اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تعد المجامع اللغوية العربية بمثابة مؤسسات علمية بحثية تعنى بالمصطلح، وهو اتفاق يقوم على تسمية الشيء باسم ما ينقل عن موضوعه الأول، وإخراج اللفظ من معنى لغوي إلى آخر، لمناسبة بينهما لبيان المعنى المراد، الى جانب شؤون التعريب واللغة في جميع مجالات المعرفة الإنسانية.

وقد دأب بعض الخبراء في بداءة مجامع اللغة على محاولة الرجوع بأصولها الى المجامع العلمية في المشرق القديم، وارادوا تقصّي جذورها منذ ان وُجِدّ التاريخ البشري. كما ذهب آخرون الى الحديث عن مجالس سقراط وافلاطون المعروفة باسم "اكاديموس"، نسبة الى البطل الأسطوري اليوناني الذي كان يعتبر حامي أثينا.

بالموازاة، كانت تعكس تلك المجالس القديمة والمجامع العلمية، مظاهر العناية التي توليها الشعوب منذ القدم، لنقل العلوم والثقافات والحضارات الى لغاتها ، لتحقيق النهضة والتطور وتشجيع الابتكار والاستحداث والاستنباط في الكتابة والسرد والتأليف. ووفقا للباحث في اللغة العربية غنوم نسبين "فإن الأقرب الى الحاضر ان ننظر الى مجامع اللغة من خلال المراحل اللغوية والفكرية، التي تمر بها الشعوب خلال ازدهارها، وما يحدث من متاخمة بين لغتها ولغة الأمم الأخرى ،بكل ما يجري من نمو فكري في مجال الآداب والفنون والعلوم".

وقال لـ "الديار": "ان خروج العرب من جزيرتهم، أدى الى بروز أوضاع مستجدة امام اللغة العربية"، واشار الى "ان مجمع اللغة العربية كان تأسس في القاهرة في 14 من شعبان عام 1351 هـ الموافق 13 من أيلول كانون الأول سنة 1932 م في عهد الملك فؤاد الأول وبدأ العمل فيه سنة 1934 م . ونص مرسوم إنشائه على أن يتكون المجمع من 20 عضواً من العلماء المعروفين بتمكنهم وضلوعهم في اللغة العربية، نصفهم من المصريين، والنصف الآخر من العرب والمستشرقين. ويتولى المجمع وضع المعاجم اللغوية، وبحث قضايا اللغة ووضع المصطلحات العلمية واللغوية وتحقيق التراث العربي".

ولفت نسبين "الى ان إضافة مجمع اللغة العربية لكلمتين لبنانيتين الى القاموس، يعني اعتماد هذين المصطلحين بشكل رسمي كتابة وتعبيرا وتداولا".

وفي سياق متصل، كان أجاز مجمع اللغة العربية في القاهرة، يوم السبت 9 أيلول 2023 مجموعة جديدة من المصطلحات المقدمة من أعضاء المجمع، بغية اجلاء الدلالات لهذه الالفاظ والضرورة، لاستخدامها في اللغة العربية المعاصرة منها "ترند، و"ترويقة" و "ترويسة" و"ترهل".

ونشر مجمع اللغة العربية على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أبرز الإجازات للكلمات، وما يتصل بها من أوجه الاعتراض، وكذلك أوجه الإجازة.

"الترويقة"

وافقت لجنة الألفاظ والأساليب بالمجمع على إضافة كلمة "الترويقة"، وهي تعني ما يُؤكل ويُشرب في الصباح على الريق، وكلمة "الترويقة" يطلقها حسبما قال المجمع أهل الشام على وجبة الإفطار، موضحة أنه تمت إجازتها لأنها من الفعل "روَّق"، حيث يقال: "روَّق الشرابَ أي صفَّاه، والرَّوْق من كل شيء مقدَّمه وأوله".

