اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

حين يتوقع ايريك برس، مخرج الفيلم الخيالي "أثر الفراشة"، أن تحط، قبل غروب القرن، محطة فضائية في العالم الآخر. ما الغرابة أن يحكم أميركا وحتى العالم رئيس من الزنزانة أو من ... القبر؟

لو نشرت صورة جنائية لأي شخص عادي لدعا الملايين الى الاقتصاص منه، ولو بالكرسي الكهربائي . أما دونالد ترامب، كحالة ما فوق البشرية، فيرشق بالورود . أثناء الحملة الانتخابية، الأوراق الخضراء أكثر فتنة بكثير من الورود في الطريق الى صناديق الاقتراع.

هكذا ارتفعت شعبية الرئيس السابق . الصورة على فناجين القهوة وعلى القمصان . ما جعله يتقدم على أقرب منافسيه في الحزب الجمهوري رون دي سانتيس بـ 50 نقطة، ولا تفصله عن الرئيس بايدن سوى نقطة واحدة، حتى اذا ما وضع خلف القضبان فقد ترتفع شعبيته على نحو كاسح، ليس لكونه الرجل العبقري، وهو الذي عكست تغريداته مدى نرجسيته، ومدى زبائنيته . لكنها أميركا التي يتوقع الكثيرون أن يحكمها روبوت في وقت لاحق.

السناتور الجمهوري بيرني ساندرز علّق قائلاً "مثلما غرقنا في كل وحول العالم، نهلل لرجل طلى جدران البيت الأبيض بالوحول" . لا شيء يدعو الى الاستغراب حين نكون في بلد ترقص فيه الليدي غاغا داخل مقبرة، باعتبار أن الموتى بحاجة الى رؤية ساقي امرأة ...

رجل مثير للجدل . في كتابه "PERIL" ـ مع روبرت كوستا ـ قال الصحافي الأميركي البارز بوب ودورد (الذي كشف فضيحة ووترغيت وأرغم ريتشارد نيكسون على الاستقالة )"اذا كانت لكائن بشري القدرة على اخراج النار من أذنيه، هذا هو دونالد ترامب"!

الكاتبة في "الفايننشال تايمز" جيميما كيلي وصفته بـ "البلطجي". اذ كيف له أن يتخلص من 4 لوائح و91 تهمة جنائية، حتى اذا ما أدين فقد يمضي بقية عمره (الآن 77 عاماً ) يأكل الحساء في أحد سجون جورجيا القذرة. تضيف كيلي "هكذا يفترض أن يعاقب، والا يكون هناك من يحكم أميركا لا كأمبراطورية، وانما كمزرعة للثيران".

واضح، وثابت، دوره في قيام أتباعه، في 6 كانون الثاني 2020، بغزو الكونغرس، وهم يحملون الفؤوس . البعض ارتدى ملابس الشيطان، ولولا أن لاذ الشيوخ والنواب بالفرار لرأينا عشرات الرؤوس معلقة على حجارة الهيكل . وودرو ويلسون وصف الكابيتول بـ "الهيكل المقدس"، قبل أن يتحول الى "هيكل للآلهة" في رأي الكاتب المارتينيكي فرانز فانون ...

العادة درجت ألاّ يغير الأميركيون رؤساءهم أثناء الحروب. هكذا امتد عهد فرانكلين روزفلت من عام 1933 حتى وفاته عام 1945 . ولكن شتّان بين روزفلت وبايدن الذي فقد الكثير من وهجه بعدما شغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ. الكثيرون يتحدثون عن ضياعه بين الصراع في الشرق الأوروبي مع روسيا، والصراع في الشرق الآسيوي مع الصين، دون أن يعرف ما اذا كان هو أم فلاديمير بوتين الذي غرق في المستنقع الأوكراني، وان بدا أن الرئيس الروسي اضطر للجوء الى الخيار العسكري، بعدما قررت واشنطن نصب صواريخ الأطلسي على أسوار الكرملين ...

لكننا في الشرق الأوسط واجهنا 4 سنوات من المرارات في عهد دونالد ترامب (لبنان بدأ بالانهيار المالي والاقتصادي لدى رفضه الالتحاق بصفقة القرن). ولطالما تحدثنا كيف كانت ابنته ايفانكا، زوجة مستشاره اليهودي جاريد كوشنر، تتجول بالكعب العالي في رأس أبيها، حتى أن الفرنسي أوليفييه روا كتب ان ترامب كان "يستعمل" ايفانكا لعقد صفقات خيالية مع بعض الدول العربية . أما زلنا في حال اجترار لثقافة شهرزاد؟!

ترامب لم يكن يكنّ أي ود لليهود الذين كثيراً ما حطموا أنفه في صراع الأسواق. لكن ايفانكا أقنعته بأن الطريق اليهودي يؤمن له البقاء حتى رحيله رئيساً لأميركا. هو من كان يرى في نفسه فوق الدستور، وحتى فوق التاريخ، وان كان يبدو في سياساته أقرب الى المهرج.

ألم يقل الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون ان دونالد ترامب قدم لاسرائيل ما لم يقدمه الملك داود، والى حد وصفه بـ"ترومان القرن الحادي والعشرين؟"

رئيس يحكم الكرة الأرضية، وليس فقط بلاده، من كوة في الزنزانة. أميركا المجنونة تعشق ... المجانين !

الأكثر قراءة

زلزال قضائي: توقيف رياض سلامة... ماذا في المعلومات ولماذا الآن؟ الضغط الدولي غير كافٍ في احتواء إجرام نتنياهو تعزيزات الى الضفة الغربية... وخشية من تكرار سيناريو غزة