اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في عمق أزمته الرئاسية، وما تحمله من تداعيات على البلد، تفاقمت أزمة النزوح بحلّتها الجديدة لتزيد الأعباء، بظل فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال، وانقسام سياسي حاد داخلي، وضغط دولي يعجز لبنان الرسمي عن مواجهته...

لا يُخفى على أحد أن تفاقُم أزمة النزوح السوري تتحمّل مسؤوليتها الدولة اللبنانية لعدم تعاطيها بمسؤولية حيالها منذ البداية من ناحية، ولحسابات بعض مسؤوليها من ناحية أخرى، عدا عن الإنقسام الحاد بين الأطراف الذي طال هذا الملف، ليُصَفّي البعض حساباته مع النظام في سوريا، كما تقول مصادر سياسية مواكبة للملف، فانعكس كالعادة ارتداداً سلبياً على لبنان، بحيث أن في فترة هذا التخبّط والصراع الداخلي، كثرت أعداد النازحين بشكل فاق قدرة البلد الغارق في أزماته أصلاً على تحملّها، فتحوّلت الى خطر كبير يَعجز لبنان عن مواجهته، لنفس الأسباب التي ذُكِرَت مع بداية الأزمة...

وفي ظل الصُراخ الذي يُحذِّر من خطورة أزمة النازحين على البلد، وعدم سماع الدولة اللبنانية له، ورفض رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذهاب الى سوريا للحديث مباشرة مع الحكومة السورية لحل هذه الأزمة، بدأت موجة جديدة من النزوح السوري، بحيث دخل في أسبوع واحد حوالى ٧٠٠٠ نازح، جميعهم من فئة الشباب تتراوح أعمارهم بين ٢٥ و٣٥ عاماً، ما يندرج ذلك تحت مسمى النزوح الإقتصادي، فهؤلاء دخلوا الى البلد للبحث عن عمل بوقت يتشارك الحصار مع بلدهم، إلا أن مِن الواضح، كما تقول المصادر نفسها ، أن ما يُشجِّع هؤلاء على المجيء الى لبنان، الدعم الغربي الذي يستمر في لبنان دون سوريا للضغط على لبنان وسوريا معاً، فالدول الغربية تدعم التوجّه السوري نحو التهجير ومنع العودة، كنوع من الضغط على الحكومتين اللبنانية والسورية.

واكدت المصادر ان المشكلة في هذه الأزمة أنها واضحة الأسباب، تُعرَف خلفياتها وحلّها، إلا أن الدولة في لبنان لا تريد حل المشكلة، فهي لا تريد التحدّث رسمياً مع سوريا، ولا تريد أن تـواجِه الضغط الغربي، ولا تستطيع الوقوف أمامه، فحسابات كل منهم باتت معروفة، ومَن رفع صوته للتنبّه لهذه المشكلة منذ البداية كالتيار الوطني الحر، نجد أن الوزراء المحسوبين عليه في الحكومة لا تنطبق مواقفهم وأفعالهم مع ما ينادي به التيار، أما حزب الله الذي وضع إمكاناته منذ البداية للمساعدة في حل هذه الأزمة، والتقى مؤخراً المدير العام للأمن العام بالإنابة الياس البيسري لنفس الهدف، وتعاون مع التيار على صعيد البلديات للمساعدة في الموضوع، لا يستطيع رغم كل محاولاته وقدراته حل المشكلة، التي لا قدرة لأحد على حلّها إلا الدولة اللبنانية، التي تعلم أن وضع البلد لم يعد يتحمّل، وليس أمامها سوى الإتفاق مع الدولة السورية لمواجهة المجتمع الدولي...

ومن أزمة النزوح السوري الى أزمة نزوح اللاجئين الفلسطينيين من مخيم عين الحلوة جراء الإشتباكات التي تدور داخله، بأحداث يُتخوَّف من تداعيتها نظراً لترابطها ولما يَعنيه هذا المخيَّم، باعتباره عاصمة الشتات الفلسطيني كأكبر المخيّمات من حيث المساحة والعدد، فمِن المعركة الأولى كانت أبرز مخاطرها حجم النزوح الكبير من المخيّم، فأصبح هناك تخوّف من ناحيتين:

- الأولى: أن تتخطى المعركة الحسابات الفلسطينية للإقليمية، ما يعني أن هناك شيئا ما يُحضَّر للمخيّمات وللبنان.

- الثانية: أعداد النازحين من المخيّم التي فاقت التوقعات وأربَكت الجميع، مما دفع الى اتخاذ قرار استحداث مخيّم للاجئين الفلسطينيين عند مدخل مدينة صيدا ما أثار مخاوف الكثيرين، فتداركت الحكومة فوراً هذه الخطوة وتم رفضها من الجميع حتى من القوى الفلسطينية، التي لا تُريد نكبة أخرى لشعبها ولا تهجيرا جديدا ولا تكريس مخيّمات أخرى، مع خشيتها من سعي دولي لشطب قضية اللاجئين وإنهاء القضية الفلسطينية.

لذا حصل تواصل لبناني - فلسطيني لإزالته وتوزيع النازحين على مخيمات موجودة في مناطق أخرى أو على مؤسسات تربوية ودينية، ريثما يتم التوصل الى وقف إطلاق نار في المخيّم، لكن اذا استمر القتال أو إذا توقّف وعاد وتجدّد في وقت لاحق، كيف ستتم معالجة هذه الأزمة الطارئة على الوضع المتأزّم في لبنان أصلاً؟ كيف ستستوعب الدولة اللبنانية هذا العدد؟ هل لديها إمكانات وبمقدورها إيوائهم؟ كلّها أسئلة مشروعة بظل عدم القدرة على استيعاب هذا الكمّ من النازحين ببلد يعيش أزمة إقتصادية وسوء إدارة لها...

إذاً، بين النزوح السوري والفلسطيني يعيش لبنان هذه الأيام كابوسين، الأول لا تستطيع الدولة إقفال الحدود ولا مواجهة المجتمع الدولي وإعادتهم، والثاني: لا تستطيع وقف القتال في مخيّم عين الحلوة، ولا استيعاب هذا العدد من الأول والثاني، الذي بات عبئاً على لبنان الرسمي العاجز عن المواجهة والحل معاً...

الأكثر قراءة

بكركي ترفض «دفن الديمقراطية وخلق السوابق» وبري يعتبر بيان «الخماسية» يُـكمل مبادرته شرف الدين يكشف لـ«الديار» عن لوائح للنازحين تنتظر موافقة الامن الوطني السوري تكثيف معاد للإغتيالات من الجنوب الى البقاع... والمقاومة مستمرة بالعمليات الردعية