اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

هل يفتح كلام البطريرك الماروني بشارة الراعي الاخير، الباب للحوار بين الاطراف السياسية للخروج من الازمة القائمة؟ قد يكون ما قاله سيد بكركي مزعجاً او محرجا للبعض، خصوصا اولئك الذين يرفضون الدعوة للحوار حول الاستحقاق الرئاسي. لكن الجملة التي استخدمها تتضمن دعوة صريحة للجميع من اجل الجلوس الى طاولة الحوار، وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يتوقف عند هذا الكلام، ملاحظا انه للمرة الاولى يدعو البطريرك الراعي الذين لا يريدون الحوار الى التجاوب والانخراط في هذه العملية.

ويقول مصدر نيابي ان ما قاله البطريرك الماروني يتضمن ايضا انتقادا واضحا لرافضي الحوار، بقوله "ان لم تستطع الجلوس حول طاولة الحوار والتحاور حول الشؤون الخلافية، فحول ماذا نتحاور". ويلفت المصدر الى انه وجه نقدا واضحا "للمسؤولين الذين لا يجلسون معا الى طاولة الحوار، لان مصالحهم الخاصة اقوى من العامة".

لماذا صدر هذا الموقف عن بكركي اليوم، وما هي اسباب وخلفيات دعوته الجميع للحوار؟ قبل الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية، ركز البطريرك الراعي على وجوب عقد هذه الجلسة، منتقدا بري ومحملا اياه مسؤولية تأخيرها. وهذا الموقف ترك اثارا سلبية وعدم ارتياح في عين التينة، قبل ان تعالج الامور وتوضع الامور في نصابها. وبعد عودة بري الى الجلسة 12 وما حصل فيها، تأكدت صحة موقف رئيس المجلس، الذي كان استبق الجلسة، مستبعدا امكان انتخاب رئيس للجمهورية، في ظل الانقسام العامودي الحاصل.

وتوقفت بكركي ملياً امام نتائج الجلسة المذكورة، وفوجئت ان ما نقله البعض في المعارضة لا ينطبق على الواقع، خصوصا ان المرشح جهاد ازعور لم يتمكن من تجاوز الستين صوتا، بعد ان ذهب البعض في هذه المعارضة الى التأكيد قبل الجلسة، انه سيتخطى الـ 65 صوتا ويقترب من السبعين.

وفي ضوء ما صدر لاحقا من مواقف لاطراف شاركت في التصويت لازعور، ايقنت بكركي ان الاستمرار في عقد الجلسات المفتوحة لن يؤدي الى اية نتيجة، ولن يسفر عن انتخاب رئيس الجمهورية، ما لم تتبدل المعادلات والتوازنات او تتكوّن مواقف جديدة تساهم في الخروج من المأزق القائم.

وينقل احد زوار بكركي مؤخرا، ان البطريرك الراعي يتحفظ في الكلام عن المرشحين للرئاسة، مكتفيا بالاشارة الى اللائحة التي طرحتها الكنيسة باسماء عدد من المرشحين، بناء لمواقف الاطراف السياسية وليس من باب اسقاط هذه الاسماء على الكتل والنواب. ويشير الى ان البطريرك الماروني لم يكن من البداية ضد الحوار، لكنه فضل ان تكون بكركي على مسافة من الجميع. وحاول في قت سابق جمع القيادات المسيحية في حوار هدفه تسهيل وتسريع انتخاب رئيس الجمهورية، مع اقتناعه بان الاستحقاق الرئاسي هو استحقاق وطني اولا واخيرا، لكن هذا لا يمنع من ان يكون الموقف المسيحي الجامع عاملا مهما في هذا الاستحقاق.

ويلفت المصدر ان الراعي لم يبد حماسا لفكرة قيادة بكركي لحوار جامع حول رئاسة الجمهورية، وهو يميل الى ان يكون الحوار في الاطار البرلماني، الذي يعكس الى حد كبير الواقع السياسي في البلاد، ويبدي انزعاجا كبيرا لاستمرار الفراغ الرئاسي، موحياً بان الكيل طفح بطول الانتظار.

وبرأي المصدر ان بكركي كانت وما زالت تؤيد وتنحاز الى اتباع الاصول الدستورية، وحصر عملية انتخاب رئيس الجمهورية داخل مجلس النواب، لكن الاستمرار في الازمة من تسعة شهور يجعلها اليوم ترفع الصوت عاليا باتجاهين: اما الحوار الداخلي الجامع حول الامور الخلافية للخروج من الازمة، او عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، كما دعا الراعي سابقا في اكثر من مناسبة.

ويشير المصدر الى ان بكركي في دعوتها الاطراف جميعا للحوار، ربما لا تنطلق من المنطلقات التي ينطلق منها الثنائي "امل" وحزب الله، لكنها تعبّر في الوقت نفسه عن دعمها لفتح الحوار المباشر بين الاطراف اللبنانية، اذا كان يساهم في الخروج من الازمة.

واللافت ان موقف بكركي الاخير تلاه موقف ل "التيارالوطني الحر" الذي عبّر في بيان لمجلسه السياسي عن انه "منفتح على اي حوار يساعد على انتاج رئيس، والاتفاق على الخطوط العريضة لبرنامج تتولى تنفيذه الحكومة التي سيتم تشكيلها". واللافت ايضا ان هذين الموقفين يسبقان عودة الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان الى بيروت في 16 و17 تموز الجاري كما اشار الرئيس بري امس.

ووفقا لمصادر مطلعة، فان لودريان يجتهد في التحضير لجولته الثانية في لبنان، مركزا على نقطة اساسية خلص اليها في جولته الاولى وهي جمع الاطراف اللبنانية الى طاولة حوار. وتشير المصادر ان المرجح حتى الآن ان يكون الحوار على مستوى رؤساء الكتل في مجلس النواب، لكن جدول اعماله مرهون باللقاءات والاتصالات التي سيجريها الموفد الفرنسي في جولته الثانية. كما ان فكرة الحوار يعتمد نجاحها ايضا على تأمين دعم جدي لمهمة لودريان من قبل دول اللقاء الخماسي.

والثابت، وفق المصادر، ان فرنسا لم تخرج الملف اللبناني من دائرة اهتمامها، وانما ما زالت مقتنعة بان تضعه من ضمن جدول اهتماماتها الخارجية، وما زالت تسعى لاستكمال تحركها تحت عنوان اساسي وهو "اخراج لبنان من ازمته الراهنة"، وهي متمسكة بدورها تجاهه.


الأكثر قراءة

نصرالله يُحرج المزايدين باختبار «السيادة» : إفتحوا البحر للنازحين! خطة أمنيّة في بيروت الكبرى... و«الخماسيّة» في عوكر «مكانك راوح» جبهات المساندة تنسّق للتصعيد... وإخلاء مُستوطنات جديدة في الشمال