اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

هذا ما يبتغيه الأميركيون ليس فقط للتفرد بقيادة العالم، وانما بقيادة الزمن: احداث زلزال اقتصادي في الصين لتدمير كل ما بنته على مدى نصف قرن، وقد قارب المعجزة. ولكن ألم يقل بول كروغمان (نوبل في الاقتصاد) "مثلما لم يعد باستطاعة البشرية الاستغناء عن التكنولوجيا الأميركية التي نقلتها من حال الى حال، لن يكون باستطاعتها الاستغناء عن المنتجات الصينية التي باتت جزءاً من تقنيات الحياة.. ".

كروغمان يعتقد أن "الحرب التي نشنها على الصين الآن كي نبقى وحدنا في مقصورة القيادة قد تكون لها نتائجها المروعة. أن يهبّ التنين ثانية، ويخوض حرب البقاء ضدنا، والى حد اقفال الباسيفيك في وجهنا. هل نحن مستعدون لتحويل الكرة الأرضية الى مقبرة؟".

دائماً ثقافة الكاوبوي، وهو على صهوة حصانه. الآخرون اما سكارى، أو موتى. ول ديورانت، صاحب "قصة الحضارات"، قال "هكذا تنتهي الأمبراطوريات، حين تصاب بذلك النوع الغريب من الجنون. من هو كاليغولا الأميركي؟

حتى اللحظة تراجع الاستثمارات في الصين الى النصف، ولا بد من أن تتراجع أكثر فأكثر. هذا يتزامن مع منع الشركات الأميركية من العمل في الصين، ووضع العوائق أمام استيراد السلع الصينية. ولكن حتى لو كانت مجموعة الـ"بريكس" في خطواتها الأولى، وهي خطوات لم تتبلور بمنهجية واضحة، وفعالة، يبدو أن دولاً كثيرة ضاقت ذرعاً بالسياسات "الرومانية".

حتى أن أوروبا، بمشكلاتها الفرويدية حيال الضفة الأخرى من الأطلسي، اذ تخشى من الانتقام الأميركي، تترك لمفكريها العنان للكتابة عن الهيمنة الأميركية. ريجيس دوبريه كتب "أيها الأميركيون، الكرة الأرضية ليست كومة الحطب لترقصوا حولها".

أباطرة وول ستريت لا يكترثون بما يقال. حيثما تكون ادارة المال تكون ادارة التاريخ. جوزف ستيغليتز (نوبل في الاقتصاد) تحدث عن ايديولوجيا المال وقد حلت محل كل الايديولوجيات، كذلك محل الأديان المنزلة. بدل التوجه بالصلاة الى السماء التوجه بها الى... البيت الأبيض!

انتشار عسكري واقتصادي حتى في هياكلنا العظمية. آلفن توفلر، الباحث المستقبلي قارن بين الأقمار الصناعية الأميركية والملائكة المكلفة ادارة الحياة.

المخططون الاستراتيجيون الأميركيون يعتقدون أن الثغرة البنيوية في المسار الصيني هي في بناء اقتصاد، بايقاع هيستيري، دون أن يقترن ذلك بديناميكية سياسية، وبديناميكية عسكرية. رؤية عرجاء، ودون قواعد نظرية شفافة (لاحظوا الفارق الهائل في عدد الأميركيين الحائزين جائزة نوبل في الاقتصاد وعدد الآخرين)، كان لا بد للتنين من أن يرتطم بالصخرة...

ألم يكتب ميلتون فريدمان، صاحب نظرية "النقدوية" التي أخذ بها رونالد ريغان ومارغريت تاتشر، قبل ربع قرن من الآن "يا لغباء ذلك التنين" !!. من الأغبياء عند هذا المفترق... الأميركيون الذين يحاولون دفع العقارب الصينية الى الوراء أم الصينيون الذين ظنوا أنهم بالدخول من الأبواب الخلفية الى أسواق العالم يفاجئون الأميركيين بالحلول محلهم..

لو كان آدم سميث حياً لاحتار من هي الرهينة في قبضة الأخرى، أميركا أم الصين ؟ جانيت يلين، وزيرة الخزانة، حين زارت بكين، تحدثت من هناك عن ضرورة وحتمية التكامل العضوي بين البلدين اللذين يتقاطعان في القوة الاقتصادية. ما الذي حدث لكي تشن ادارة جو بايدن تلك الغارات الاقتصادية على الصين التي هل ترد بالضغط العسكري على تايوان، بالتالي تهديد البلدان الحليفة لواشنطن في المنطقة؟

"النيويورك تايمز" ترى أن من مصلحة الصين أن تبقى تايوان هكذا. ليس فقط بسبب ما تظهره من ابداع في المجال التكنولوجي (الرقائق الالكترونية كمثال)، وانما لكونها ممراً لفك الألغاز التقنية الأميركية.

الصين لا تستطيع أن تفعل شيئاً سوى محاولة تنفيذ الخطط التي تضعها، تباعاً، لاستيعاب تلك الاجراءات المفاجئة، أو أن تلتحق بأميركا، وهو المستحيل ان على المستوى الايديولوجي أو على المستوى الاستراتيجي.

ما حال التنين الآن ؟ الهندي الحائز نوبل في الاقتصاد آمارتيا سن قال "عملاقان في حالة البارانويا". أي عالم في هذه الحال؟!

الأكثر قراءة

توقيف سلامة يطرح علامات الاستفهام وخاصة التوقيت