اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في تطور سياسي بارز اعلنت موسكو على لسان النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي، عن استعدادها لاجراء مفاوضات حقيقية مع كييف تراعي مصالحها، تزامنا مع تقارير صحافية تحدثت عن ضغوط اميركية – المانية لاجبار زيلينسكي على التفاوض مع موسكو.

في غضون ذلك، تستمر المعارك على الجبهات، حيث اعلن الجيش الروسي تصديه لهجوم واسع بالمسيرات، فيما اكدت كييف ان قواتها تعمل على تحصين وتعزيز مواقعها على نهر ديبرو، بعد التقدم الذي حققته خلال الفترة الماضية.

فقد اعلن النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع والأمن بمجلس الاتحاد الروسي، فيكتور بونداريف، إن روسيا مهتمة بإجراء مفاوضات حقيقية مع أوكرانيا، تأخذ في الاعتبار المصالح الروسية بشكل كامل. وكتب بونداريف في قناته على «تيليغرام»: «نحن مهتمون بمفاوضات حقيقية (مع أوكرانيا)، على أن تأخذ في الاعتبار مصالح روسيا بالكامل ... صوت العقل سينتصر في النهاية، وأنا أعلم ذلك بالتأكيد».

وشدد على أن روسيا لطالما دعت إلى مفاوضات السلام، لكن كييف تخربها إرضاء للولايات المتحدة، مضيفا:  «نحن لا نريد أن يعاني الأوكرانيون، ولكن إلى أن يقوموا بأنفسهم بدور نشط في الإطاحة بالزمرة العسكرية (في كييف)، سيظلون ضحايا صامتين وسلبيين للمأساة الأوكرانية التي بدأت من الخارج، وغذتها القومية الأوكرانية لتحول أوكرانيا إلى دولة معادية لروسيا».

وفي وقت سابق ذكرت وكالة «بلومبرغ» أن المزيد والمزيد من الأوكرانيين يدعمون فكرة أن تقدم أوكرانيا تنازلات إقليمية لتحقيق السلام مع روسيا.

وفي الوقت نفسه، لم تستبعد الوكالة أن يكون الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي لا يفكر بعد في استراتيجية مفاوضات السلام.

وقد أشار الممثلون الروس على مختلف المستويات مرارا وتكرارا إلى أن جميع أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا سوف تتحقق، وأنه كلما أسرعت أوكرانيا في فهم أنه لا توجد فرصة لتحقيق النجاح في ساحة المعركة، فتحت بعض الآفاق لحل الأزمة بشكل أسرع.

الى ذلك، كشفت صحيفة «بيلد» الألمانية أن الولايات المتحدة وألمانيا تريدان إجبار الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي على التفاوض مع روسيا، دون إقناعه بذلك بشكل مباشر. وأفادت الصحيفة نقلا مصادر في دوائر الحكومة الألمانية أن واشنطن وبرلين تعملان بشكل غير مباشر على إجبار زيلينسكي على التفاوض، وذلك من خلال تزويده فقط بالأسلحة الضرورية للحفاظ على الجبهة الحالية.

وأشارت في تقريرها إلى أن «الخطة الألمانية الأميركية تتمثل في تزويد كييف باسلحة معينة وبالكميات التي من شأنها أن تسمح للجيش الأوكراني بالحفاظ على الوضع الحالي في الجبهة، لكنه لن يتمكن من استعادة الأراضي التي فقدها».

وقال مصدر للصحيفة إن «زيلينسكي نفسه يجب أن يفهم أن هذا لا يمكن أن يستمر ... بدون مطالب من الخارج، يجب عليه بمحض إرادته أن يتوجه إلى الأمة ويشرح لهم ضرورة إجراء المفاوضات».

وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة وألمانيا هما أكبر مزودي كييف بالأسلحة، مضيفة أن الوضع على الجبهة بالنسبة لأوكرانيا «قاتم»، وأن «القوات الروسية تتقدم، وإن كان ببطء».

وبحسب الصحيفة، فإن الهدف الرئيسي للحكومة الألمانية الآن هو مساعدة السلطات في كييف على اتخاذ «موقف تفاوضي مفيد استراتيجيا».

في غضون ذلك قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبستريت إن أوكرانيا هي التي تقرر كيفية إدارة النزاع مع روسيا، وأن ألمانيا لا تقدم لها المشورة. وأضاف: نحن لا نقدم المشورة لأوكرانيا، وهي تعرف كيف تدير النزاع مع روسيا دون الحاجة لتلقي نصائح جانبية.

وسئل هيبستريت عن موقف ألمانيا مما قاله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أشار إلى أن ما يحدث في أوكرانيا إنما هو مأساة بلا شك، لذا يتوجب البحث عن سبل لوقفها في أسرع وقت ممكن. وفي رده استشهد بما قاله المستشار الألماني أولاف شولتس في 22 تشرين الثاني، حين اشترط «سحب القوات» وبعد ذلك «يمكن الحديث عن السلام».

