اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مَن يَعرف اليمن جيداً، ير أن كل ما يفعله من أجل فلسطين أمراً طبيعاً يتناسب مع طبيعة شعبه ودوره في المنطقة، خاصة وأن كل الحروب التي خيضت سابقاً ضد أنصار الله، وصولاً الى الحرب الأخيرة عام ٢٠١٥ ، التي لم تنتهِ بعد والتي أعلنها السفير السعودي من واشنطن، كان سببها رفع شعار "الموت لأميركا".. "الموت لإسرائيل".. هذا الشعار الديني والعقائدي بالنسبة لأهل اليمن.

بديهياً وخاصة بعد الحرب عليه، أن ينحاز اليمن الى شبيهته فلسطين بكل ما تُعانيه من ظلم وقتل أبرياء وأطفال واستهداف مستشفيات.. إنحياز الى المستضعفين في مواجهة المستكبرين وفكرة الغرب وقهره للروح الإنسانية في مواجهة أن يكون للإنسان الحق بأن يكون.

اللافت أن اليمن أول دولة عربية منذ عام ١٩٧٣ تقول أريد أن أقاتل "إسرائيل" وتفعل ذلك، والأهم أنها بعد سنوات الحرب باتت تمتلك إمكانات وقدرات كبيرة يعرفها "الإسرائيلي" جيداً، فالعدو يعلم أن لدى أنصار الله طائرات مسيّرة تصل لـ ٢٥٠٠ كلم وصواريخ بالستية تتجاوز ٢٠٠٠ كلم، وهذا ما يعرفه الأميركي أيضاً، لذا يقف حائراً أمامهم، ويسأل نفسه ما الذي يريد أن يفعله في اليمن أكثر مما فعل؟!..

9 سنوات من حرب أبرز عناوينها أن في عمق استراتيجية وتفكير اليمن السياسي والأمني أنه سيُقاتل الى جانب الشعب الفلسطيني وأثبتت الأيام أن الهدف كان حرمان فلسطين من سند استراتيجي، خاصة لمن يعرف ماذا يعني البحر الأحمر بالنسبة للكيان؟؟..

فالسيطرة اليمنية على سفينة "إسرائيلية"، يُعتبر حدثاً ذا طبيعة استراتيجية نظراً لتأثيره في مستقبل فلسطين والمنطقة، لأن البحر الأحمر تمر فيه ٤٠% من التجارة العالمية، ومن الطبيعي أن تتأثر بالأحداث الجارية، وميزة ما حصل الآن هو خروجه للمرة الأولى عن سيطرة أميركا وأوروبا، وبتنفيذ اليمن تهديده بالقيام بعملية عسكرية في البحر الأحمر سيطر خلالها على سفينة "إسرائيلية"، اقتادها إلى الساحل اليمني يكون أعلن فيها عملياً سيطرة محور المقاومة عليه، ما يعني أن يد المحور أصبحت العليا في أهم مضيقيْن للتجارة العالمية والمواد والسلع التجارية كالنفط والغاز والتبادلات بين أوروبا وآسيا.

أهمية هذه العملية، أنها وضعت التهديد موضع التنفيذ، وبالتالي مِن شأنها أن تستعجل ضغوطاً دولية على "إسرائيل" من أجل وقف العدوان على غزة. فاليمني بدأ بـ "الإسرائيلي" وأنذر حلفاءه بحيث للأوروبي مصالح اقتصادية وللأميركي، إضافة للمصالح الإقتصادية انتشاره العسكري.

فالإسرائيلي ومعه الأميركي والغرب وبعض العرب ليس لديهم ما يفعلونه مع اليمن، فهُم يقفون عاجزين أمامه، وبخاصة أنهم سبق واعتدوا عليه ودمّروا البنى التحتية وارتكبوا المجازر بشعبه، فما الذي سيفعلونه أكثر؟ بينما بالمقابل يستطيع اليمن اليوم أن يفرض شروطه لنُصرة غزة وفك الحصار عن اليمن ومحور المقاومة، وبالتالي إسقاط حرب الحصارات والعقوبات.

"إسرائيل" التي تَعتبر اليمن شأناً أميركياً، اعتبرت أن الخطوة اليمنية هي كتحد جوهري لها وتُمثِّل تهديداً لأحد أهم المنافذ البحرية، وهذا له تداعيات اقتصادية كبيرة على الكيان ليس فقط كمورد إقتصادي لا يُمكن للإحتلال الإستغناء عنه، إنما بالبُعد المتعلِّق بفتح الجبهة التي ستُضاعِف الخسائر الإقتصادية، من أعباء الحرب المباشِرة، كتكاليف عسكرية وتعويضات ونازحين، كل ذلك يزيد الأعباء على الكيان ويجعل خسائره الإقتصادية كبيرة جداً..

من هنا، يمكن القول ان يصبح البحر الأحمر مسرح حرب ويدخل دائرة الإشتباك، نكون بذلك أمام الحدث الكبير الذي يتم من خلاله إستكمال دائرة محاصرة "الإسرائيلي" ومن خلفه الأميركي والغرب واستنزافهم عسكرياً واقتصادياً، مما يجعلهم لا يحتملون حرباً طويلة، وهذا ما يزيد من إرباك العدو الذي بدأ يتحدّث عن مراحل لاحقة، وهو لم يُحقِّق أي إنجاز بمراحل سابقة. فالمقاومة الفلسطينية لا زالت تمتلك كل إمكاناتها للاستمرار في القتال، وبذلك لن يكون هناك أي أفق للعمل العسكري الصهيوني، فمقابل المأزق "الإسرائيلي"- الأميركي، نجد أن محور المقاومة بات يُباغِت بعد أن كان يُباغَت ويُبدِع بعد أن كان يتلقّى الضربات، والأهم أن تناغمه بات واضحاً لإرهاق العدو وتضييق هوامشه والحفاظ على مركزية المعركة داخل فلسطين.

الأكثر قراءة

العثور على 6 جثث لأسرى لدى حماس مقتولين يُحدث زلزالاً في «إسرائيل» الشارع يتحرّك ضدّ حكومة نتانياهو... ونقابة العمّال تعلن الإضراب الشامل