اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

 تونيا الخوري 


الحيوان الأليف... أُطلِق هذا المصطلح على الحيوان الذي تنشأ بينه وبين الإنسان علاقة صداقة، إذ إنّ تربية هذه الحيوانات، كالكلب، أو القطّ، أو حتى الحصان، يُدخل السرور إلى قَلب صاحبها الذي يحتفظ ويعتني بها، إلّا أنّ المثير في الأمر هو أنّ هذا السرور مُتبادَل؛ وذلك لأنّ الاعتناء بهذا الحيوان يُدخل السرور إلى قلبه أيضًا، وبهذا يمكن وَصْف هذه العلاقة بأنّها تكافُليّة لما تعود به من فائدة على الطرفَين.

ويشار إلى أن اقتناء حيوانٍ أليف ليس مُقتصِرًا على الوقت الراهن، بل هو أمرٌ قديم جدًّا، حيث ارتبطت بعض هذه الحيوانات، مثل: الكلب، والقطّ، بالحضارات القديمة، وأصبحت رموزًا فيها، كما هو الحال في الحضارة المصريّة.

ومن الجدير بالذِّكر أنّ تاريخ عمليّة استئناس الحيوانات يتداخل مع عمليّة التدجين، ويُرَجَّح أنّ الكلب هو أوّل الحيوانات المُستأنَسة كحيوانٍ أليف؛ إذ لاحظ الإنسان أنّ الكلاب تتمتَّع برشاقةٍ، وسرعةٍ، وفكٍّ قوي؛ كما أنّه يمكن الاعتماد عليها في الصيد، وفي مقابل ذلك كلِّه، تحصل الكلاب على بقايا الطعام.

وتتعدَّد الكائنات الحيّة التي يتَّخذها الناس كحيواناتٍ أليفةٍ، وتتنوَّع.

وتحتاج الحيوانات الأليفة إلى رعايةٍ، واهتمام، وظروفٍ مناسبة، فلا يقتصر الأمر على جَلْب هذا الحيوان إلى المنزل فقط، بل يجب أن تتوفر له مجموعة من العوامل، منها:

  • الوقت والجهد
  • القدرة الماليّة
  • مُتوسّط العُمر لدى الحيوان
  • المسؤوليات المُترتِّبة على المالك

فوائد اقتناء الحيوانات الأليفة

لا تزال الأبحاث حول التفاعلات بين الإنسان والحيوان جديدة نسبيًا. وأظهرت بعض الدراسات آثارًا صحية إيجابية، لكن النتائج كانت مختلطة.

1. الفوائد على المستوى النفسي

ثبُت أن التفاعل مع الحيوانات يقلل من مستويات الكورتيزول (هرمون مرتبط بالتوتر) ويخفض ضغط الدم. ووجدت دراسات أخرى أن الحيوانات يمكن أن تقلل من الشعور بالوحدة، وتزيد من الشعور بالدعم الاجتماعي، وتعزز المزاج.

ويمكن للحيوانات أن تكون مصدرًا للراحة والدعم. وتعتبر الكلاب العلاجية الأفضل من الناحية هذه، لذلك يتم إحضارها أحيانًا إلى المستشفيات أو دور الرعاية بالمسنّين للمساعدة في تقليل التوتر والقلق لدى المرضى.

قد تساعد الكلاب أيضًا في الفصل الدراسي. فقد وجدت إحدى الدراسات أن الكلاب يمكن أن تساعد الأطفال المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في تركيز انتباههم. وقام باحثون بتسجيل مجموعتين من الأطفال الذين تم تشخيص إصابتهم باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في جلسات علاج جماعي لمدة 12 أسبوعًا. حيث قرأت المجموعة الأولى من الأطفال لكلب علاجي مرة واحدة في الأسبوع لمدة 30 دقيقة، بينما قرأت المجموعة الثانية على الدمى التي تشبه الكلاب.

وأتت النتائج على النحو التالي: أظهر الأطفال الذين قرأوا للحيوانات الحقيقية مهارات اجتماعية أفضل وأبدوا قابلية أكبر على المشاركة والتعاون والتطوع، وتبين وجود مشاكل سلوكية أقل لديهم.

ووجدت دراسة أخرى أن الأطفال المصابين بـ"اضطراب طيف التوحد" كانوا أكثر هدوءًا أثناء اللعب مع حيوانات الكابياء الخنزيرية في الفصل الدراسي. فعندما أمضى الأطفال 10 دقائق في وقت اللعب الجماعي الخاضع للإشراف مع الكابياء الخنزيرية، انخفضت مستويات قلقهم. وأبدى الأطفال أيضًا تفاعلات اجتماعية أفضل وكانوا أكثر انخراطًا مع أقرانهم. ويقترح الباحثون أن هذه الحيوانات أظهرت لهم قبولًا غير مشروط، مما أعطى الأطفال شعورًا بالراحة والهدوء.

وأظهر تقييم واسع، نُشر، في شباط 2018، على موقع BMC Psychiatry، لـ17 دراسة أجريت حول ملكية الحيوانات الأليفة بين الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية عقلية.