ميدانيا أعلنت روسيا تصديها لهجوم واسع بالمسيّرات على شبه جزيرة القرم ، في وقت قالت أوكرانيا إنها تحاول دحر القوات الروسية عن ضفاف نهر دنيبرو في خيرسون جنوبا.

ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الدفاع قولها إن الدفاعات الصاروخية أسقطت 13 طائرة مسيرة أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم و3 طائرات أخرى فوق منطقة فولغوغراد (جنوب روسيا) في الساعات الأولى من صباح أمس.

وتعلن روسيا بشكل شبه يومي عن تصديها لهجمات بالمسيّرات من جانب أوكرانيا تستهدف مدنها -ومن بينها العاصمة موسكو- وكذلك شبه جزيرة القرم الإستراتيجية التي ضمتها روسيا عام 2014.

هجمات روسية

وعلى الجانب الآخر، أعلن مسؤولون أوكرانيون أمس الخميس مقتل 5 أشخاص على الأقل في عمليات قصف روسية على جنوب أوكرانيا وشرقها خلال الـ 24 ساعة الماضية.

وتتعرض بلدات ومدن أوكرانية قريبة من خطوط المواجهة إلى قصف مدفعي منذ بدء الهجوم الروسي في شباط 2022.

وقال أندريه يرماك مدير مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن 3 أشخاص قتلوا في هجوم على تشيرنوبايفكا بمنطقة خيرسون جنوبي البلاد أمس الخميس.

وقال وزير الداخلية إيغور كليمينكو إن 5 آخرين أصيبوا ودمر 60 مبنى.

من جهته، أعلن الجيش الأوكراني أنه يحاول دحر القوات الروسية عن ضفاف نهر دنيبرو، وهو خط المواجهة الفعلي في منطقة خيرسون، لحماية البلدات الأوكرانية من نيران المدفعية الروسية.

وأكدت أوكرانيا أنها تمكنت من إجبار الجيش الروسي على التراجع عدة كيلومترات في هذه المنطقة ضمن مكاسب تتحدث عنها لهجوم مضاد أطلقته قبل أشهر، وهو ما تنفيه موسكو.

وتخلت القوات الروسية عن مدينة خيرسون مركز المقاطعة -التي تحمل الاسم ذاته- وكذلك الضفة الغربية لنهر دنيبرو أواخر العام الماضي، لكنها الآن تقصف هاتين المنطقتين بشكل منتظم من مواقع على الضفة الشرقية.

من جانبه، قال حاكم منطقة دونيتسك شرقي أوكرانيا إيغور موروز إن شخصين آخرين قتلا جراء قصف على المناطق التي تسيطر عليها أوكرانيا في دونيتسك خلال الـ 24 ساعة الماضية.

مدينة أفدييفكا

وقال مسؤول أوكراني كبير إن القوات الأوكرانية أحبطت هجمات روسية متواصلة على مدينة أفدييفكا في شرق البلاد.

ومن خلال تحركات محدودة على طول جبهة المواجهة -التي تمتد لألف كيلومتر- ركزت موسكو منذ منتصف تشرين الأول الماضي على السيطرة على مدينة أفدييفكا المشهورة بمصنع فحم الكوك الضخم وقربها من مركز دونيتسك الإقليمي الذي تسيطر عليه روسيا. وقال فيتالي باراباش رئيس الإدارة العسكرية في أفدييفكا إن القوات الروسية أطلقت هجمات هي «الأشد ضراوة» على المدينة المدمرة، حيث لا يزال هناك أقل من 1400 شخص من أصل سكانها الذي كان يبلغ عددهم 32 ألفا قبل الحرب.

وأشار إلى أنه تم إجلاء 102 من السكان - وهو «رقم قياسي»- الأسبوع الماضي عبر الطريق الوحيد للخروج من المدينة.

والمدينة محمية بتحصينات أقيمت بعد أن سيطر عليها انفصاليون موالون لروسيا لفترة وجيزة في عام 2014.

ونادرا ما تذكر روسيا مدينة أفدييفكا في حديثها عن القتال، وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس الخميس إن القوات الروسية أصابت وحدات أوكرانية جنوب منطقة دونيتسك.

وتركز القوات الروسية على الشرق منذ فشل محاولتها الأولية للتقدم نحو كييف، وهي تسيطر على أقل من 20% من الأراضي الأوكرانية.

ومنذ شباط 2022 يستمر الصراع بين روسيا وأوكرانيا المدعومة من حلفاء غربيين -على رأسهم الولايات المتحدة- وخلّف حتى اليوم آلاف القتلى والجرحى من الجانبين، وبينما يتبادل الطرفان الهجمات بشكل شبه يومي لم تنجح أي من المبادرات التي طرحت في جلوسهما الى طاولة المفاوضات لإنهاء الحرب.