اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"رجل قتل زوجته ثم انتحر بسبب خلافات عائلية.. شاب أطلق النار على نفسه بسبب الوضع الإقتصادي.. وآخر انتحر بعد انفصال خطيبته عنه"، وغيرها من العناوين التي تصدّرت الصحف ووسائل الإعلام اللبنانية، فلا يكاد يمرّ اسبوع حتى نسمع عن حالة انتحار أو محاولة باءت بالفشل لحسن الحظ.

وعن الأسباب التي تدفع ببعض الأشخاص إلى الإنتحار، تحدّثت رئيسة قسم الطب النفسي في مستشفى Bellevue، الدكتورة ريما بجاني لـ "الديار"، مشيرة إلى أمرين رئيسيين: "الأول وهو انّ الإنسان ليقدم على هذا الفعل، يكون لديه هلوسات وأفكار غير متصلة بالواقع، كسماع أصوات وغيرها، فيصبح الموت هدفا له. أمّا الأمر الآخر فهو انّ الإنتحار مرتبط دائما بنمط التفكير والشخصية، كالإنسان فاقد الأمل الذي يرى ان جميع الأبواب مقفلة أمامه ولا حلول لمشاكله"، لافتة الى تأثير الإكتئاب والمخدرات على ميل الأفراد نحو الإنتحار.

وأضافت ان "بعض الأشخاص يلجأون إلى الإنتحار للفت الإنتباه، أي ليرى الآخرون كم هم متعبون وبحاجة الى مساعدة، ولطلب استغاثة حتى ولو بهذه الطريقة. هذه الأنماط توصل الى الإنتحار بحسب خلل في الذهن أو نمط تفكير متجذّر، وهنا لا بد من الإشارة الى انّ بعض الأشخاص السلبيون بتفكيرهم والذين يعانون من اكتئاب واضطراب نفسي لا يفكرون بالإنتحار لان العامل الأساسي المتعلق بهذا الأمر هو مدى فقدانهم للأمل".


ما هي الفئة العمرية الأكثر عرضة للإنتحار؟

وفي ما يتعلّق بالفئات العمرية الأكثر عرضة للإنتحار، قالت بجاني: "تظهر الدراسات ان أعلى نسبة إنتحار هي عند المراهقين، بسبب عدم نضوجهم العاطفي والإنفعالي وعدم نمو شخصياتهم، لذلك يعتبرون أقل مشكلة تواجههم وكأنّها نهاية العالم. وهنا يكون هدفنا توجيههم على تنمية قدراتهم على تخطي المشاكل وإيجاد الحلول لها وإدارة انفعالاتهم".

كما أشارت الى انّ" نسبة الكآبة تزيد عند الكبار في العمر، لعدة اسباب، فقد يشعر البعض بالعجز وانه أصبح بلا فائدة، أو بلا وجود. من هنا نشدّد على ضرورة ان يظلّ الأشخاص الذين يُحالون الى التقاعد منتجين فكريا وجسديا، كالإنضمام الى جمعيات أو ممارسة هواياتهم وأحلامهم حتى لا يشعروا انّ حياتهم توقفت وانّهم غير فاعلين، ويصلوا الى الكآبة التي قد تؤدّي الى الإنتحار".

كما لفتت بجاني الى "وجود مشكلة كبرى في لبنان وهي التأقلم"، مؤكدة: "نحن لا يجب ان نتأقلم بل نحن بحاجة الى إيجاد حلول، لذلك يمرّ البعض بكآبة مزمنة كونهم دائما يعيشون بنفس المشكلة والدوامة".


هل يوجد إشارات تدلّ انّ الشخص لديه ميول للإنتحار، وكيف نساعده؟

تطرقت بجاني إلى الإشارات التي تظهر قبل الإنتحار، قائلة بانّها "لا تكون دائما واضحة، وتظهر مع بروز علامات الإكتئاب أكثر فأكثر، مثل الإنزواء والعوارض النفسية والتغيير في السلوك والإهتمامات، فمن يعاني من الإكتئاب لفترة طويلة يبتعد عن الحياة الإجتماعية وعن أصدقائه ويلجأ الى العزلة، ولا يستلذّ بأي شيء يفعله سواء إجتماعيا وعائليا وعاطفيا".

وشدّدت بجاني على أهمية دعم الشخص الذين يُظهر هذه الإشارات وتقديم المساعدة والتوجيه له. وأضافت: "طبعا يجب أن نستمع إليه أولا، لسنا جميعا معالجين نفسيين ولكن الأهم ان نستمع الى مشاكله ولا نسخّف أبدا ما يمرّ به، فمثلا لا يجب ان نقول له: (مشكلتك بسيطة ما بدها هالقد، شدّ حالك)، فهذه العبارات ليست فقط بلا فائدة، بل تؤذيه لانه سيشعر انّنا لا نفهمه ولا نشعر معه، ممّا يدفعه الى الإنتحار".

وأضافت: "من هنا ضرورة الإستماع اليه وتوجيهه وإقناعه باللجوء الى معالج نفسي، يساعده على مناقشة الأسباب الرئيسية التي دفعته للتفكير بالإنتحار، وإقناعه بأنّ كل مشكلة لها حلّ، وهذه هي النقطة الأساسية. وفي بعض الأحيان يحتاج الى علاج دوائي في حال كانت حالته متقدمة وخطرة، خاصة وان كان قد حاول الإنتحار سابقا، ففي هذه الحالة هو حتما بحاجة الى دواء توازيا مع العلاج النفسي والعمل على تغيير نمط تفكيره".

وختمت بجاني: "التوعية مهمة جدا ولكن يجب ان تكون موجهة ومناسبة للفرد."


رقم مخيف

إرتفعت نسبة الإنتحار في لبنان خلال السنوات الأخيرة مع تفاقم الوضع الإقتصادي الذي ضاعف الضغوط النفسية والإجتماعية لدى المواطن. وكانت "الدولية للمعلومات" قد أعلنت أن حالات الإنتحار في البلاد إرتفعت خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 66 ضحية، مقارنة بـ 40 حالة في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 65%. ولفتت الى انه في حال استمرّ الوضع على هذه الوتيرة، قد يرتفع العدد في نهاية العام إلى أكثر من 170 ضحية، وهو الرقم الأعلى المسجل بين الأرقام في الأعوام الممتدة من 2012 إلى 2022.

وأكدت أن حالات الإنتحار الفعلية قد تكون أعلى من الأرقام الموثقة، فحالات الإنتحار المذكورة هي تلك التي سجّلتها قوى الأمن الداخلي، وقد تكون هناك حالات لم تسجل على أنها حالات انتحار.

يشار الى انّ أيلول هو شهر التوعية للوقاية من الإنتحار.

الكلمات الدالة