه بستطيع القول غير ذلك. ماذا عن البيئة الحاضنة التي يتم التعامل معها كبيئة موبوءة، ويفترض ابعادها بأي ثمن ؟ وكنا قد لاحظنا ما هي نظرة مورغان أورتاغوس الى كل من يقول"لا" للدولة العبرية، لتضعنا، باصبعها المرصع بنجمة داود أمام هذين الخيارين. اما الرايات البيضاء أو غزة!

لبنان، لا طائفة بعينها، على فوهة البركان اذا لم تبدأ الخطوات الخاصة بالصلح مع اسرائيل. لقد تغير الشرق الأوسط لمصلحة أميركا، ولمصلحة الدولة العبرية، ما يعني أننا أمام ايام خطيرة وبتواطؤ دولي واقليمي. ما هي الأوراق التي بأيدينا اذا ما كنا على تبعثرنا الحالي، واذا كنا قد حفرنا الخنادق بين الزقاق والزقاق، وبين الطائفة والطائفة؟ كلنا جاهزون لبيع أرواحنا الى الشيطان، وكلنا جاهزون للذهاب بأقدامنا العارية الى الجحيم.

لننتظر ما هو أكثر اثارة، بل ما هو اشدهولاً، على ذلك المسرح البائس الذي يدعى الشرق الأوسط. الخارطة على طاولة دونالد ترامب في البيت الأبيض. هل نظر، في اي يوم، الى العرب الا كنوع آخر من القردة؟

على مدى مائة عام، مذا فعلنا الا وضع جثثنا بتصرف السيد الأميركي. لا دور لنا سوى دور الجثث. أين لاءات "حزب الله" في هذه الأدغال...؟

الأكثر قراءة

صفا في بعبدا ورحال في عين التينة... طبخة بين «الاستاذ» و«العماد»؟ لقاءات براك ــ أورتاغوس الاسرائيلية «سلبية» والجواب الرسمي السبت السلاح الفلسطيني الى الواجهة: ضغط أم تهدئة أم توريط للدولة؟