اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

منذ حوالى سنة ضج لبنان بقضية تزوير الشهادات الجامعية للطلبة العراقيين، وبدأت بعض الجامعات المتهمة بحملة تطهير متأخرة، فشهدت الجامعة الإسلامية على سبيل المثال انتفاضة في ادارتها وبحسب معلومات خاصة لـ"الديار" تدخل المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وأجرى تحقيقاتٍ في الجامعة أفضت الى تغييرات في هيكليتها، وتقدمت رئيسة الجامعة دينا المولى باستقالتها ليتم تعيين وزير الزراعة الأسبق حسن اللقيس رئيساً.

هذه القضايا وغيرها تعود بذاكرتنا الى قضيةٌ مشابهة أثيرت عام 2019 بطلها المدير العام السابق للتعليم العالي أحمد الجمال، الذي وبعد إعطاء وزير التربية آنذاك أكرم شهيب اذناً في ملاحقته، أوقف بجرم تلقي رشوة وتزوير شهادات جامعية، غير أنه أطلق سراحه بكفالةٍ مالية بلغت مليون ونصف مليون ليرة لبنانية ليعود محمولاً على الأكف، ومنذ ذلك الحين لم يشأ أي رئيس حكومة اقالته بل كان يجري وضعه في تصرف رئيس الحكومة، أي أنه يستمر مديراً يتقاضى راتبه ولا احد يجرؤ على مقاضاته لاعتبارات طائفية.

لبنان يضج بقضايا ومخالفات تربوية كثيرة، آخرها قضية جامعة الـ "AUCE" فهي قضية وطنية بحجم وطن، فشعار الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم في بيروت هو أنها تجمع العلم والقوة لتساعد الطلاب لمواجهة المستقبل!

هذا الشعار تلاشى مع شكاوى مئات من الطلاب العراقيين البالغ عددهم حوالى 350 طالباً، الذين أنهوا دراسة الماجستير في هذه الجامعة ولم يحصلوا على الشهادة حتى الآن. فمحمود شاب عراقي خريج ماجستير من الجامعة المذكورة، اعتبر "أن الجامعة ظلمتهم، فقد تركوا أعمالهم ووظائفهم وغابوا عدة أشهر عن عوائلهم ليأتوا الى لبنان ويتابعوا دراسة الماجستير ويعودوا الى وطنهم حاملين جدارياتهم ولكن للأسف الجامعة لم تعطهم أي شهادة والحجة أن النظام معطل"، مضيفاً: "لقد تحملنا تكاليف كبيرة لتحقيق حلمنا حتى أن بعض الطلاب استحصلوا على قروض ليتمكنوا من دفع الرسوم الجامعية، ولكننا لا نعرف ما الذي حصل فجأة في الجامعة وتغير كل شيء".

هذا الانسداد في المشهد العلمي، والارباك على المسرحين التلعيمي والتربوي، اصابا الطالب العراقي بضياع حاد، كل ذلك سببه غموض جامعة الـ "AUCE" والتباس دور وزارة التربية وفعاليتها، بعد خروج صرخة الطلاب الموجوعين الى العلن، حيث قالت مصادر في وزارة التربية لـ"الديار" إن "السبب الرئيسي في هذه المعضلة هو اقالة نائب رئيس الجامعة المخول الوحيد للتوقيع على الشهادات، والموضوع الآن عالق في وزارة التربية ليصار الى تعيين شخص يحق له التوقيع ولهذا السبب لم تصدر الشهادات حتى الآن"، وأكد المصدر أن "المشكلة لم تقتصر على الطلاب العراقيين انما طالت الطلاب اللبنانيين أيضاً".

وبعد محاولتنا أخذ تصريح من الدكتور مازن الخطيب المكلف من قبل وزير التربية عباس الحلبي في إدارة التعليم العالي، للاستيضاح منه عن سبب عدم تعيين مدير جديد للجامعة وإصدار شهادات للطلاب، جاء الرد أن الخطيب "مش عالسمع"، وتم تحويلنا الى أمين سر المعادلات الجامعية في وزارة التربية الدكتور عبد المولى شهاب الدين الذي ذكر أنه لا يملك معلومات كافية عن هذه القضية.

مصادر مواكبة للقضية أشارت الى أن "قضية جامعة الـ "AUCE" بدأت بعدما تغيرت بها أسهم المالكين، وأصبحت الحصة الأكبر من الأسهم الى السيدة ريما قلعاوي أرملة مؤسس الجامعة الدكتور أمجد النابلسي، بعدما اشترتها من شركائها عن طريق الوكالات التي لا تخلو من حصر الأرث، التقسيم، الكثير من التعقيدات وروتين دولي وقانوني قاتل، كما أن مجلس التعليم العالي لم يوافق على الشراء بالوكالات وطلب من الآنسة ريما تسجيل الحصص بسجل الشركات المدنية ليستطيعوا أن يسجلوا لها مجلس الأمناء".

ولكن السيدة قلعاوي قررت أن ترسل لوزارة التربية أسماء تعيينات جديدة (رئيس ونواب الرئيس) بدل أن تسجل حصصها بالطريقة السليمة، فرفضت الوزارة طلبها لأن الجهة التي قررت تحديد تعيينات جديدة لا تمتلك أهلية التعيين.

