اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
اميركا و«اسرائيل» في حيرة من امرهما بعد فشل جيش الاحتلال في تحقيق انجاز ميداني وعسكري بالتوغل البري في غزة، وعجزه عن استئصال حماس من القطاع رغم استدعاء حكومة العدو الاحتياط، وهم النخبة في جيشها، فضلا عن مرور اكثر من شهر على العدوان على غزة. وعليه، طلب رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو من الاميركيين مزيدا من الوقت لمواصلة العملية العسكرية بريا وجويا لعله يصل الى مكسب عسكري يطمئن به مواطنيه، في حين تميل الادارة الاميركية الى الخيار العسكري الديبلوماسي الذي يقضي بقصف اسرائيلي على مواقع في غزة، وفي الوقت ذاته تمرير فترة يتم فيها وقف اطلاق النار وحصول هدنة انسانية مؤقتة والتفاوض حول ملف الاسرى لدى حماس. وبمعنى اخر، تتمسك «اسرائيل» بالخيار العسكري لتحقيق اهدافها مصممة على اخراج حماس من غزة، في حين ان الولايات المتحدة الاميركية ترى ان اطالة الحرب في غزة دون نتيجة سريعة سيرفع احتمال اشتعال عدة جبهات، وهذا الامر ليس محبذا لدى الاميركيين. لذلك اميركا واسرائيل مربكتان بين الذهاب الى الخيار السياسي، اي المفاوضات وتحرير الرهائن وبين الابقاء على الخيار العسكري رغم تزايد خطورته وتداعياته في المنطقة.

فاذا بقيت الحال على ما هي عليه في غزة، من قتل ووحشية وابادة ينفذها جيش الاحتلال ضد الغزاويين، فان الامور ستتغير، وعندئذ ستتسع رقعة المعارك حيث ان انصار الله، اي الحوثيين في اليمن، اعلنوا الحرب على الكيان الصهيوني، وبدؤوا باطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه محيط غلاف غزة. كذلك الحشد الشعبي في العراق هاجم عدة مرات قواعد عسكرية اميركية موجودة على الاراضي العراقية. وامس استهدف القاعدة الاميركية في التنف في سوريا، الى جانب المعارك الحاصلة في مدن الضفة الغربية المحتلة، وقيام جيش العدو باكبر حملة اعتقالات قد تشعل الضفة كلها بمقاومة عنيفة. اما الاهم، فهو المعارك المتلاحقة التي يقوم بها حزب الله على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بتوجيه صواريخ ثقيلة على المستوطنات الاسرائيلية القريبة من الحدود، كما ضرب المراكز العسكرية الاسرائيلية على طول الحدود، معلنا انه نفذ هجوماً بثلاث مسيرات هجومية استهدفت إحداها ثكنة اسرائيلية. واستشهد سبعة مقاتلين من حزب الله بنيران اسرائيلية دون ان يحدد الحزب مكان او تاريخ استشهادهم. وتجدر الاشارة الى ان امين عام حزب الله يطل اليوم في ذكرى يوم الشهيد.

اما الجيش الاسرائيلي، فقد رد باستهداف المدنيين اللبنانيين وقتل صحافيين وعائلة مدنية بكاملها، اضافة الى قصفه امس المستشفى الحكومي في قرية ميس الجبل التي تقع على الحدود اللبنانية الفلسطينية. والخطر في الامر انه اذا استمر العدو الاسرائيلي باستهداف المدنيين والمستشفيات في الاراضي اللبنانية، فالمعارك قد تأخذ رقعة اكبر مما هي عليه.

انطلاقا من هذه المعطيات، الوقائع الميدانية تسبق تطلعات «اسرائيل» واميركا حيث الخيار العسكري ينذر بتداعيات خطرة»، وبالتالي سيتقدم الخيار السياسي شيئا فشيئا كمقاربة للصراع الحاصل اليوم بين حماس و «اسرائيل»، وفقا لمصدر ديبلوماسي.