وأشار إلى أن امتلاك حيوان أليف كان له فوائد محتملة متعددة على هذه المجموعة، فعلى سبيل المثال، إتضح أن اقتناء الكلاب مفيد للمحاربين القدامى الذين يعانون من "اضطراب ما بعد الصدمة"، فهو مرتبط بشكل عام بتحسين الاستقرار العاطفي، بتعزيز الشعور بالمعنى والهدف.

2. الفوائد على المستوى البدني

عندما يتعلق الأمر بفوائد الصحة البدنية، فكل قليلٍ مهم. فالنزهات اليومية تأتي بمنفعة على لياقة أصحاب الكلاب، نظرًا لأنها تفي بمعايير التمارين المعتدلة المنتظمة، ويلاحظ أن أرباب الكلاب تظهر لديهم حالات أقل من السمنة المفرطة، وقد أثبتت دراسة حديثة أنّ 36% من مالكي هذه الحيوانات قد نَقَص وَزْنهم بالفعل.

ويعتبر القلب من أكثر المستفيدين من إقتناء الحيوانات الأليفة، فمجرد وجود الحيوانات يؤثر بشكل كبير على ضغط الدم، حيث يعاني أصحاب الحيوانات الأليفة من انخفاض ضغط الدم أثناء الراحة مقارنة بالأشخاص الذين ليس لديهم حيوانات أليفة.

ولا يُستبعد مالكو الحيوانات الأخرى، كالقطط مثلًا، من "سباق" القلب الصحي، فتواجد القطط في المنزل يقلّل من خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك السكتة الدماغية والنوبات القلبية. ووفقًا لمعهد أبحاث العلاقات الحيوانية البشرية (HABRI)، فإن الأشخاص الذين ليس لديهم قطط معرّضون بنسبة 40٪ أكثر للإصابة بالنوبات القلبية مقارنة بمن يقتنون القطط.

حتى أن مشاهدة الأسماك في حوض السمك يمكن أن تساعد في تخفيف توتر العضلات وخفض معدل نبض القلب.

إضافةً إلى ذلك، تقضي الحيوانات الأليفة الكثير من وقتها في الخارج، وبالتالي تجلب جميع أنواع الأوساخ والجراثيم إلى المنزل، إلا أن هذا ليس بالضروة أمرًا سلبيًا، فهذه الجراثيم الإضافية يمكن أن تساعد في تعزيز المناعة ضد نزلات البرد والأمراض الخفيفة الأخرى. وفي الواقع، قد أظهرت الدراسات السابقة أن الأطفال الذين يعيشون مع كلب يميلون إلى التعرض لعدوى أقل ويتمتّعون عمومًا بصحة أفضل.

3- الفوائد على المستوى الإجتماعي

فضلًا عن فوائدها على المستويين العقلي والبدني، يمكن أن يكون امتلاك حيوان أليف مفيدًا في إضافة بنية إلى حياتنا اليومية، واعتماد روتين محدد يساعد في تنظيم مهامنا.

ويمكن أن يساعدنا أيضًا في مقابلة أشخاص جدد. فالحيوانات الأليفة "مادة تشحيم" اجتماعية رائعة لأصحابها، مما يساعد على بدء صداقات جديدة والحفاظ عليها. فكثيرًا ما يتوقف أصحاب الكلاب ويتحدثون مع بعضهم البعض خلال النزهات أو في حديقة الكلاب. ويلتقي أصحاب الحيوانات الأليفة أيضًا بأشخاص جدد في متاجر الحيوانات الأليفة والنوادي ودروس التدريب.

تحذيرات مرتبطة باقتناء الحيوانات الأليفة

رغم فوائده، فإن امتلاك حيوان أليف قد يخلق بعض المشاكل إذا لم يكن المرء مستعدًا تمامًا للمسؤوليات التي يحملها. فالحيوانات الأليفة تتطلب الكثير من العناية، ورعايتها مكلفة.

ويمكن لها أن تسبب الحساسية، لذلك يجب على المرء أن يعرف أي نوع من الحيوانات سيكون الأنسب له، ويوصى بالحيوانات الأليفة المضادة للحساسية في حالة ظهور أي عارض.

وقد تسبب الحيوانات الأليفة تلوثًا بالضوضاء، وإمكانية فقدان صاحبها النوم، إضافة إلى إمكانية إلحاق الضرر بالمنزل والممتلكات خاصة إذا لم يتم تدريبها جيدًا أو في حال إهمالها.

وقد تتقيّد حرية المرء بالمسؤولية التي ينطوي عليها امتلاك حيوان أليف.

وأخيرًا، على مالك الحيوانات الأليفة الاستعداد لما لا مفر منه، أي وفاتها، لأن أعمارها محدودة. 

الأكثر قراءة

جنبلاط لـ "الثنائي الشيعي" ": جيبوا باسيل وخذوا فرنجية"... رئاسة بري لجلسات الحوار خط أحمر ... الرئاسة بعيدة ... وصيف ساخن ومفتوح