اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كل مصائب هذا البلد تأتي من حيث لا ندري. انتظروا تطورات امنية من الساحل الشماليبين التبانة وجبل محسن بدليل بعض التغريدات، فاجاءتهم من جبله. توقعوا فتنة شيعية-مسيحية، فكانت المحاولة على خط الضنية-بشري، حليفتي الامس القريب. تماما كما توقعوا احداثا دموية في بيروت ليفتح باب الحل الرئاسي، فكان انفجار الشارع الباريسي ليضع انهاء شغور بعبدا في مهب مبادرة لودريان المترنحة على حبال التدهور الفرنسي.

هكذا انقضت صفحة عطلة الاضحى الطويلة، ليفتح الاسبوع الطالع على تعثر سياسي جديد وتعطيل مستمر، فيما أفق الحل مسدود، والتعويل اللبناني على الدور الفرنسي لم يعد كبيرا، في وقت يتابع المعنيون انغماس الرئيس الفرنسي في مشكلاته الداخلية.

ففي جديد التطورات، وفقا لمتابعين، ان لا جلسة لمجلس الوزراء بسبب عدم وجود جدول اعمال لتعيينات يرفضها الوزيران المعنيان، واجتماع وزاري لن يتطرق الى احداث القرنة السوداء، فيما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي «غير مرتاح» لفتور السلام مع ولي العهد خلال اداء مناسك العمرة والحج في المملكة.

وسط ذلك تستمر حادثة القرنة السوداء موضع متابعة ومعالجة، خصوصا ان تعليمات قائد الجيش العماد جوزاف عون جاءت منذ لحظة تبلغه، صارمة للعسكريين بضرورة التعامل بحكمة وصرامة مع ما يحصل، وهو ما نجحت قيادة الجيش ومديرية مخابراتها فيه من حيث المبدأ، اذ تحولت ملجأ للجميع، وخيارا لا غنى عنه لتفويت اي فرصة على العابثين بالامن، وسط استمرار التحقيقات والتساؤلات، عما اذا كانت الجريمة صراعا على مياه «القرنة»، ام ثمة من يسعى الى تنفيذ سيناريوهات سوداء؟ والا يمكن بالتالي الشك في وجود مخطط ما يتم الاعداد له انطلاقا من الشمال؟ ليبقى السؤال: ما حقيقة ما جرى؟ بكل بساطة، حتى الآن لا اجابات قاطعة معلنة بانتظار التحقيقات، التي باتت على بينة من كثير من الخيوط، التي يصر المحققون على ابقائها سرية الى حين كشف القضية كاملةبسرعة ودون تسرع، لئلا يبقى ما حصل عرضة للتجاذبات والتغريدات والإشاعات، وهو ما دفع المرجعيات الروحية والقيادات السياسية المعنية الى رفع الصوت عاليا، داعية الى التهدئة وعدم الانجرار وراء الفتنة.

المشهد السوداوي الذي خرقه تراجع سعر الدولار من خارج سياق الاحداث والمنطق والقواعد الطبيعية، يفترض عدم توقع اختراقات على المسار الرئاسي قبل عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، رغم ان ساعات العطلة الاخيرة، وفقا لمصادر سياسية، حملت معها اشارات سلبية ومواقف حادة من حارة حريك، تبدو انها ترداد لاصداء ما تشهده شوارع باريس، اذ جاءت تصريحات رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» صادمة، ليس فقط الى خصومه المحليين بل الى باريس ايضا وموفدِها جان ايف لودريان، عندما اكد «اننا صابرون ونفسنا طويل وفي النهاية في ناس بدها تقنع»، رغم ان تقرير لودريان كان سجل ايجابيات في ما خص حزب الله.

والى ان تتفكك الخيوط ويبان اسودها من ابيضها، بدا لافتا امس زيارة رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الى لندن، من خارج سياق المعروف ولقاؤه مستشار الامن القومي للمملكة برفقة السفير اللبناني، خصوصا ان بريطانيا تؤدي دورا فاعلا على الساحة اللبنانية، منذ اندلاع «ثورة 17 تشرين الثاني»، وما حكي عن ادوار لمخابراتها. فهل هي رسالة اميركية عبر طرف ثالث لمن يعنيهم الامر؟ 

الأكثر قراءة

بيان لبلدية الغبيري...هذا ما تضمنه