وبموازاة ذلك، تنعقد اليوم القمة العربية في الرياض التي ستتناول الهدنة الانسانية المؤقتة في قطاع غزة. كما ستنعقد القمة الاسلامية غدا في العاصمة السعودية ايضا لبحث العدوان الاسرائيلي على غزة. ولكن يبدو ان معظم القادة العرب لن يساندوا الشعب الفلسطيني بمواقف واجراءات تضغط على «اسرائيل» لتوقف حربها، بما ان عدد الشهداء الفلسطينيين وصل الى أكثر من 12 الفا، ومن بينهم 4 الاف طفل في غضون اسابيع. ولذلك ستنتهي هاتان القمتان ببيان يحث على الهدنة الانسانية لفترة وجيزة، عبر التنديد والاعراب عن القلق حيال ما يفعله الكيان الصهيوني في غزة.

كتائب القسام تجبر جيش الاحتلال على التراجع من مواقع في غزة

من جهتها، تواصل كتائب القسام تصديها لجيش الاحتلال في غزة مكبدة اياه خسائر جمة بالارواح والعتاد. وتبين ان توغل جيش العدو البري هو مواجهة تتمناها حماس، والوقائع على الارض اثبتت ذلك. بيد ان المقاومة الفلسطينية اجبرت جنود الاحتلال على التراجع من مواقع في غزة، بعد توجيه ضربة قاسية لهم.

اما «اسرائيل»، فقد اعتبرت ان جنودها قادرون على السيطرة على القطاع خلال اسابيع واستئصال حماس منها، في حين ان اليوم يقول رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو ان هناك اهدافا للحرب على غزة، ولكن دون جدول زمني لان الامور قد تستغرق وقتا اطول. وكلام نتنياهو يؤكد ان «اسرائيل» غير قادرة على ايقاف الحرب ولا على حسمها، ما يشير الى ان الدولة العبرية منيت بخسارة عدد كبير من جنودها، حتى لجؤها الى استدعاء الاحتياط لم يأت بالنتيجة التي توقعتها.

تهديد هوكشتاين بـ «النفط والغاز» اللبناني

في سياق متصل، كشفت مصادر مطلعة للديار ان زيارة الموفد الاميركي اموس هوكشتاين لها هدف واحد، وهو الحصول على تطمين بأن حزب الله لن يوسع عملياته العسكرية اكثر مما هي عليه حاليا. واستخدم هوكشتاين الثروة النفطية في المربعات اللبنانية ورقة تهديد مقابل منع التصعيد جنوبا حيث قال للمسؤولين اللبنانيين: «اقتصادكم مدمر... واميركا قادرة على التأثير في الشركات الغربية وغيرها بعدم استكمال اي نشاط له علاقة بالتنقيب واستخراج النفط والغاز في المساحة البحرية اللبنانية، في حال صعد حزب الله من وتيرة القتال جنوبا ضد الجيش الاسرائيلي اكثر من الوضع القائم الان».

وتابعت هذه المصادر ان هوكشتاين كان يتوقع ان يأتيه جواب على ما قاله للمسؤولين اللبنانيين. ولكن طبعا لم يحصل هوكشتاين على جواب.

التمديد للقائد جوزاف عون او تعيين المجلس العسكري؟

اما في الداخل اللبناني، فان كتلة الوفاء والمقاومة تتقصد اتباع سياسة الغموض البناء حيال التمديد لقائد الجيش او التعيين في المؤسسة العسكرية. وقال مصدر مقرب من حزب الله، ان المقاومة لا تريد ان تختلف مع حلفائها المسيحيين حيال ملف قيادة الجيش، حيث ان التيار الوطني الحر رافض لفكرة التمديد للقائد جوزاف عون، والموقف ذاته اتخذه تيار المردة.

في المقابل، قالت مصادر القوات اللبنانية لـ «الديار» ان التمديد لقائد الجيش ليس مسألة تشريع كلاسيكية، انما خطوة ترتقي الى مستوى الحفاظ على الامن القومي، وسط حرب في غزة وتداخل جهات اخرى فيها وانهيار مالي في لبنان، فمن البديهي ان يتم التمديد لقائد الجيش. واضافت المصادر القواتية ان المس بتراتبية قيادة الجيش امر خطر، فهي المؤسسة الوحيدة التي لا يجب ان تشهد هذا الامر، ومن ثم ان رئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يستطيع تعيين قائد جيش جديد، وبالتالي هناك تغييب لدور رئيس الجمهورية.