اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لأول مرة نزلت شعوب أوطان العالم الى الشوارع معلنة تضامنها مع فلسطين وغزة، لأول مرة نرى جموع الناس مجتمعة أمام الكونغرس الأميركي تطالب بوقف الحرب، وتتهم العدو بارتكاب مجازر القتل والدمار وتطالب أميركا بوقف الامدادات العسكرية لجيش ودولة العدو وتجبره على وقف العدوان على غزة.

لأول مرة منذ اغتصب الصهاينة اليهود فلسطين يتظاهر في شوارع لندن أكثر من مليون متظاهر يطالبون بوقف الحرب، ومثلهم في كندا وألمانيا، جميع الدول من أصغرها في رأس الخيمة الى الولايات المتحدة والصين واليابان يطالبون بوقف مجزرة قتل الأطفال والشيوخ والنساء في فلسطين؟

الشعوب كلها تقول يجب وقف الحرب والأنظمة تقول سرا وعلنا خجلا ووقاحة لا لوقف النار قبل تغيير وجه غزة والقضاء على المقاومة وتعديل خريطة فلسطين بما يتناسب مع المزاج الضهيوني.

هل هي الهوة التي اتسعت بين الأنظمة والشعوب أو أن ما يحصل صحوة دقائق وبعدها يعود الحال الى حاله وينتهي فعل خمرة الدم المنهمر في فلسطين كشلالات نياغرا، نعم دم الفلسطينيين جميل لأنه يروي التراب الذي سيصبح طينا يبني فلسطين لوحة أجمل ما كانت.

نحن مصابون حسب اللغة العربية بما يسمى بالطباق وعلى طريقة قصيدة الشاعر الأخطل الصغير ، يبكي ويضحك لا حزنا ولا

نفرح لهذا التضامن الكبير، أو نحزن فالمجزرة تفوق الخيال وتُنذر بخطر لم يسبق له مثيل، ونخاف أن يكون مصيرنا كما قال شاعر العصر الأموي ذو الرمة في ديوانه:

وما يرجع الوجد الزمان الذي مضى ولا للفتى من دمنة الدار مجزع

عشية ما لي حيلة غير أنني بلقط الحصى والخط في التراب مولع

أخط وأمحو الخط ثم أعيده بكفي والغربان في الدار وقع .

أطلال غزة لا تقاس بأطلال العرب منذ صاروا عشائر وقبائل تغزوا بعضها، ولا تشبه ما فعلته الحروب في الشعوب من بعد ظهور السيد المسيح ومن ثم الرسول محمد، أنها إبادة للبشر والحجر، العدو يريد غزة أرضا غير صالحة للزراعة ولا السكن، لذلك لكي يتوقف عن الحرب يحتاج الى عمل بحجم ما يريد عسكريا و شعبيا.

حتى اللحظة ما زالت الأنظمة منتصرة على الشعوب، وما زالت الأنظمة تمارس عهرها مطمئنة البال، لا تخاف طالما غاية المظاهرات وقف الحرب وإدانة دولة العدو فقط، وهذه شعارات لا تُصرف في أسواق التغييرات الكبيرة .

لم ولن تمنع كل المظاهرات الولايات المتحدة من الاستمرار في تزويد دولة العدو بكل متطلبات الحرب وأحيانا كثيرة بفائض عما تتطلبه المعركة، ولم تمنع الدولة الفرنسية من أن تسن قانونا يعاقب بالسجن ودفع الغرامة المالية لكل من يسيء لدولة العدو بينما مسامح من يسيء الى الدولة الفرنسية ولم تمنع المانيا من معاقبة فنانا صينيا عالميا بإلغاء معارضه في أكثر من مكان لأنه تحدث عن عقدة الذنب الألمانية اتجاه اليهود .

غريب عجيب أمر هذا الغرب الذي ما برحت أنظمته تعيش زمن القرون الوسطى وزمن حروب الإلغاء التي كانت تمارسها شعوبه، زمن الحروب التي لا تنتهي، وهي تتعامل معنا على خلفية الإبادة وليس الدليل ما تفعله الآن فقط بل الدليل ما فعلته منذ بدأت تجميع يهود العالم ورميهم في آتون نار فلسطين .

نحن نأمل أن يكون دمنا في فلسطين أيقظ مشاعر الإنسانية في نفوس الشعوب الغربية والولايات المتحدة الأميركية، وعلى أمل أن يتبلور أكثر هذا الشعور الإنساني قينتقل من الدفع للإدانة الى المطالبة بتغيير الأنطمة وسياسات الدول .

يجب أن نقولها بالصوت العالي ما نفعنا إذا تغير العالم بعد موتنا، نحن لا نريد ان يتغير العالم على حساب حياتنا، لأننا نحن ونحن فقط من يمتلك النظرة الجديدة الى الحياة والكون والفن التي تنقل هذا العالم الذي يقوم على قاعدة عيش السمك في البحار، الى عالم القيم الإنسانية والأخلاقية والى نظام الديموقراطية التعبيرية .

نحن نرفض ان نموت ليحيا العالم، ولن نموت ولنا من إنطاكية وصور والقدس عبرة .

نحن لسنا اسبارطة وهم ليسوا أثينا .

نحن لسنا الهنود الحمر وهم ليسوا الرجل الأبيض .

نحن أبناء الحياة التي لا تموت وهم أبناء المزيج غير الراقي.

نحن لا نراهن على شعوب العالم من أجلنا نحن نراهن على هذه الشعوب من أجل مصالحها ومن أجل الارتقاء في قيمها الإنسانية والأخلاقية .

نحن نراهن على قوتنا ، على إرادة الحياة فينا، على حب الموت متى كان الموت طريقا الى الحياة ، نحن نعلم أنه ليس لنا نصيرا إلا بقدر ما له مصالح في بلادنا ونعلم أيضا أننا إذا لم نكن أقوياء فمصالح الأصدقاء في بلادنا ستزداد .

حالنا كحال قصيدة الأخطل الصغير يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرح لكننا نردد مع الشاعر أبو القاسم الشابي إذا الشعب أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر .

غزة تريد الحياة، فلسطين تريد الحياة، أمتنا تريد الحياة فلا بد من أن يستجيب القدر .

نحن موقنون أن الجعجعة في بلادنا ستهر طحينا ونأمل أن يكون لجعجعة العالم طحين نراه .


الأكثر قراءة

واشنطن تريد رئيسا بين تموز وايلول وكلمة السر بين بري وهوكشتاين جلسة «النازحين»: العبرة بالتنفيذ وتجاهل الهبة وتوصية من 9 نقاط مفاوضات القاهرة فشلت والمقاومة تدك القواعد العسكرية بعشرات الصواريخ