اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"رئيس للبنان الذي بمنازل كثيرة، بهويات كثيرة. أن يكون أميركياً، وسعودياً، ومصرياً، وقطرياً، وفرنسياً (بحسب معايير اللجنة الخماسية )، وأن يكون ايرانياً. أين المنطقة اللبنانية في شخصية الرئيس ؟".

جلسة على ضفاف البردوني مع مراسل أوروبي صديق. سأل "هل يدري المرشحون لرئاسة الجمهورية أن الطريق الى قصر بعبدا طريق الجلجلة لا الطريق الى الجنة ؟". وهل يدري هؤلاء أن ادارة دولة تنتج الغاز، وسط هذه التشابكات الدولية، غير ادارة دولة تنتج الهواء ؟".

في رأيه أنه بات من المستحيل انقاذ لبنان، وكما يراهن ساستكم، بثقافة المافيات، وبثقافة الطوائف، وفي معلومات صندوق النقد الدولي ـ الذي اعتاد على التعامل مع هذا النوع من الثقافات ـ أن الغاز الذي يشكل الآن المحور الرئيسي في الصراع الدولي، هو الآن المحور الرئيسي في الصراع حول شخصية رئيس الجمهورية.

لبنان سيكون أمام خيارات بالغة التعقيد، مع اعتبار أن الاسرائيليين يضغطون على واشنطن ليكون في يدهم ملف الغاز في شرق المتوسط، لا سيما في ما يتعلق بمد الأنابيب أو بوسائل التسويق. والحال هذه، أين سيكون لبنان، وأين سيكون رئيس لبنان، ليشير الى أن الروس على بيّنة من كل التفاصيل. اذ استطاعوا تحقيق حلم بطرس الأكبر بالوصول الى المياه الدافئة، يدركون أن الماء غير الغاز. لهذا لم يتجرأوا على الاقتراب من الغاز في المنطقة الاقتصادية السورية الخالصة، ما يثير، وكما ألمحت صحيفة "زمان" التركية، شراهة رجب طيب اردوغان. لا غاز دون هزة الرأس الأميركية والاسرائيلية.

المراسل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط ليس مقتنعاً بأن انتخاب رئيس الجمهورية وحده يشكل مدخلاً الى تفكيك أي أزمة بوجود منظومة سياسية على ذلك المستوى من التشقق، وحتى من الانكسار، دون اغفال التأجيج الطائفي الذي يصل به البعض الى حدود الحرب الأهلية.

المشكلة الكبرى ستكون في تشكيل الحكومة، وكيف سيكون بالامكان لملمة تلك القطع المبعثرة، حتى أن حقيبة الطاقة التي كانت البوابة الخلفية لمغارة علي بابا، قد تؤدي الى تفجير أي محاولة للاتيان بأي حكومة، مع رفض قاطع لحكومة التكنوقراط، ولو كان الوزراء، كالعادة، مجرد دمى في قبضة لوردات الطوائف...

جهات لبنانية كثيرة تعتبر أن مسلسل الأزمات طويل وشائك. لكن السلطة من الدهاء (حتى الدهاء يمكن أن يكون غبياً) بحيث تحاول اشغال اللبنانيين بمسائل تافهة، وغالباً ما تأخذ منحى غرائزياً. يحدث ذلك في الوقت الضائع، ان لم نقل في... الزمن الضائع!

على اللبنانيين، وحيال هذا المسلسل، أن ينسوا، والى اشعار آخر، أنهم في نزهة قد تمتد لسنوات وسنوات، على أرصفة الجحيم...

المراسل الأوروبي، بجولاته في أرجاء المنطقة، اعتبر أن اتفاق بكين بين السعودية وايران لا بد أن تكون له تداعيات بالحد من دينامية الأزمات، والصراعات، ودون أن يدري أحد الى أي مدى يمكن التفاهم على الآليات التي تساعد في تشكيل رؤية جيوسياسية مشتركة بين البلدين، وحتى في بلورة القواعد الفلسفية لهذه الرؤية.

هذا مع اعتبار أن الشرق الأوسط، كمصدر هائل للطاقة، سيبقى، لمدة، الفناء الخلفي لأي صراع، سواء كان في الشرق الأوروبي أم في الشرق الآسيوي، وان كنا أمام لحظة شكسبيرية حين تحاول الولايات المتحدة، ديبلوماسيا أو اقتصادياً، ترويض، أو استيعاب، أو مراقصة، التنين بالقفازات الحريرية...

في نظره أن الأميركيين الذين يتوجسون من أي تغيير "نوعي" في المسار التاريخي للمنطقة (وحيث للتاريخ أن يمشي الى الوراء)، لن يتركوا السعوديين يبنون دولة قادرة، كما لن يسمحوا للايرانيين بذلك. التركيز على أن تبقى بلدان المنطقة، باستثناء اسرائيل، ما دون الزمن الصناعي، وما دون الزمن التكنولوجي.

ماذا عن لبنان ؟ بالامكانات المحدودة، وبالتصدعات البنيوية، لا يستطيع حتى أن يكون لاعباً ثانوياً، وحتى لاعباً في الجزء اللامرئي من المسرح. لكن قادته جعلوا منه مسرحاً مجانياً لأولئك المصابين باللوثة الأمبراطورية أو باللوثة القبلية.

المراسل أنهى حديثه "بلدكم لا يستطيع أن يكون اسبارطة او أثينا، هونغ كونغ أو هانوي. موزاييك سريالي من كل ذلك. أزمات على مد النظر... ".

الأكثر قراءة

زلزال قضائي: توقيف رياض سلامة... ماذا في المعلومات ولماذا الآن؟ الضغط الدولي غير كافٍ في احتواء إجرام نتنياهو تعزيزات الى الضفة الغربية... وخشية من تكرار سيناريو غزة