وبعد كل هذه المشاكل تغيب الدكتور هاني حيدورة وهو نائب رئيس الجامعة والمفوض بالتوقيع لدى وزارة التريية سابقاً، عن الحضور الى الجامعة واستلام مسؤولياته التي تخوله الامضاء على الشهادات، وبحسب معلومات خاصة لـ"الديار" أن "السبب وراء تخلي الدكتور حيدورة عن مسؤولياته هو التعيينات الجديدة التي طالت المركز الذي كان يشغله وفي حال تمت الموافقة عليها فهو يعد مجرداً من مسؤولياته، والسبب الآخر هو انتفاضه على الجو العام في الجامعة ورفضه متابعة العمل مع الفريق الجديد لعدم سلامة ونظافة العمل". وتساءل المصدر: "كيف للدكتور حيدورة أن يعطي توقيعه النافذ والشرعي لمجلس جامعي غير قانوني، واعطاءهم شرعية مخالفة لقرار وزارة التربية التي تعتبر أن الإدارة غير شرعية ورفضت أصل التعيينات الجديدة؟"

وناشد طلاب الجامعة الامريكية للثقافة والتعليم AUCE، أمس الجمعة وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي الدكتور نعيم العبودي بشأن عدم إصدار وثائق للطلبة العراقيين.

ونصت المناشدة على:

"معالي وزير التعليم العالي  والبحث العلمي المحترم…

تحية طيبة…

نحن طلبة الدراسات العليا ( مرحلة الماجستير) في الجامعة الامريكية للثقافة والتعليم AUCE في بيروت / لبنان احدى الجامعات المعترف بها من قبل وزارة التعليم العالي اثناء مباشرتنا بالدراسة نناشد وزارة التعليم العالي العراقية والجهات الحكومية والقنوات الاخبارية والاعلامية التدخل العاجل في طلبنا المتضمن بعد ان انهينا الدراسة والمناقشة كان لا بد على الجامعة اعلاه ان تزودنا بوثائق وجداريات التخرج لغرض المعادلة الا ان الجامعة امتنعت عن ذلك وكانت تقدم الوعود للطلبة باكمال وثائقهم لكن مرت اكثر من 5 اشهر دون جدوى ونحن على هذا الحال علما اننا اكملنا كل ما يتعلق بالدراسة في لبنان من اقامة وكذلك تم تسديد كافة المستحقات المترتبة بذمتنا للجامعة ولما تقدم اعلاه يرجى توجيه الملحقية الثقافية في بيروت للتدخل لدى وزارة التربية والتعليم اللبنانية وادارة الجامعة الامريكية للثقافة والتعليم بالتدخل لاصدار وتوقيع الوثائق والجداريات الخاصة بالطلبة… مع فائق الاحترام وجزيل الشكر

طلبة الجامعة الامريكية للثقافة والتعليم AUCE".

وفي 5 تموز 2022 أعلنت الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم "انضمامها إلى عضوية المنظمة العربية لضمان الجودة في التعليم AROQA المنضوية تحت مظلة الجامعة العربية بهدف الحصول على الاعتمادية المؤسسية الكاملة من المنظمة".

وأشارت في بيان إلى أن "AROQA تعمل على رفع مستوى التعليم في المؤسسات التربوية ومواكبة مستجدات العصر، بهدف نشر ثقافة الجودة في المؤسسات التعليمية، لتقديم فرص متساوية وعادلة للتعليم الجيد وإعداد المؤسسات للمنافسة المحلية والإقليمية والدولية من خلال تطوير معايير ومؤشرات الجودة والاعتماد وتمكينها من التقييم الذاتي وبناء خطط التحسين المستمر".

فأين ثقافة الجودة التي ادعت الجامعة أنها تسعى لنشرها في المؤسسات التعليمية؟ وأين دأبت الجامعة على توفير فرص التعليم في الخارج والعمل في الشركات الدولية المرموقة لخريجيها؟ وأين السمعة الأكاديمية الطيبة والتزامها بالمعايير الدولية للتعليم العالي؟ كل هذه الأسئلة وأكثر لا أحد يملك الجواب عنها الا السيدة ريما قلعاوي التي حاولنا التواصل معها واعطائها حق الرد ولكنها لم تتجاوب.

في السياق، لا يمكننا أن ننسى قرار وزارة التعليم العراقية منذ حوالى سنة بتعليق قبول الشهادات الصادرة عن 3 جامعات لبنانية بسبب التزوير واستدعاء الملحق الثقافي في سفارتها في بيروت الى بغداد، فهل يتكرر هذا المشهد اليوم بعد امتناع الجامعة الأميركية للثقافة والتعليم من تسليم طلابها العراقيين شهاداتهم؟

الأكثر قراءة

ملف الرئاسة: اللجنة الخماسية تحشر نفسها بالوقت فهل تنعى مهمتها في آخر أيار؟ قطر تجدد مساعيها من دون أسماء وجنبلاط الى الدوحة اليوم بدعوة رسمية جبهة الجنوب مرشحة للتصعيد... ومفاجآت حزب الله تنتظر العدو