اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اذا كان رجب طيب اردوغان قد بدأ يعامل "الاخوان المسلمين" كما "الضفادع الميتة " (الوصف لأحد أركان الجماعة)، لماذا الاصرار على اشراكهم كأحصنة طروادة في هيكلية السلطة في سوريا؟ أحد النواب قال لنا ضاحكاً "لو تسنى للرئيس التركي أن يدخل الى دمشق لرأيت زميلنا عمادالحوت (الجماعة الاسلامية) في القصر الجمهوري".

ديبلوماسي مصري مخضرم قال لنا "الوجود التركي في سوريا، وبالرغم من الخلاف بين واشنطن وأنقرة حول المسألة الكردية، بات وجوداً أميركياً. ادارة جو بايدن هي من أوقفت المفاوضات الروسية ـ التركية حول تسوية الأوضاع في سوريا. اردغان قبل أن يكون وجوده في الشمال السوري ورقة أميركية، لقاء ثمن معيّن (رعاية التفاهم بين أنقرة وتل أبيب حول ادارة غاز المتوسط؟).

في هذه الحال، أين هي مصر، وأين هي السعودية، الشقيقتان العربيتان اللتان يتقرّب منهما اردوغان من الضغط عليه كي لا تبقى سوريا في مهب الرياح الأميركية والاسرائيلية على السواء؟

ذاك حلم توراتي قديم. القضاء على من دعاهم النص بـ "ذئاب الشمال"، وان اعتبر الجنرال شاوول موفاز أن رجال المقاومة في لبنان، وفي ضوء تجربة عام 2006، هم... ذئاب الشمال!

قد نكون بحاجة الى مكيافيلي ـ سوبر مكيافيلي ـ للكتابة عن اردوغان. الرجل ـ الثعلب أم الرجل ـ العنكبوت، حين يكون في آن صديقاً لاسماعيل هنية ولبنيامين نتنياهو، وحين يكون مع الأميركيين (والأوكرانيين) ومع الروس، وحين يكون اسلامياً ويريد اعادة الخلافة الى الاستانة، واستعادة لقب "خادم الحرمين الشريفين" من البلاط السعودي، تزامناً مع السعي للدخول الى الاتحاد الأوروبي ما حمل "لوكانار أنشينه" الساخرة على وصفه بـ "ذلك الامام المسلم الذي يترأس القداس في بروكسل"؟

تبريره لكل تلك البهلونيات أن ثقافة القرن تفترض سياسات بعيدة، كلياً، عن مواصفات وحيد القرن. بمعنى آخر، مثلما نحن في زمن الهويات المركبة، وفي زمن الثقافات المركبة، نحن في زمن السياسات المركبة. السياسات المتعددة الأبعاد لا سياسات البعد الواحد بحسب وصف الغرب لسياسات ايران، ما جعلها داخل حصار دولي قاتل، وحين تمضي المناطق الأخرى في هذا العالم باتجاه التفاعل البنيوي، والديناميكي، مع المناطق الأخرى.

كثيراً ما تحدثنا عن "ديبلوماسية الثعبان". الآن يتحدث أحمد داود أوغلو ـ منظّر النيوعثمانية عن "ديبلوماسية الحرباء". بعد تلك الصدمات المتلاحقة، لم يخلع اردوغان فقط ثوب السلطان، وانما أيضاً جلد السلطان، ليأخذ الخيار البهلواني طريقاً آخر...

التخلي عن "النيوانكشارية"، أي "الاخوان المسلمين" ( الا في بعض الحالات التكتيكية)، واللجوء الى اللغة المخملية. بعد "تركيا الكبرى"، وهذا كان حلمه منذ أن أنتخب رئيساً لبلدية اسطنبول، وشارك في تنظيف الشوارع بالمكنسة، ليعيد الى المدينة ألقها الأمبراطوري، وكانت أشبه ما تكون بمكب للنفايات. الآن... تركيا العظمى!

تركيزه الآن على تفعيل الاقتصاد باجتذاب الاستثمارات، بعدما كادت سنوات التعثر تخلعه عن العرش، وعلى تطوير الترسانة العسكرية، والتكنولوجية. وراء الضوء، يتردد أنه يفكر في محاولة الدخول الى النادي النووي. ولكن هل يمكن لاسرائيل التي هددت بضرب ايران نووياً اذا ما حازت القنبلة أن تقبل بحيازة تركيا لها؟

بالتأكيد الايرانيون على بيّنة من المواصفات المرئية واللامرئية لأردوغان، كما على بيّنة من سياساته المرئية واللامرئية. لكن التعامل معه ضرورة تكتيكية. هكذا يفعل الجميع. يعلمون أنهم أمام الرجل ـ الحرباء، لكنهم مضطرون الى الحفاظ على العلاقات معه، أن في الصراعات الدولية أو في الصراعات الاقليمية. هنا لا نتصور وجود أي فارق بين الضرورة التكتيكية والضرورة الاستراتيجية.

اردوغان يستقبل، قريباً، بنيامين نتنياهو، عقب استقبال محمود عباس، للايحاء بأن البحث يتناول الموضوع الفلسطيني. في رأسه أن يكون أحد لوردات الطاقة في المتوسط، والى حد السعي لـ "كوندومينيوم الغاز" بين أنقرة وتل أبيب. على حساب من؟

أعان الله سوريا والسوريين، فلسطين والفلسطينيين. بطبيعة الحال، أعان الله لبنان واللبنانيين....

الأكثر قراءة

مفوضية اللاجئين لن تسلم «داتا» النازحين واجتماع في بكركي وتحركات شعبية الورقة الفرنسية كتبت «بالإنكليزية» وتجاهلت «الرئاسة» و14 ملاحظة لبنانية صواريخ بركان تلاحق غالانت وعمليات نوعية للمقاومة و30 غارة للطيران المعادي