اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب




في الأساس، واضح لماذا تبنى آية الله خامنئي خلافة مسعود بزشكيان لابراهيم رئيسي. البلاد وصلت الى حد بالغ الدقة من الاحتقان الاقتصادي، ما يستتبع تلقائياً الاحتقان السياسي والاحتقان الاجتماعي، ولقد آن الأوان للخروج من عنق الزجاجة.

المعادلة كانت هكذا، الكثير من الايديولوجيا والقليل من البرغماتية. الآن الكثير من البراغماتية والقليل من الايديولوجيا. في أيار 2019، رأى المرشد الأعلى أن فكرة التفاوض مع الادارة الأميركية "سمّ عزاف"، رافضاً التعاون معها في موضوع اعادة احياء الاتفاق النووي. ها هو يقول اليوم، وفي نص مكتوب "مع عدم الوثوق بالولايات المتحدة، هذا لا يعني أننا لا نستطيع التفاعل معها (مع العدو) في محطات معينة"، مع ترديد عبارة "... ولكن لا تعلّقوا الآمال عليها" كي لا يعتبر ذلك تراجعاً دراماتيكياً في الموقف.

مصادر ديبلوماسية في الدوحة أشارت الى أن اللقاء بين بزشكيان ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني كان "مثمراً جداً"، لتتحدث في وقت لاحق عن تفهم الرئيس الايراني، بل وترحيبه بوساطة تقوم بها قطر بين بلاده والولايات المتحدة، وان كانت المرحلة على أبواب الانتخابات الرئاسية الأميركية، ليست مرحلة الانعطافات ولا مرحلة التحولات السياسية.

ما بدا من المحادثات أن الايرانيين يريدون الحفاظ على خيوط أو قنوات التواصل مع الأميركيين، الذين تشير المعلومات الى أنهم، وعقب تظاهرة القوة ضد "اسرائيل"، وكانت مبرمجة، ازدادوا ثقة بصدقية الجانب الايراني، ورغبته في عدم تفجير المنطقة، حتى أن آية الله خميني صرح بأن "الحرب ضد أميركا ليست لمصلحتنا".

جون بايدن كان يأمل، بالرغم من ضغوط الكونغرس الذي يخضع في أكثريته "للوبي اليهودي"، باستئناف العملية التفاوضية حول الاتفاق النووي، الذي بات بحاجة الى بعض التعديلات لنفاد بعض المهل فيه. لكن المنحى الفوضوي الذي أخذته التطورات الدولية، وانعكاسات ذلك على بلاده، أثّر كثيراً في ديناميكية الأداء، لتنقضي الولاية وتبعاً لما أوردته "فوكس نيوز"... وقد "أخذنا بايدن الى تخوم الجحيم وتركنا هناك".

الرجل لم يكن بالقوة التي توقعها الايرانيون بعد انتخابات رئاسية كادت تنتهي بحرب أهلية. هذا ما جعل الايرانيين لا يعوّلون عليه، ليلاحظوا كما لو أن شبح دونالد ترامب يلاحقه خطوة خطوة، الى حد ابقائه في الزاوية، وان تصور أن ادارته للحرب في أوكرانيا ستؤدي الى دخوله التاريخ، كما وودرو ويلسون أو فرنكلين روزفلت أو دوايت ايزنهاور.

طهران في حال من الانتظار الصعب. ظلال كثيفة على المسرح الدولي وعلى المسرح الاقليمي. العيون على مسار الانتخابات الرئاسية الأميركية. بطبيعة الحال يفضلون كامالا هاريس على دونالد ترامب، لكنهم يحاولون البقاء بعيدأ كي لا يتركوا المجال لهذا الأخير أن "ينفث كمية اضافية من النيران من أذنيه"، كما رآه بوب وورد وروبرت كوستا في كتابهما PERIL عن طريقة ادارته للسياسة الأميركية.

يفترض أن يكون الانتظار في هذه المناخات العاصفة، ثقيلاً ومرهقاً، وبطبيعة الحال حافلاً بالشكوك. ايران تريد أن تفتح أكثر من نافذة على العالم بعد عقود من المراوحة، واستغراقها في محاولات عبثية ومكلفة، لاحداث تغييرات جيوستراتيجية في المنطقة. التوجس واضح من عودة ترامب الى البيت الأبيض، حتى أن بونيت تالوار، المستشارة الرئاسية السابقة تقول "لا ندري اذا سيكون أكثر أو أقل جنوناً".

وزير خارجية جديد لايران، كان نائباً لمحمد جواد ظريف، الذي ذهب ضحية دعوته الى الحد من تدخل الحرس الثوري بالذهنية المتوترة في صياغة المواقف الديبلوماسية للبلاد. عباس عرقجي، الديبلوماسي المحترف، يدرك مدى حدة الأزمة الاقتصادية في بلاده، وانعكاس ذلك على المسار التنموي، لا سيما النمو الصناعي والتكنولوجي.

لهذا يخطط لمبادرة نحو البلدان الأوروبية، علها تفضي الى احداث مناخ دولي يساعد على الحد من العقوبات، بتداعياتها المأسوية على الوضع العام.

الأكثر اثارة للانتباه هنا هو كلام الباحث في القضايا الدولية عرفان بجوهنده، الذي يشير الى توجه ايران الى اقامة تحالف بينها وبين تركيا والسعودية، وربما مصر أيضاً. زلزال استراتيجي لظهور "الشرق الأوسط الجديد" بيدي أبنائه لا بيدي الغرباء...ِ

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران