اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تنعكس الظروف المحيطة على الانسان بكافة نواحي حياته الاجتماعية والثقافية والحضارية، ومن المحتمل ان تسبب له اذى معنويا وماديا، بسبب الانتهاكات في حالات النزاع وانعدام الامن، الذي يؤدي بدوره الى المزيد من الاضطرابات وتقويض التنمية المستدامة. لذلك تساهم مقاربات السلامة القائمة على حقوق الانسان في الاستفادة من ذلك بما يحقق امن ثابت. إشارة الى ان التزام أطراف الصراعات والجهات الفاعلة في عمليات السلام بشكل أكبر بالقانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي، يؤمن حماية أفضل للمدنيين.

بالموازاة، يتفاعل كل شخص مع الاحداث التي تجري حاليا في قطاع غزة بشكل مختلف تجاه مشاهد القتل والدمار القاسيين، وأيضا ازاء الأوضاع الأمنية في المناطق الجنوبية اللبنانية، وتلويح العدو بشن حرب قد تدمر لبنان. فالوضع الامني بات محط اهتمام الكبار والصغار والجميع يكترث للأمان، الذي يأتي في مقدمة الحاجات الإنسانية. لذلك يتولد احتياج نفسي ملحّ لدى الفرد يُترجم بالحاجة الى الشعور بالاستقرار.

وفي هذا الإطار، قالت الاختصاصية النفسية غنوة يونس لـ "الديار" ان "الاسقاط او ما يعرف بـ PROJECTION هو حيلة دفاعية من الحيل النفسية اللاشعورية، وعملية هجومية يحمي الفرد بها نفسه بإلصاق عيوبه ورغباته المحرمة بالآخرين، لان ما يحصل في فلسطين قد يصبح كالهاجس الذي يجتاح تفكير الشخص". اضافت "تنبثق مشاعر الخوف والتوتر والقلق، وقد ينعزل الفرد فتكبر الحاجة الى التواصل الاجتماعي والدعم العاطفي".

تشوهات معرفية تتحكم

بتقييمنا للأحداث الراهنة

وتابعت "يعتمد الاسقاط على الادراك الداخلي للخطأ والصواب، وبالتالي لا يمكن استخدامه كوسيلة دفاع، حتى ينمي الفرد وعيه اثناء فترة منتصف الطفولة. وقد بينت الدراسات ان الأطفال هم الأكثر ميلا لاستعمال الاسقاط كآلية دفاع في مرحلة المراهقة المبكرة والمتوسطة، ويعتمدونها بشكل اقل في الفترات المتأخرة من المراهقة، ويبدأ هؤلاء بتوظيف آليات دفاع أكثر تقدما مثل التماهي، حيث يستوعب الشخص ويتمثل بسلوك شخص آخر، ومن هذه العيوب:

- التعميم الزائد: مثل حدوث مصادفة او اثنتين يعتبر ممثلاً لمواقف مشابهة، سواء كانت ترتبط بها حقيقة ام لا.

- التجريد الانتقائي: وفيه يتم استيعاب المعلومات خارج سياقها، فيلحظ الفرد تفاصيل محددة ويتجاهل معلومات أخرى مهمة. لذلك تنظيم الافكار يؤثر في مشاعرنا حيال الاحداث والمواقف التي نمر بها".

أضافت "تتسم الحالة النفسية بالقلق والتوتر بسبب الغموض والتحديات الكبرى، فلا أحد يعلم ما الذي سيحصل في ظل هذه التهديدات والاعتداءات اليومية على ارض الوطن والخوف من امتدادها أكثر. لذلك فان استيعاب هذا الوضع وتقديم معلومات واضحة مهم جدا، للمساهمة في تهدئة هذا الوسواس".

واشارت الى انه  "يجب توطيد المرونة النفسية للأفراد خلال الأزمات لمواجهة العوائق والظروف الصعبة. وهذا يشمل تدعيم القدرة على التكيف مع تغيرات البيئة، وتقبّل الوضع على الرغم من الصعوبات والضغوطات والتوترات النفسية، لذلك من الجيد القيام بالاتي:

1- التطوير الذاتي: إذا أراد الفرد ان يكتسب مرونة أكثر فعليه التواصل مع الآخرين، من خلال بناء علاقات إيجابية وقوية مع الأحباء والأصدقاء، وسيحصل على ما يريد من دعم وتوجيه وقبول في أسعد أوقاته وأصعبها على حد سواء. كما يمكنه تأسيس أنواع تواصل مهمة أخرى عن طريق التطوع أو الانضمام إلى إحدى المجموعات الدينية أو الروحانية.

2- الأدوات والتقنيات: يمكن استعمال المهارات كعملية دينامية مستمرة، يقوم بها الفرد مستهدفا تغيير سلوكه، ليحدث علاقة أكثر توافقا بينه وبين نفسه من جهة ومحيطه من جهة أخرى. وهذا المفهوم البيولوجي استخدم في نظرية التطور والبقاء، فالكائن الحي القادر على التكيف مع البيئة ومفاجآتها، يستطيع الاستمرار في البقاء، أما الذي يخفق في التكيف فمصيره إلى الزوال، وتشمل الحالة كل المؤثرات في هيئة معينة، فالتفكير الإيجابي لمواجهة المسائل يحتاج الى تمرين ومتابعة.

3- المرونة العقلية: هي القدرة على التبدل بسرعة من خلال التعلم، والتأقلم مع المتغيرات بسلاسة للتكيف مع المواقف المختلفة، وتطوير اساليب الاستجابة للتحول والتعود من خلال استغلال الفرص المتاحة بشكل أفضل.

4- المساعدة النفسية: وتتمثل بتشجيع البحث عن المؤازرة الاحترافية عند الحاجة لمواجهة التحديات النفسية.

5- توطيد المرونة النفسية يمكن أن يسهم في إعادة بناء التكامل، الذي يساعد الأفراد على تجاوز الصعوبات".

كيف تؤثر الأفكار

في المشاعر والسلوك!

وعن تأثير الأفكار في المشاعر والسلوك، قالت يونس: "في كثير من الأحيان، عندما تمضي بنا الأيام في الحياة، فإننا نشعر بالعواطف ونتفاعل مع السلوكيات القائمة عليها، دون أن نكون على دراية سليمة بالعملية الكاملة لما يجري. وللتعرف الى ما يحصل داخلنا سأتطرق الى مثلث المعرفة والادراك ويشمل:

- الأفكار: تمثل المعتقدات التي يحملها الفرد وتؤثر في المشاعر والسلوك.

- المشاعر: تعبّر عن الحالة العاطفية للفرد، وتتأرجح ما بين الفرح والحب والحزن.

- السلوك: يمثل التصرفات والأفعال التي يقوم بها الفرد".

وختمت يونس "هذا المثلث يُظهر الترابط الوثيق بين الأفكار والمشاعر والسلوك، حيث يؤثر كل عنصر في الآخر، وتحقيق التوازن بينهم يسهم في التنظيم النفسي والاستقرار العاطفي. كما ان التحكم في الأفكار يتطلب توجيه الانتباه وترتيب العقل بشكل فعّال، لأنه يؤثر في مشاعرنا، وبالتالي سلوكنا ما هو الا رد فعل على هذه الافكار والمشاعر".


الأكثر قراءة

ملف الرئاسة: اللجنة الخماسية تحشر نفسها بالوقت فهل تنعى مهمتها في آخر أيار؟ قطر تجدد مساعيها من دون أسماء وجنبلاط الى الدوحة اليوم بدعوة رسمية جبهة الجنوب مرشحة للتصعيد... ومفاجآت حزب الله تنتظر العدو