اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


قد لا يلاحظ الاهل ان طفلهم مصاب بالتأتأة الا عندما يصبح في سن يفترض فيها ان يتكلم بطلاقة. وغالبا ما يحارون في حل هذه المشكلة التي هي نفسية في معظم الاحيان.

التأتأة ليست دائما نتيجة خلل عضوي في اعضاء النطق بل غالبا ما تكون ذات اسباب نفسية تختلف من طفل الى اخر. وبشكل عام تعود التأتأة الى سببين نفسيين رئيسين.

- السبب الاول هو العدوانية المكبوتة، اي شعور الطفل بعدوانية قوية في داخله يخشى التعبير عنها خوفا من المحيط العائلي والاجتماعي حوله وفي هذه الحالة تكون التأتأة مظهرا من مظاهر هذا الكبت. فان كلمات الغضب والسخط التي كان يجب ان يطلقها تبقى على طرف لسانه. وهكذا تتوسع هذه الحالة لتشمل مجموعة الكلمات والتعابير التي يعتبرها الولد خطرة لانها تحمل معاني الغضب والغيظ.

- السبب الثاني قد يعود الى خوف الطفل من كشف سر عائلي معروف من قبل مجموع افراد العائلة، ولكنه يبقى موضوعا يحظر الحديث فيه. وهنا يخشى الطفل عدم قدرته على الاحتفاظ بالسر فيلجأ الى الكبت من جديد ويجد صعوبة في اخراج الكلمات من فمه.

العلاج في التأتأة كما في حالة صعوبة القراءة. كلما كان اكتشاف الحالة مبكرا كان علاجها اجدى واكثر فائدة. فالاطفال الذين يعانون من هذه المشكلة يملكون عادة مستوى ذكاء طبيعي. الا ان خشيتهم من سخرية الاخرين تجعلهم ينعزلون على انفسهم، كما ان صعوبة النطق لديهم تشكل عائقا امامهم بمنعهم في المدرسة مثلا من التعبير والمشاركة بشكل فعال. كما ان الشعور بهذه الاعاقة اضافة الى الخوف من السخرية وعدم القدرة على التعبير بشكل كاف قد يولد لديهم عقدا نفسية اخرى وشعورا بالنقص. لذا من واجب الاهل اللجوء الى معاونة نوعين من الاختصاصيين لمساعدة الطفل على التغلب على هذه المشكلىة. اولا اللجوء الى اختصاصي مقوم للنطق، وثانيا اللجوء الى طبيب نفسي قادر على تحديد الجذور النفسية للمشكلة. الاختصاصي المقوم للنطق يمكنه كما في حالة خلل القراءة ان يعمل على اعادة تأهيل الاعضاء الخاصة بالنطق مثل الاوتار الصوتية والحلق واللسان والتنفس وتشغيلها بشكل صحيح بغية اعطاء الولد التقنية الصحيحة للكلام اضافة الى استخدام التقنيات الصوتية الحديثة. ونجاح هذا الامر يعود بشكل كبير الى نوعية العلاقة التي تنشأ بين الاختصاص والطفل. فكلما كانت علاقة طيبة ويرتاح لها الطفل اتت النتائج افضل. وهنا من الواجب على الاهل متابعة استخدام هذه التقنيات في المنزل لتعويد الطفل بشكل اكبر عليها ليمتلكها بصورة تامة.

اما الاختصاصي النفسي فهو وحده القادر على ايجاد الاسباب النفسية للتأتأة وعلى مساعدة الطفل في الخروج من عزلته ومواجهة مشكلته دون خجل، كما يساعد من خلال تحديد الاسباب وشرحها للطفل بالتخلص من المشكلة.

وهنا لا بد للاهل من التغلب على معتقداتهم والاراء الشائعة واستشارة طبيب نفسي دون خوف او خجل لانه قد يكون الوحيد القادر على مساعدة طفلهم المصاب بالتأتأة، كما عليهم احاطة الطفل بالمحبة والحنان والتفهم وطمأنته حيث يشعر بانه مختلف، واعطاؤه الكثير من الثقة بالنفس عن طريق اسناد بعض المسؤوليات اليه وعدم معاملته بشكل مختلف عن اخوته، وبشكل خاص عدم ابداء نفاد الصبر تجاهه عندما يجد صعوبة في اخراج الكلمة، انما دفعه بشكل حازم، لكن حنون، الى التعبير بطريقة سليمة.

اخيرا يجب التنبيه الى ان التأتأة التي تختفي مع العلاج يمكن ان تعود للظهور نتيجة انفعال قوي او اضطراب او ضغط عصبي، عندئذ لا بد من العودة الى العلاج ولمدة محددة فقط.

الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران