اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تساهم إعادة تأهيل مركز ثقافي بلدي قائم في قصر تراثي بوسط مدينة طرابس اللبنانية وتدشين العمل به الأربعاء في تنشيط الحياة الثقافية و”الحفاظ على الإرث التاريخي الغني” في عاصمة الشمال، بحسب الجهات التي تقف وراء المبادرة.

فمركز رشيد كرامي الثقافي البلدي هو في الأساس ما كان يُعرف بقصر نوفل الواقع بقرميده الأحمر وفخامته في ساحة التل وسط المدينة الشمالية، حيث أقامه قنصل روسيا في طرابلس قيصر نوفل عام 1895 وسكن فيه مع عائلته.

وشكّل القصر في مطلع القرن العشرين معلما معماريا مميزا، إذ “صممه مهندسون إيطاليون وبُني بمواد مستوردة من إيطاليا، وكان قرميده المستورد من مرسيليا الأكبر في وسط طرابلس”، على ما روى عضو المجلس البلدي في المدينة ورئيس لجنة الثقافة فيه باسم بخاش.

وجمالية القصر لا تقتصر على قرميده، بل تنسحب على مجمل تفاصيله، وهي تكمن من الخارج في تلك الزخارف والنقوش على الجدران والتي تزيّن الشرفات.

وقبل أن تستملك الدولة اللبنانية عام 1968 القصر، مرّ بمراحل عدة، إذ حُوِّل بحسب بخاش مطعما وكازينو. ووهب آل نوفل حديقة القصر إلى البلدية التي حولتها لاحقا إلى منتزه عام يُعرف باسم “المنشية”، وبات يومها أول حديقة عامة في كل لبنان.

وتُعرف حديقة المنشية بمساحتها الكبيرة وبالأشجار المعمرة، إضافة إلى نافورة مياه تعمل خاصة في فصل الصيف لتلطف الأجواء الحارة، وتعتبر المتنفس الوحيد لسكان المنطقة وخاصة المتقاعدين الذين يجلسون تحت ظلال الأشجار الكبيرة.

ويقصد المنشية سواح عرب وأجانب نظرا لموقعها الإستراتيجي والمكان الوحيد الذي يجد فيه الضيف راحة طبيعية، رغم الضجيج الذي يلف المكان.

ورغم كل المتغيرات التي طرأت على الحديقة إلا أنها ما زالت تحتفظ بخصوصيتها النادرة وتجمع العابرين والباحثين عن قسط من الراحة.

وفي العام 1978 افتُتح قصر نوفل كمركز ثقافي تابع للبلدية وأُطلقت عليه تسمية قصر نوفل الثقافي.

وتكريما لذكرى رئيس الحكومة رشيد كرامي بعد اغتياله عام 1987، اتخذت البلدية قرارا بتغيير اسم القصر إلى مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي.

وافتُتح العمل في المركز مجددا صباح الأربعاء بعد سنوات كان فيها متروكا، إذ أُنجزت المرحلة الأولى لإعادة ترميمه وتأهيله بتمويل من الاتحاد الأوروبي وبمبادرة مشتركة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية.

وإلى جانب مكتبته العامة، سيفتح المركز أبوابه مجانا أمام الجهات الراغبة في إقامة أنشطة ثقافية، ما يساهم في تنشيط الحياة الثقافية في المدينة.

وشددت رئيسة برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان تاينا كريستيانسن خلال احتفال التدشين على أن ترميم القصر “يساهم في الحفاظ على مساحة ثقافية وحيوية في مدينة طرابلس (…) وفي تعزيز الحركة الثقافية والاقتصادية فيها”.

وأضافت أنه “بمثابة شهادة على أهمية حماية التراث الثقافي في المدن من أجل الحفاظ على الإرث التاريخي الغني وصونه ليبقى للأجيال المقبلة”.

وتمنى بخاش “أن تتحول هذه المساحة الثقافية متنفسا للمدينة وأوكسجينا للعلم والثقافة والتربية”، فيما يرى البعض في الموقع “مساحة مفتوحة للجميع، ومركزا للمعرفة والثقافة والتلاقي”.

واضطرت بلدية طرابلس، بحسب رئيسها أحمد قمر الدين، إلى اللجوء إلى المنظمات الدولية “جراء الكلفة المرتفعة لإعادة تأهيل القصر”.

وشمل الترميم، بحسب بخاش، إعادة تأهيل واجهات القصر والنوافذ والخشب والدرابزين والجدران المتضررة جراء تسرب المياه وبلاط الأرضية، ووُسِّعَت المكتبة العامة وزودت بما يلزم لزيادة طاقتها الاستيعابية.

وفي المراحل المقبلة من إعادة التأهيل، ستتم فهرسة الكتب مما سيسهل العودة إليها “وضمان الحفاظ على المجلدات والوثائق التاريخية”، بحسب البيان الصحفي، وكذلك إقامة نظام يحول دون سرقتها وتأمين الإنترنت لمكتبة القصر وتحويلها مركزا تعليميا ديناميكيا.

وأضاف بخاش “نسعى في المراحل التالية من المشروع إلى تركيب نظام للطاقة الشمسية لتأمين التغذية الكهربائية، مما يتيح فتح أبواب القصر أمام الطلاب عصرا ومساء، عندما ينتهي دوامهم الدراسي”.

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

«اسرائيل» تواصل التهويل: انسحاب حزب الله او الحرب الشاملة تعديلات بالشكل لا بمضمون «الورقة الفرنسية» لا بروفيه وامتحان موحد لـ«الثانوية»