واوضح مجمع اللغة أن كلمة "ترويقة" على وزن "تفعيلة" وتتميز بكثرة الاستعمال، وبالصحة اللغوية، والاختصاص بدلالة اجتماعية اكتسبتها من ممارسات الناس في حياتهم الاجتماعية وتفاعلاتهم اللغوية اليومية.

"التِرِنْد"

في سياق متصل، ايد المجمع برئاسة الأمين العام الدكتور عبد الحميد مدكور كلمة "التِّرِنْد" المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعني موضوعاً ساخناً جديداً يُثار على منصات مواقع التواصل، فيذاع بسرعة قياسية في فترة زمنية قصيرة، ويهتمُّ به الجمهورُ، ويتداولونه بالحديث فيه والتعليق عليه، ويتبادلون الأخبار عنه بكثرة. إذ قال المعجم إن "الترند" كلمة معربة من الأصل الإنجليزي لها ،وتعني "نزعة أو ميل أو موضة". فبعد مناقشات مطولة ما بين القبول والرفض، تغلب الرأي الذي وافق على قبولها، وكان من أسباب اعتمادها انه لا توجد كلمة واحدة تعبر عن مضمون هذه الظاهرة المركبة التي ساقتها وسائل التواصل الاجتماعي، ثم ان انتشار هذه الكلمة وسرعة تداولها قد اعطتا هذه الكلمة قوة".

"ترويسة"

كما صادق المجمع على كلمة "ترويسة"، وتعني كلمة رئيسة أو عنوان رئيسي يُذكر في رأس الصفحة لإبراز مضمون ذي أهمية خاصة، وهي مألوفة في الكتب والمعاجم والصحف والمجلات.

واشار المجمع الى أن ترويسة العنوان تتضمن اسم المؤسسة ومكانها وما يتصل بها من معلومات خاصة، مثل رقم الهاتف والفاكس ونحوها كترويسة، لافتا إلى أن أصل الواو في الترويسة هو الهمزة، فهي في الأصل "ترويسة" من الفعل "رأّس"، ويقال رأَّسه عليهم جعله رئيساً.

كما اعلن المجمع أن الكلمة تتميز بأنها على وزن تفعيلة بكثرة الاستعمال، وبالصحة اللغوية، والاختصاص بدلالة اجتماعية اكتسبتها من ممارسات الناس في حياتهم الاجتماعية، وتفاعلاتهم اللغوية اليومية.

"ترهل"

إلى جانب كل ما تقدم، أدرج المجمع في المعجم أيضا كلمة "ترهل" أو "تراخٍ"، وهي تعني كسلا او ضعفاً في أداء الواجب، دون أن يكون ذلك ناشئاً عن قلة الموارد أو الإمكانات البشرية وغيرها، بل كثيراً ما يكون مصحوباً بالزيادة فيها.

كذلك أجاز المعجم الكلمة لأنها في أصلها تدل على الاسترخاء والضعف والاضطراب، وربما كان ذلك مصحوباً بانتفاخ يشبه الورم، وليس عن داء، وإنما هو استرخاء ونزوع إلى الضعف.

"الترميز"

كما سوّغ المجمع كلمة "الترميز" وهي كلمة تستخدم في مجال الحاسوب والبرمجيات، وتعني: إدخال رموز معينة للدلالة على أشياء محددة، بحيث يكون لكل دلالة رمز معين.

وأوضح المجمع أن الترميز مصدر مأخوذ من الرَّمْز؛ أي الإشارة والكلام الخفي، ثم استُعير الرمز في الكلام المحدث لمعني الإشارة الدالة على معنى أو شيء بعينه، ومن هذا المعنى أُخِذَ الترميز، أي عملية تحويل النصوص أو البيانات إلى رموز، وهي ترجمة للكلمة الإنجليزية "coding".

الأكثر قراءة

توقيف سلامة يطرح علامات الاستفهام وخاصة التوقيت